السعودية: غلاء الأسعار والتوجه الاستهلاكي ينشطان سوق بطاقات التخفيض

وسط تحذيرات من شركات احتيال تقدم عروضا وهمية ووعودا غير حقيقية

مدير إحدى شركات التخفيضات يملأ استمارة عميل («الشرق الأوسط»)
TT

كارت صغير بحجم بطاقة الصراف، تحول بعد أزمة غلاء الأسعار التي طالت السعودية بعد جولتها في كل بلدان العالم إلى مصباح علاء الدين السحري، يتشبث به رب الأسرة في محلات السوبرماركت والمطاعم، والمتنزهات والمراكز الترفيهية ليوازن حجم الضرر الواقع على حافظة نقوده.

الكارت السحري هو تجارة رابحة نشطت كثيراً أخيراً، ربما بسبب زيادة التوجه الاستهلاكي، او بسبب الضغط الذي يسببه الغلاء، كما يقول العملاء الذين يقبلون على الاستعانة بخدمات هذا الكارت، مقابل رسم سنوي معقول نظير التخفيضات التي يوفرها، إلا أن السمعة الحسنة للكارت المسعف التي ذاع صيتها عبر مندوبي ومندوبات الإعلان، وإعلانات الصحف بدأت بالتلوث بعد أن دخلت إلى السوق شركات تبيع وعوداً زائفة تقبض ثمن التوفير ولا تقدمه مطلقاً.

سمير أبو ديب، المدير التنفيذي لشركة جورميه جدة، عضو شركات جورميه العالمية، وهي شركة تعمل في مجال إصدار بطاقات التخفيضات يقول «بدأنا في مجال بطاقات التخفيض منذ ما يقارب الـ 4 أعوام، وقررنا التخصص في مجال المطاعم والمقاهي التي تعتبر من أهم مراكز الترفيه الرئيسية في معظم الدول العربية، خدمتنا التي نقدمها هي عبارة عن بطاقة خصم واحدة لجميع عملائنا وتتيح لهم التمتع بنسبة خصم تتراوح من 10 إلى 25 بالمائة في الكثير من المطاعم والمقاهي الراقية، مقابل 190 ريالاً سنوياً، ويمكن أن تقل رسوم الخدمة بزيادة سنوات الاشتراك أو للمجموعات والشركات».

ويضيف أبو ديب «لدينا آلاف العملاء المتميزين في السعودية والقاهرة، وإقبالهم الكبير جعلنا نفكر في توسيع رقعة المناطق التي يمكن استخدام بطاقاتنا فيها إلى جانب جدة والقاهرة، لتشمل الرياض، دبي، عمان، وبيروت، وعددا آخر من المدن الأوروبية».

ويؤكد أبو ديب التزام شركته بتقديم الخصومات التي تعد بها بقوله: «نحن نقوم بإبرام عقود موقعة ومفتوحة مع كافة المطاعم والمقاهي الموجودة في لائحتنا، لتقديم الخصومات المحددة لمن يبرز بطاقتنا في أي من فروعها وفي الوقت نفسه فإن الفترات الوحيدة التي يتم تعطيل الخصم فيها في بعض المطاعم هي فترة الأعياد وهناك ما ينص على هذا الاستثناء في المطبوعات التي يوقع عليها المشترك».

وفي الوقت نفسه، يعتقد أبو ديب بأن هناك بعض الجهات التي تصدر بطاقات دون مصداقية وتعد عملاءها بخصومات كبيرة جداً وفي أماكن مختلفة تتضمن مشافي ومراكز ترفيه وتجميل وفنادق، وقرى سياحية ومطاعم ومحلات ألبسة وغيرها من الخدمات الاستهلاكية، ثم تتقاضى منهم الرسوم دون أن تتكبد مسؤولية تحقيق وعودها، وهو الأمر الذي يضع مندوبي ومندوبات الشركات التي تحظى بمصداقية في موقف حرج مع العميل الذي تعرض للخداع مسبقاً.

