السعودية تدرس فرض تعويضات على السفن التي تدمر الشعاب المرجانية

تحدث نتيجة لجنوح السفن والمراكب

TT

في خطوة احترازية للحفاظ على الجمال الطبيعي لنحو 300 نوع من الشعاب المرجانية في بحر صنف بأنه أغنى بحور العالم طبيعة، وبحضور ما يزيد على 16 خبيرا دوليا وممثلين عن دول البحر الأحمر وخليج عدن ودول الخليج العربي، بدأت البارحة ورشة إقليمية تدريبية حول إجراءات التعويض عن تدمير الشعاب المرجانية بواسطة جنوح السفن في مدينة جدة، وذلك بهدف صياغة دليل استرشادي إقليمي لتوحيد طرق وإجراءات التقييم والتعويض.

وأوضح الدكتور زياد أبو غرارة الأمين العام للهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن الذي دشن ورشة العمل يوم أمس بمقر الهيئة بجدة، أن الورشة تعقد بالمشاركة مع الاتحاد الدولي لصون الطبيعة ويشارك فيها ستة عشر مشاركاً من دول الإقليم ومشاركان من دول الخليج العربي، كما يشارك فيها متخصصون دوليون وإقليميون ذوو خبرة واسعة في هذا المجال وستتركز حول إجراءات التعويض عن تدمير الشعاب المرجانية نتيجة جنوح السفن والمراكب على المستوى الإقليمي، حيث زادت معدلات جنوح السفن والمراكب على الشعاب المرجانية في وقت لا تتمكن بعض الدول من النجاح في التقدير الجيد للشعاب المرجانية التي تدمر أمام سواحلها أو من تقديم تقرير وتقدير التعويض المناسب مما يقلل من مبالغ التعويض التي تعود لتلك الدول وهو ما يعتبر إهدارا لثروات الإقليم.

وبين أبو غرارة أن الورشة تهدف إلى تقييم قدرة دول الإقليم على رصد حوادث الجنوح وما يتم عمله على المستوى المحلي والإقليمي والدولي في ذلك المجال. كذلك محاولة التوصل إلى صياغة دليل استرشادي إقليمي لتوحيد طرق وإجراءات التقييم والتعويض.

وأفاد أبو غرارة أن الورشة هي الأولى في سلسلة من الورش المتتابعة الهادفة لبناء كوادر في الإقليم في هذا المجال، كذلك تطوير إجراءات جيدة لدعم تقدير التعويضات، والتقليل من حوادث الجنوح، والعمل على إعادة تأهيل الشعاب المدمرة.

وأضاف «إن دول الإقليم قد تخسر مبالغ باهظة ومن قبلها مساحات من الشعاب المرجانية نتيجة حوادث الجنوح وعدم إحكام طرق التقدير والتعويض بصورة جيدة وعلمية وبطريقة يصعب دحضها أو التشكيك فيها أمام المحاكم». وأكد الأمين العام للهيئة الإقليمية حاجة دول الإقليم إلى «مساعدة وإعادة تقييم لقدراتها ومراحل وأسباب وكيفية التعامل مع حوادث الجنوح وإجراءات التعويض وطرق التعامل مع تلك الحوادث أيضا من أهم العوامل التي تؤثر في حجم التدمير، حيث ان كيفية انتشال المركب أو السفينة من فوق الشعاب يمكن أن تزيد من المساحة المدمرة إذا لم تدر بشكل جيد وبحرفية عالية».

ورأى أن كيفية تقدير مساحة التدمير وكيفية صياغة التقرير وكذا كيفية تقدير التعويض، ذات أثر كبير في مبلغ التعويض الذي يتقرر في النهاية، مضيفاً «كما أن عدم استخدام أساليب علمية دقيقة أو أسانيد علمية واقتصادية جيدة ومقبولة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي يعمل على تداعي حالات التقاضي أمام المحاكم مما يضعف من الحالة ويقلل من قيمة التقدير والتعويض المستحق».

وأشار الأمين العام للهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر إلى أهمية تطبيق مبدأ التعويضات كأحد أسس المحافظة على البيئة البحرية إذ انه يجعل المستخدم للبيئة البحرية يستشعر قيمتها المالية مما يجعله أشد حرصا في التعامل مع البيئة وأقل احتمالا للوقوع في الحوادث التي تؤدي إلى الإضرار بالبيئة. وأرجع أسباب حوادث تصادم السفن والمراكب بالشعاب المرجانية كأحد أهم أسباب تدمير الشعاب المرجانية في دول الإقليم. وتزيد نسبة حوادث الارتطام بالشعاب المرجانية في الدول التي تكثر فيها السياحة البحرية، حيث تشكل مراكب الغوص خطرا دائما للشعاب المرجانية وتزيد نسبة جنوح تلك المراكب على الشعاب في تلك الدول.

وحول أهمية الشعاب المرجانية، قال لـ «الشرق الأوسط» الدكتور عبد المحسن السفياني نائب مدير مركز التميز في الدراسات البيئية للشؤون الفنية «ان السعودية تعد اكبر الدول المشاركة المطلة على ساحل من بين الدول المطلة على البحر الأحمر ويبلغ طوله 1900 كم يمثل 79 بالمائة من الساحل الشرقي للبحر الأحمر».

وبين السفياني أن الشعاب المرجانية هي عبارة عن شعاب حدية تنمو ملاصقة للساحل من الجهة البحرية وحول الجزر لكي تؤمن الحماية اللازمة للشواطئ ضد عمليات التعرية بفعل الأمواج العاتية. تنتشر المراجين ويزداد تنوعها ونموها بشكل كبير في الأجزاء الشمالية والوسطى للساحل الغربي السعودي وتبدأ في التناقص كلما اتجهنا جنوبا نتيجة الترسيب العالي من مياه السيول المنحدرة عبر الأودية الكثيرة حاملة معها الرواسب.

وأضاف «يعتبر البحر الأحمر إحدى أهم ثلاث مناطق في العالم به 260 نوعا من المراجين الحقيقية تنتمي إلى 59 جنسا و15 عائلة توجد في شمال ووسط البحر الأحمر، منها تسعة أنواع خاصة بالبحر الأحمر، كما يوجد 30 نوعا من المرجان الرخو، المرجان القرني والمرجان الناري. ويرجع السبب الرئيسي في وجود هذه الأنواع الكثيرة بالبحر الأحمر مقارنة بالبحار الأخرى الى الظروف البيئية المناسبة لأنه عـميق نسبياً يسمح بحركة وتجدد المياه بالإضافة إلى صفائها».

يذكر أن بيئة الشعاب المرجانية أهم الأماكن الخلابة والقيمة على وجه الأرض، لأنها تمتلك أكبر تنوع بيولوجي في الأنظمة البحرية ككل لأن معظم الإنتاجية البحرية تنحصر في نطاق الشعاب المرجانية الساحلية، لذلك تعتبر هذه البيئة المهمة بمثابة حضانة وغذاء لصغار الأحياء البحرية، ومصدر مواد جديدة للعلاج الطبي، وذات مردود اقتصادي كبير للدولة من عمليات السياحة والتسلية، كما تحمي هذه الشعاب المرجانية سواحل المدن من عملية التآكل والنحت بفعل الأمواج العاتية، وتوفر فرص عمل لسكان الساحل السعودي.