السعودية تتجه إلى سنّ تشريع لتحصيل 50 مليار ريال ديونا متعثرة

84% منها لصناديق التمويل الحكومية.. ومقترحات بتأسيس شركات لملاحقة المتأخرين

مقترحات بتأسيس شركات لملاحقة المتعثرين في السداد بعد أن بلغت مجمل المبالغ المطلوب تحصيلها 50 مليار ريال («الشرق الأوسط»)
TT

كشفت مصادر مالية لـ «الشرق الأوسط» أن مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) كلفت الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية (سمة) ـ المسؤولة عن الوضع الائتماني في البلاد ـ عمل دراسة تهدف لوضع أفكار رئيسية لسن نظام تحصيل للديون المتعثرة. ويأتي هذا التحرك في ظل تنامي الديون المتعثر سدادها سواء للأفراد أو القطاع الخاص أو حتى القطاع الحكومي، إذ تقدر مصادر مالية حجمها بنحو 50 مليار ريال (13.3 مليار دولار) 84 في المائة منها ديون للحكومة على أفراد ومؤسسات نتيجة لصناديق التمويل. إلى ذلك، كشف نبيل المبارك مدير عام الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية، أن شركته سبق أن قدمت مقترحات إلى مؤسسة النقد وسترفع أخرى خلال الفترة المقبلة، مفيدا بأنها ستكون بمثابة خطة عمل لتشريع نظام يمكن أن يحد من الديون المتعثر سدادها.

وقدّر المبارك الديون المتعثرة لدى الأفراد بنحو 8 مليارات ريال (ملياري دولار) إلا أنه أشار إلى أن هذا المبلغ يتضاعف مرات عدة متى ما أضيفت عليه قروض حكومية خاصة من صندوق التنمية العقارية وبنك التسليف على سبيل المثال، والتي تعاني كثيرا من عدم سداد المستفيدين، ملمحا إلى أن حجم الديون المتعثر سدادها قد يبلغ الـ 50 مليار ريال إذا أخذ في الاعتبار آلاف المستفيدين من هذين الصندوقين الحكوميين منذ إنشائهما.

وأشار مدير عام «سمة» إلى أن تعثر سداد الديون قد تنجم عنه مشاكل أمنية واجتماعية خطيرة ما لم يتم تداركها بشكل عاجل من خلال سنّ نظام يقنن ذلك، مرجعا ذلك للفراغ الكبير الحاصل فيه، والذي تسبب في فوضى عمليات التحصيل، وبالتالي استخدام أساليب أخرى، مبيناً أن الكثير من الدول لديها نظام تحصيل واضح ضمن أشكال متعددة.

وأبان أن الدراسة التي تجريها شركته لصالح «ساما» ـ البنك المركزي السعودي ـ تتضمن أفكارا من بينها تأسيس شركة، أو عدة شركات، بغض النظر عن صيغتها القانونية سواء كانت ذات مسؤولية محدودة أو حتى مساهمة عامة، تستطيع أن تساهم في حفظ الحقوق أو إعادة هيكلة وتنظيم مكاتب التحصيل المنتشرة حاليا واحتوائهم ليكونوا هم اللاعبين الرئيسيين في هذا المضمار.

وذكر المبارك أن عددا من الدول توجد لديها شركات مدرجة في سوق الأسهم المحلية، لافتاً إلى أنه بات من الضرورة إيجاد نظام واضح لعمليات التحصيل لسد الثغرة التي باتت مدخلاً للكثير من المستغلين للمتعثرين في سداد قروضهم أو تمويلاتهم.

وأوضح أن عمليات التحصيل سيكون من بينها إعادة جدولة القرض أو المديونية على المقترض وفقا لوضعه المالي ليستطيع الوفاء بحقوق الآخرين.

يشار إلى أن عددا من البنوك وشركات التقسيط في السعودية بدأت في الفترة الماضية التأمين على القروض التي تمنحها لعملائها وإن كانت لا تشكل وفقا لبعض التقديرات نحو 10 في المائة من حجم السوق.

وانتشرت مؤخراً في السعودية مكاتب متعددة لتحصيل الديون، وانتشرت إعلاناتها في عدد من وسائل الإعلان، حيث يعمد الكثير من الأشخاص إلى نشر إعلانات مبوبة في عدد من الصحف لتقديم خدماتهم لتحصيل الديون.