وبينما تحرص شركات على الالتزام بما تعد به عملاءها، يتهم عدد كبير من الاشخاص شركات اخرى بالاحتيال والنصب، بل ان قضايا شهيرة تدور رحاها في المحاكم السعودية على اثر اعتراض زبائن على عدم حصولهم على التخفيضات رغم دفعهم ما يتوجب عليهم تجاه تلك الكروت وهو ما يشير اليه علي بن صالح الزهراني، الذي اكد لـ«الشرق الأوسط» انه اشترى احدى بطاقات التخفيضات من بائع متجول يعمل لاحدى تلك الشركات، ويقول «بعد شرائها لم استطع الاستفادة منها بالشكل المطلوب لأن الاسعار التي تقدم لك كعميل تحمل بطاقة تخفيض تعطى قبل التخفيض العادي الذي تمنحه تلك الجهات لعملائها قبل الخصم، وبالتالي يحسب من القيمة الاساسية، فمثلا تشتري من احد المحلات، فانه لا يحسب سعر الخصم الذي يقدم لجميع الزبائن، بل يحسب لك السعر قبل الحسم».

ويستطرد «هناك شركات اسمع عنها تملك مصداقية في ذلك، لكن دخول شركات اخرى على الطريق وبصورة غير جيدة شكل هاجسا كبيرا للراغبين في الحصول على مثل هذه الخدمة».

مريم أحمد (25 عاماً) مندوبة مبيعات لبطاقات تخفيض خاصة بالمتنزهات والمنتجعات الترفيهية، بعد خبرة لا بأس بها في هذا المجال، أكدت أن المستهلك رب الأسرة خاصة من الطبقة المتوسطة هو الأكثر اهتماماً بالبطاقات التي تسوقها.

وتضيف «هناك شك لدى البعض، وأعتقد أنه مبرر جداً، كوني أنا نفسي قد وقعت في إشكالية العمل لصالح شركة لم تكن بالنزاهة التي تدعيها وأفلست آخر الأمر بعد أن استولت على أموال عملائها دون أن تمنحهم الوعود التي تسوقها عبر البطاقات ودون أن تمنحني راتب ثلاثة أشهر»، لكنها تعود لتؤكد بأن بطاقات التخفيض أسلوب تسويقي ناجح، تلجأ إليه الشركات لتنشيط مبيعاتها وهو يفيد المستهلك، خاصة في ظل الغلاء المتزايد في الخدمات، وهناك شعبية كبرى لهذه البطاقات آخذة في التزايد.

وأضاف أحد الزبائن «حاولت اكثر من مرة ان استأجر سيارة من احد المحلات وفشلت، ففي كل مرة كانت اجابة محل التأجير ان تلك الفئة المعينة مثلا من السيارات لا تدخل ضمن اتفاقيات البطاقة، وبالتالي فان هناك حججا كثيرة».

ويوضح «انني اكثر من مرة اخادع اصحاب المحلات فلا اخبرهم انني املك كارت تخفيض الا بعد ان احصل على الخصم الخاص الذي يحصل عليه أي عميل وبعدها اقوم باخراج البطاقة ومن هنا تبدأ الخلافات».

مدير عام الإدارة العامة لمكافحة الغش التجاري، الدكتور عبد العالي العبد العالي، من جانبه، اعتذر عن عدم الرد حول استفساراتنا بشأن حجم الشكاوى التي تصل إلى إدارته من بطاقات التخفيضات الوهمية، ودورها في القضاء على الشركات التي تسوق الوهم وتستفيد مادياً من الباحثين عن تخفيض، يساهم في حل جزء ولو كان يسيراً من مشكلة الغلاء.

وقال «للأسف التعليمات الصادرة إلينا من وزارة التجارة تمنعنا من التصريح مباشرة لوسائل الإعلام، يجب أن يكون رداً مكتوباً ومعتمداً من الوزارة، وبالتالي فإن المسألة معطلة لديهم بسبب الروتين».

واستطرد العبد العالي «الرد يخضع للمسؤول، أحياناً يتطلب أسبوعاً، وأحياناً يتطلب 10 أيام، وأحياناً لا يكون هناك رد إطلاقاً».