أعواد «السواك» تكلف السعوديين في رمضان 40 مليون ريال

منافسة بين المنتجين تعززها وصايا السنة النبوية.. وكثرة المسميات تضلل المستهلك

TT

بينما ينتشر صانعو الكنافة وبائعو الفوانيس في شوارع الدول الإسلامية منذ بداية شهر رمضان المبارك، يكثف باعة أعواد السواك في السعودية نشاطهم، حيث يعتبر رمضان الموسم الذهبي لمصانع إنتاج السواك وتغليفه، فيما يقدر الخبراء حجم ما ينفقه السعوديون على شراء السواك في الشهر المبارك بنحو 40 مليون ريال (10.7 مليون دولار)، توفره مصانع يبلغ متوسط طاقتها الانتاجية في رمضان قرابة 4 ملايين سواك، مما يشعل المنافسة الخفية بين المنتجين.

وأفصح عايض الحارثي، مالك مصنع سواك القدس بالمدينة المنورة، لـ «الشرق الأوسط»، بأن السوق السعودي لا يضم إلا حوالي 10 مصانع لإنتاج وتعبئة وتغليف السواك، مبرراً انتشار الكثير من الاسماء التجارية للسواك بأن بعض المنتجين يقومون بتغليف السواك بمسميات مختلفة، وهو ما قال عنه انه يأتي للتعويض عن اخفاقات ماضية وايهام الناس بأن هذا السواك من النوع الجيد ومختلف عن سابقه.

في حين يبرر ذلك أبو محمد، المدير التنفيذي في مؤسسة طيبة لإنتاج السواك وتعبئته، بالقول إن اختلاف المسميات للمصنع الواحد راجع لاختلاف نوعية وجودة السواك، موضحاً أن ذلك يعني وجود سواك «درجة أولى» وآخر «درجة ثانية»، وبسؤاله عن أسباب عدم الإفصاح عن تقييم السواك على الغلاف بدلاً من تغيير مسماه، أفاد بأن اختيارات المستهلك متنوعة وربما ما يقيم بأنه الأقل جودة يراه هو الأفضل بمنظوره.

وعاد الحارثي ليقدر حجم إنتاج مصنعه من السواك في شهر رمضان المبارك بأكثر من 4 ملايين سواك، مشيراً إلى وجود طلبيات ضخمة تصب لصالح الجهات الخيرية التي ترغب في توزيع السواك مجاناً على الصائمين، في حين يوضح مدير مؤسسة طيبة أن مؤسسته تنتج ما بين 4 إلى 5 ملايين سواك تقريباً خلال الشهر المبارك، وهو ما يمثل ذروة إنتاج مصانع ومؤسسات السواك السعودية طوال العام.

وحول ما يميز السواك الجيد عن الأقل جودة، أوضح أبو محمد أن السواك الجيد يكون سمكه في الحجم الوسط، وطعمه حراقا، ولونه أبيض، ورائحته محبوبة، إلى جانب استقامته، وأشار إلى أن السواك ينقسم إلى قسمين، الأول الذكر الذي من صفاته عدم الاستقامة، وشدة الحرارة، وسمرته، وتمتاز أليافه بأنها قوية أو قاسية، والقسم الثاني، السواك الأنثى الذي يمتاز بأنه معتدل، لونه أبيض، أقل حرارة، وأليافه لينة غير قوية، بحسب قوله.

وعلى الرغم من أن انتشار أعواد السواك يتضاعف في شهر رمضان المبارك، حيث يستقر بأفواه الصائمين ليتحول إلى فرشاة أسنان متنقلة، إلا أن السواك ارتبط في أذهان السعوديين على أنه سمة للفئة المحافظة وعلماء الدين وطلابهم الذين يبررون حرصهم على السواك بالرغبة في الاقتداء بالسنة النبوية، في الوقت الذي تعزز فيه هذه الشريحة من أهمية السواك بالتأكيد على فوائده الصحية.

من جهتها، تستشهد فريال العومي، مديرة اللجنة النسائية للهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، لـ «الشرق الأوسط»، بقول الرسول محمد عليه الصلاة والسلام (تسوكوا، فإن السواك مطهرة للفم مرضاة للرب)، موضحة أن هذا التوجيه الصحي دفع الباحثين لاكتشاف أسرار السواك ومنافعه.

وأفادت العومي بوجود دراسة عن إعجاز القرآن الكريم والسنة المطهرة في الطب الوقائي والتي أثبتت أن للسواك فوائد طبية كثيرة للفم والأسنان، وأنه يحتوي على مادة مضادة لجراثيم شبيهة بالبنسلين ذات تأثير شديد في القضاء على الجراثيم، وأفصحت عن وجود أبحاث تثبت أن السواك يقضي على خمسة أنواع على الأقل من الجراثيم الموجودة بالفم. ومما يميز السواك عن غيره من السلع أنه لا يمكن حصر نقاط بيعه، حيث يباع في أماكن تجارية مختلفة، من أبرزها الصيدليات ومراكز السوبرماركت ومعارض التسجيلات الإسلامية ومحلات بيع العسل والأعشاب، في حين تبدو مباسط بيع السواك سمة بارزة لشهر رمضان في السعودية، حيث تنتشر أمام المساجد وبوابات المراكز التجارية.

كما يعكس مضغ أعواد السواك مظهراً لخصوصية العلاقة التي تربط بين السعوديين وشهر رمضان، حيث يصف فهد المزيني، طالب جامعي، الود الذي يجمع بينه وبين السواك بالقول «تعودت منذ صغري بأن يكون عود السواك رفيقي في رمضان، وصارت رائحته تذكرني بالشهر الفضيل»، وهو الأمر الذي يدفع فئة تسمى بـ «فاعلي الخير» إلى توزيع حزم السواك على طلاب المدارس والجامعات ورواد المساجد طيلة الشهر المبارك.

جدير بالذكر، أن أعواد السواك تستخرج من شجرة تسمى «الأراك»، وتنتشر في المناطق السهلية من السعودية والأودية الواقعة على البحر الأحمر أو الخليج العربي وفي المنطقة الممتدة من القنفذة إلى الحدود مع اليمن، وتحديداً في أبها، وجازان، والساحل الجنوبي.