صيادلة سعوديون يطالبون بتعديل لائحة الوظائف الصحية لتكفل لهم مستحقاتهم

أكدوا أن «القديمة» تجاهلت تعريفهم وتصنيف مجالات عملهم ولا تحقق مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص

يطالب الصيادلة بتعديل لائحة الوظائف الصحية بما يحقق مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص («الشرق الأوسط»)
TT

طالب عدد من الصيادلة السعوديين بتعديل لائحة الوظائف الصحية في السعودية لتكفل لهم مستحقاتهم، واعتبروا أن اللائحة التي تم وضعها قبل عشرين عاما لم تكفل درجاتهم، وتجاهلت تعريفهم وتصنيف مجالات عملهم، وقالوا ان اللائحة كذلك لم تحقق مبدأ العدالة والتضامن وتكافؤ الفرص، الى جانب عدم كفايتها في تقديم اللوازم والتسهيلات في إبراز احترافهم المهني في تقديم رعاية صحية متميزة ورفيعة المستوى.

وحصلت «الشرق الأوسط» على خطاب كان قد بعثه الدكتور أسامة شبكشي وزير الصحة السعودي الأسبق، موجه إلى وزير الخدمة المدنية في حينها، كشف «ان اللائحة لم تراع التوازن المطلوب بين أعضاء الفريق الصحي الذي يقوم على أساس من التكامل المهني ـ بين أعضاء الفريق ـ وإعطاء كل عضو في هذا الفريق فئة التصنيف المهني المناسب والمقابل المادي الذي يتناسب مع هذا التصنيف بما يحقق المستوى العالي من الرضا الوظيفي، وفرصة الترقي وإذكاء روح حب التعلم المتواصل والإبداع في مجال التخصص»، كذلك «عدم تصنيف الصيادلة في اللائحة إلى أكثر من فئة حيث تم وضعهم في فئة واحدة، ولم يراع التخصيص المهني للصيادلة، فالصيدلي حامل درجة الماجستير والصيدلي الاستشاري حامل درجة الدكتوراه، لا يتم التمييز بينهما في المجال المهني والمادي».

وذكرت كذلك الوثيقة السرية «هذه النظرة الأحادية أدت في فئة التصنيف إلى قصر وصول الصيادلة إلى المراتب القيادية في سلم الوظائف الصحية، حيث يتم معادلة آخر مستوى للصيدلي بالمرتبة الثانية عشرة قبل تطبيق سلم الوظائف الصحية، وقد أدى ذلك إلى وصول الصيدلي إلى نهاية سلم الوظائف الصحية وتوقف علاوته السنوية حتى لو كان يحمل أعلى مؤهل علمي متخصص، وأدى عدم وجود أكثر من فئة لمستوى تصنيف الصيادلة إلى ظهور فوارق كبيرة بين البدلات التي يحصل عليها الصيدلي وبين بقية أعضاء الفريق الصحي المماثلين له من حيث المستوى العلمي والمهني، وأدى ذلك إلى زيادة شعور كثيرٍ منهم بالظلم وعدم الإنصاف».

واقترح وزير الصحة الأسبق، ثلاث توصيات للخروج من المشكلة، أولها أهمية إعادة النظر في اللائحة الصحية بعد مرور أكثر من 10 سنوات على تطبيقها مع الأخذ في الاعتبار بالملاحظات الواردة حولها من جميع الممارسين الصحيين، والتأكيد على تضمين اللائحة الجديدة تقسيم الصيادلة إلى ثلاث فئات، وأخيراً أهمية أن تراعي اللائحة فرصة الترقي الوظيفي والبدلات والمميزات لجميع الممارسين الصحيين بصورة تحقق التوازن المطلوب وتأخذ في الاعتبار التطورات المستقبلية لتطور النظام الصحي.

البيان الذي أصدرته مجموعة من الصيادلة ضم أكثر من عشرين صيدلانياً يعملون في الجامعات والمستشفيات السعودية، تحدث باسمها الدكتور عبد الغفور تركستاني الذي قال لـ «الشرق الأوسط»: إن صائغي اللائحة الصحية يريدون ذبح الطموحات، فالطبيب المقيم والاختصاصي والاستشاري جميعهم لديهم مؤهل البكالوريوس كشهادة جامعية وكدرجة أكاديمية، ثم بعد ذلك ما يحصلون عليه من تدريب في عيادات تخصصية يحصلون على شهادات تدريب تؤهلهم للحصول على درجة اختصاصي، وبعد 3 ـ 5 سنوات يحصل على استشاري، وتساءل «فهل هذا يتعادل ويتساوى مع من درس وحضر الدرجات العلمية الأكاديمية مثل الماجستير والدكتوراه»؟! وتعود اللائحة للتساؤل «لماذا جميع التخصصات الطبية تتوقف عند المرتبة الثانية عشرة بينما الطبيب يستمر للمرتبة الرابعة عشرة، أليس في هذا خطورة من أن رسم السياسة الصحية تتم من قبل فئة واحدة فقط وهم الأطباء بنظرة قصيرة وأحادية الجانب»؟.