ويعكف الكثير من المحصلين إلى استخدام أساليب متعددة تتمحور حول الضغط النفسي لتحصيل ديونهم، حيث يشير محمد شمال أحد العاملين في قطاع التحصيل الى أن المعاملات الحكومية تأخذ وقتاً طويلاً حتى يتم التخاطب مع المديون.

وأبان أن ذلك دفع الكثير من شركات التقسيط، بكافة أشكالها، والبنوك إلى تخصيص إدارات للتحصيل أو التعاقد مع شركات أو مكاتب متخصصة لهذا الغرض.

وأضاف أن الكثير من تلك الشركات والبنوك تعمل على تحصيل ديونها من خلال خطين رئيسيين، الأول يتمثل في إرسال المعاملات للمتعثرين في تسديد ديونهم إلى الجهات المختصة حتى تستمر العملية بالشكل الرسمي، والآخر عن طريق الضغط النفسي، من خلال إجراء الاتصالات بكافة أشكالها سواء على المتعثر أو أهله أو محيطه بشكل عام سواء في عمله أو أصدقائه، وإرسال الخطابات والاتصال على معارف الشخص، بالإضافة إلى أن شركات السيارات تعمل على سحب السيارة أو إيقاف كافة الخدمات من إصلاحات أو بيع قطع غيار حتى يسدد المقترض.

وذكر شمال أن بعض المكاتب أوجد وظائف للتحصيل تتمثل في إغراءات للمحصل من خلال راتب شهري، إضافة إلى نسبة من المبلغ المراد تحصيله، مبيناً أن الأساليب أخذت أشكالا كثيرة من خلال الوجود عند البيت والمسجد، وفي العمل، وكل الأساليب تسبب في النهاية إلى ضغط نفسي على المديون وتعمل على التوجه إلى تسديد ديونه حتى لا يتعرض للإزعاج ثانية.

إلى ذلك ذكر المحامي نايف الثقيل، نائب المدير العام في شركة «المحامون المتحدون» أن نظام التنفيذ الجديد الصادر من وزارة العدل سيحل الكثير من المشاكل التي تواجه عمليات التحصيل في البلاد، حيث سيختصر الكثير من الإجراءات في عمليات قضايا الديون. وبين أن قضايا الديون توجه في الوقت الحالي إلى الجهات الحقوق المدينة في إمارات المناطق، وبدورها تحيلها إلى مراكز الشرطة، التي تعمل على إرسال خطابات الحضور للمديون بواقع 3 خطابات، وفي حال لم يستجب تعاد مرة أخرى إلى الامارة التي تعيدها إلى القاضي الذي يقرر ما يستوجب اتخاذه.

وذكر أن نظام التنفيذ الجديد يعطي صلاحيات للقاضي باختصار المسافات وتنفيذ الحكم القضائي على المديون بشكل أسرع، وبالتالي سيكون هناك نظام واضح يعمل على ترتيب عمليات تحصيل الديون بأنواعها المختلفة، مبيناً أن المشروع الجديد يسمح للقاضي بتنفيذ العقد الموثق مباشرة، والإفصاح عن ذمم المدان من خلال ربط قضاة التنفيذ بالجهات المتعلقة على الأصول ثابتة أو منقولة كالعقارات، والارصدة بنكية، واستثمارات وغيرها.

وأشار الى أن النظام سيفتح المجال إلى إنشاء شركات تجارية تعمل على تنفيذ الأحكام القضائية أو بعضها تحت إشراف قضاء التنفيذ، حيث سيكون الترخيص لتلك الشركات عن طريق وزارة العدل في السعودية.

وطالب الثقيل إلى تنظيم سوق التحصيل، وذلك بعد ازدياد المماطلين، بالإضافة إلى دخول المحتالين الذين يدعون تحصيل المبالغ، والتي تكون في الغالب غطاء لعمليات نصب واحتيال لجمع الأموال على شكل المساعدة في التحصيل.

يذكر أن السعودية تعمل على مشروع نظام للتنفيذ يتوقع أن يدفع المتضرر من المماطلة في إجراءات التنفيذ إقامة دعوى في مواجهة المتسبب أمام قاضي التنفيذ لتعويضه بمقدار ما لحقه من خسارة وما فاته من ربح انعقد سبب وجوده.