احتفلت الليالي الصيفية بمحافظة الطائف بأول أيام سوق عكاظ، السوق العربي ومنبر الشعر، بعد أن أكملت اللجان استعداداتها التي بدأت منذ شهور ليقف عكاظ شاهداً على الرؤية الثقافية السياحية التي تشهدها البلاد، حيث امتلأت جنبات السوق بكبار الشخصيات من جميع أقطار الوطن العربي من شعراء ومثقفين وكبار الشخصيات.
وشهدت الأيام الأولى من سوق عكاظ تكريم أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل للشاعر المصري محمد التهامي الذي فاز بجائزة عكاظ في نسختها الثانية، عن أجمل قصيدة قيلت في عكاظ بعد أن فاز بها قبله الشاعر السعودي محمد الثبيتي العام المنصرم، لتمتد جسور الشعر في أروقة عكاظ وبحسب الدكتور جريدي المنصوري الأمين العام لسوق عكاظ فإن عكاظ سيكون منارةً ثقافية تكرم الشعر من أجل الشعر، والثقافة من أجل الثقافة وسيكون التكريم بمنأى عن الجنسيات والأعراق لأن عكاظ منذ ولادته إلى أيامنا الحالية، تجلت فيه عدالة الشعر، وسمو الكلمة، وأضحت لياليه الشعرية محكاً حقيقياً لجزالة الشعر ودلالة الكلمة.
وأبان الدكتور جريدي المنصوري ل«الشرق الأوسط» أنه على بساط عكاظ تم تجهيز كافة الفعاليات ليكون دوحةً ثقافية تبسط عليها مناشط الشعر والفنون وسباقات الهجن والفروسية، وستعج خيمتا النابغة الذبياني والخنساء طيلة ثمانية أيام بالأمسيات الشعرية والفواصل التاريخية المهمة التي شهدها عكاظ وستكون أشبه بالجامعة المفتوحة التي تزود الزوار وقاصدي مدينة الورد بكل الأدوات العلمية والتثقيفية ليكون عكاظ مفصلاً سياحياً وثقافياً ينافس الكرنفالات الثقافية والعربية الكبرى.
وظل عكاظ والحديث للدكتور جريدي، واجهةً تعكس المعاني الجميلة لمجتمع الجزيرة مبيناً أن أكثر من 100 رجل وامرأة انشغلوا في الأعمال اليدوية، والحرف القديمة والأكلات الشعبية، ضمن سلسلة من المطاعم والمواقع الترفيهية والتجارية التي تمتد على جنبات سوق عكاظ، إضافة إلى برامج نسائية ومنفصلة تحوي الفنون التشكيلية والمسرح والشعر لجميع محبي عكاظ. من جانبه، أوضح الدكتور محمد قاري رئيس الجهاز السياحي في الطائف أن الطائف تكتسي حلةً سياحية بحضور ثلاثين شاعراً ومحاضراً في سوق عكاظ التاريخي، منهم الشعراء عبد الرحمن الأبنودي ومحمد عفيفي، وعبد الله الصيخان، وأحمد قران الزهراني، ومن تونس الشاعر المنصف المزغني ومن موريتانيا ولد الطالب، وكان من ضمن الأسماء النسائية الشاعرة ثريا العريض، بيد أنها أعلنت في ما بعد اعتذارها عن عدم المشاركة.
من ناحيته ثمن الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز أمين عام الهيئة العامة للسياحة والآثار رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للدورة الثانية من مهرجان سوق عكاظ ، معتبرا انها تمثل تقديرا لمكانة محافظة الطائف في مجال التراث الثقافي، وتعزيزاً للسياحة الثقافية التي ارتبطت بتاريخ سوق عكاظ؛ الذي يعد أبرز الأسواق الثقافية التاريخية في الجزيرة العربية.
وقال إن منطقة مكة المكرمة ستشهد نقلة كبرى في صناعة السياحة بقيادة الامير خالد الفيصل أمير المنطقة، الذي يوجه دائماً باستثمار المقومات الطبيعية والتراثية والبنى الأساسية والقوى البشرية التي تتوفر فيها.
وأشاد الأمير سلطان بن سلمان بتنامي إقامة المهرجانات والفعاليات الثقافية في المملكة التي يأتي في مقدمتها المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية، كذلك الأنشطة الثقافية المصاحبة للمهرجانات السياحية في مناطق المملكة، ومنها مهرجان سوق عكاظ الذي يقام في الطائف، مؤكداً حرص الهيئة على التوسع في إقامة هذه المهرجانات الثقافية والتراثية، التي يعد مهرجان عكاظ حدثاً رئيساً بينها.
وأوضح أن الهيئة ساندت تنظيم عدد من الفعاليات الثقافية والتراثية خلال العامين الماضيين، حيث بلغ عددها 49 فعالية تمثل ما نسبته 54 في المائة من إجمالي الفعاليات التي ساندتها الهيئة خلال تلك الفترة.
تجدر الإشارة إلى أن مسوحات أثرية أجرتها الهيئة في موقع سوق عكاظ خلصت إلى أن الموقع غني بالمعالم التاريخية والأثرية التي تعود إلى العصور الإسلامية المبكرة وتمثلت في النصوص الكتابية المنقوشة والمنشآت المعمارية والتلال الأثرية، إضافة إلى الرسوم الصخرية والمعالم المعمارية التي تعود لفترة ما قبل الإسلام.