قبائل الباحة تواجه غلاء الأسعار ومشاكل الزواج بـ«اتفاقيات» صادقتها الإمارة

أبرزها منع التبذير وتخفيض المهور ومراقبة ملابس النساء وفرض غرامات لصالح مشاريع التنمية

الباحة تواجه قضايا الزواج بعادة «الشدة» القبلية («الشرق الأوسط»)
TT

وقفت قرى وهجر في جنوب السعودية في وجه ارتفاع الاسعار بعرف قبلي يدعى «الشدة» يحدد من خلاله المهور وحدودها، اضافة الى تحديد ما يقدمه العرسان في احتفالاتهم ونوعية الاحتفالات وفرض غرامات على المخالفين.

جاء ذلك إثر موجة الغلاء التي اجتاحت مستلزمات الزواج ابتداء من المهور مرورا بعقد النكاح وانتهاء بالاحتفال بالزواج في أحد القصور.

يقول الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الرقوش شيخ بني عامر في منطقة الباحة في حديث لـ«الشرق الأوسط» ان قبيلته اتفقت على أن يكون المهر للبنت أربعين الف ريال والثيب ثلاثين ألف ريال، وأن يكون عقد القران دون احتفال وإنما يقتصر على الأسرتين والمأذون وان تقتصر الدعوات على أقارب الزوج والزوجة دون دعوات لمن هم خارج الأسرتين.

واضاف، كما اتفقنا على أن تنتهي مراسم الزواج بليلة الفرح وإلغاء الليلة الثانية وتم الاتفاق على تقطيع الذبائح وعدم وضع ذبيحة كاملة على صحن واحد في المناسبة الخاصة بالزواج كما هي القعدان والأغنام حتى لا يعرف كم عدد الذبائح ولا يكون هناك تبذير او كلفة، منوها بالتزام الأهالي أدبيا بهذه الشروط التي كان لها الاثر البالغ في تسهيل الزواجات.

ورغم اختلاف وتباين الشروط من قرية الى اخرى ومن مكان الى اخر الا انها تصب في النهاية لصالح الشباب، حيث يقول سالم بن حمري معرف قرية الجادية في الباحة، اننا عقدنا شدة بمعناها القديم وهي اتفاقية بين الأهالي على تحديد المهر بين خمسين وثلاثين للبنت والثيب وعلى أن يقتصر عقد النكاح على اجتماع الأسرتين على قهوة وشاي وفاكهة في منزل العروس مع المأذون ومن ثم إعلان الزواج الذي يقتصر على ذبائح معدودة عشاء ليلة الزواج دون تقديم ما يسمونه باللطف الذي يقدم للضيوف عصرا.

ولكن اللافت في بعض الشروط التي فرضت هي مراقبة ملابس النساء باعتبار انها يجب ان تتناسب مع احترام المكان والعادات والدين حيث يقول بن حمري: انه تم الاتفاق على أن تتم مراقبة لباس النساء من قبل فتيات في لجنة بعيدا عن الملابس التي تخدش الحياء أو تجانب العادات والتقاليد كما اتفق الجميع على دفع مبلغ خمسة آلاف ريال من المخالف للاتفاقية تودع في حساب صندوق لجنة التنمية الاجتماعية لصرفها على خدمات القرية كتوسعة الطرق والإنارة وإقامة بعض الأنشطة الشبابية الهادفة. مؤكدا التزام الأهالي مع معالجة بعض الحالات التي تقدر مواقف أصحابها حسب الضرورة.

العريس فهد بن سالم مدير الشؤون المالية والادارية بمدارس الثقافة بجدة يؤكد لـ «الشرق الأوسط» استفادته من هذه الاتفاقية ويقول: إن الهدف منها تيسير الزواج وتكاليفه وطلب من الأهالي في الباحة وجدة وجميع مدن المملكة الالتزام بها لصالح الشباب والفتيات وحتى يستطيع العرسان العيش بكرامة بعيدا عن القروض البنكية أو شراء سيارات وبيعها بسبب التكاليف التي ترهقهم حتى ولو كانوا موظفين.

من جهته يعلق المأذون الشرعي أحمد سفر الزهراني بقوله: الأمر يحتاج إلى إعادة نظر من قبل الآباء والأمهات فانا احيانا أعقد القران على مبالغ رمزية يطرح الله البركة بها بين المتزوجين بسبب قلة المهر وقلة مؤونة الزواج وبالتالي يستطيع الزوج قضاء مطالبه الرئيسة بكل يسر وسهولة بقناعة من والد العروس أن ستر ابنته بزوج صالح يرعاها ويقوم بشؤون حياته تحت سقف واحد ملؤه الحب والعطف أفضل من زواج تحاصره الديون والالتزامات المالية التي تضيق عليهما الحياة وتجعلهما رهنا لتسديد الديون والخروج عن المألوف، وامتدح كثيرا من القرى التي التزمت باتفاقيات تخفف أعباء الزواج.

امير منطقة الباحة الامير محمد بن سعود بن عبد العزيز وجه في اكثر من مناسبة للمجتمع دعوة بتخفيف المهور وتقليص نفقات الاحتفال ليلة الزواج وأشاد بما يسمعه عن بعض الأسر التي تدمج بين عقد القران والدخلة في مناسبة واحدة عائلية تخفف عناء سنوات من ضيق العيش بسبب المديونيات التي تلحق بالزوج بسبب العادات التي تحاصره.

من جهة اخرى دعا الشيخ حسن بن محمد لبزان وهو رجل أعمال من قرية قرن ظبي وأحد أبرز المساهمين في برنامج حفظ النعمة الذي يستقبل بقايا ولائم الزواج من قصور الأفراح كل مساء طيلة أيام الصيف فدعا الأهالي لتخفيض عدد الذبائح من الإبل والأغنام والعجول.

وأكد بن لبزان في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن مركز حفظ النعمة مدعم بالعمالة المدربة والسيارات المجهزة يقوم بدوره الاجتماعي الذي يوصل من خلاله اللحوم وما تخلفه المناسبات من لحوم وأرز وفاكهة إلى المحتاجين في مواقعهم في تهامة والسراة والبادية وهو المشروع الأول في المنطقة تحت إشراف جمعية البر الخيرية بقرن ظبي ولجنة التنمية الاجتماعية وعلى نفقة الموسرين من أبناء القرية، فيما نوه بالاتفاقية التي أبرمها أهالي قريته والتزامهم بما نصت عليه من بنود لصالح الشباب الذي أحس بنتائج هذه الاتفاقية تمثل ذلك في عدد المتزوجين كل عام وفي الاتفاقيات المرتبطة بالزواج الجماعي حيث يوفر الوقت للتزاور والتمتع بإجازة الصيف بعيدا عن الالتزام شبه اليومي بحضور مناسبات الزواج واقتصر الاحتفال على أيام معدودة تنهي جميع الاحتفالات.