وأكد الصيادلة في خطابهم ان الاتجاه العلمي الحديث يؤكد أنه لا بد من وضع الدواء لكلٍ مريض على حدة، والمؤشرات العلمية تؤكد التحول الجذري في العلاج خلال السنوات المقبلة، وهنا تكمن أهمية الصيدلي الكيميائي في توفير الدواء المناسب لكل مريض على حسب العلة أو الإصابة الموجودة في ذلك الجين المعني عن إحداث الاعتلال الوظيفي في أداء الجسم.

وزارة الصحة، وبحسب الدكتور طارق مدني مستشار وزير الصحة السعودي، أكد أن جميع العاملين في القطاعات الصحية في وزارة الصحة أو الجامعات، مظلومون، سواءً كانوا أطباء، أو صيادلة أو فنيين أو أي عامل في القطاع الصحي.

وأكد لـ«الشرق الاوسط» ان هذا الموضوع في طريقه للحل، حيث اعتمد المجلس الصادر برئاسة خادم الحرمين الشريفين، لائحة جديدة، وسيتم تحسين وضع العاملين في القطاعات الصحية، بالذات العاملين في الوزارة والجامعات.

وأشار مستشار وزير الصحة الى أن المقارنة بينهم وبين أمثالهم في بعض الجهات الحكومية من حيث المستوى، والشهادات والخبرات تبين الفرق بين الفئتين، ربما تصل الى ضعف رواتب العاملين في القطاعات الجامعية، وقطاعات وزارة الصحة على الرغم من أن شهادات هؤلاء في الغالب تكون أقل أو مثل العاملين في الجامعات.

وأبان الدكتور طارق مدني ان الأطباء العاملين في القطاعات المعنية يشعرون بنوع من الغبن، وقال «وقد تكون فئة الصيادلة، متضررة في عدم مساواتها في البدلات مثل الأطباء، لكن لا بد من النظر إلى عدة عوامل، منها طول دراسة الطبيب، فحتى يصبح استشارياً لا يكتفي بشهادة البكالوريوس مثل الصيدلي، فالصيدلي بعد أخذه شهادة البكالوريوس يعمل كصيدلي، أما الطبيب حتى يصبح استشاريا فلا بد أن يحصل على شهادات عليا، وهي التي تأخذ منه الوقت والجهد والغربة والسفر والتعب النفسي والجسدي والخسارة المالية الكبيرة، وان ذلك يوضح أن الطبيب يصل عمره بين 35 الى 40 حتى يصبح استشارياً، بينما الصيدلي يعمل مباشرة بعد تخرجه كصيدلي، ولا يحتاج الى أن يحصل على تخصصات دقيقة حتى يتمكن من العمل بصورة منفردة.

ويجب النظر ـ والحديث لـ مدني ـ إلى حجم الدوام الرسمي، معلقاً «يمكن أن تكون نظرتي غير حيادية بحكم أنني طبيب»، فعمل الطبيب أكثر بكثير من عمل الصيدلي، فالطبيب يتعرض إلى ضغوط نفسية من المراجعين أو من المرضى أو من زملائه أو من جهات أخرى، فالأطباء دائماً هم الذين تقام عليهم الشكوى، أما الصيادلة فلن نسمع بشكاوى عليهم، إذا تعرض المريض لأية مضاعفات، ولا يستوي من يعمل بشكل مباشر مع المريض، وأي خطأ منه قد يكلف حياة مريض مقابل من يقدم فقط الدواء للمريض، ولا يواجه المريض بشكل مباشر، حتى لو كان هناك خطأ دوائي يتهم الطبيب وليس الصيدلاني».

واختتم بقوله ان «الصيادلة لهم واجب ويجب السماع لمطالبهم، لكن لا بد أن تكون مطالبهم معقولة، وأن مسألة مساواتهم بالأطباء ـ وليس حسداً ـ ليست معقولة لا من العمل ولا من الجهد».