«العريكة» تكتب الفصل الأخير لصراع «الكبسة» بين 4 شركاء سعوديين

حقوق التسمية أشعلت نزاعا دام لأكثر من 3 سنوات

ساهمت شعبية «الكبسة» لدى السعوديين في متابعة العديد منهم لصراع المطاعم الذي شهدته جدة أخيرا («الشرق الأوسط»)
TT

تبدو «العريكة»، وهي أكلة سعودية يختص بطبخها والتفنن فيها أهالي المنطقة الجنوبية بحسب طريقة كل منطقة أو مدينة منها، العنوان العريض والختامي لصراع امتد لأكثر من ثلاث سنوات، وبالتحديد في منتصف ديسمبر (كانون الأول) لعام 2004، بين أربعة أشخاص كانوا يعرفون باسم شركاء، على حقوق ملكية اسم «الكبسة السعودية»، وبعد أن ادعى كل طرف من أطراف النزاع إطلاقه هذا المسمى على المطعم موضع الخلاف من قبل سعوديين، وبأنه من «بنات أفكاره».

فخلال الأسابيع القليلة الماضية أسدل الستار على الفصل الأخير من هذه القصة بشكل مفاجئ، بحيث فوجئ زبائن المطعم الثاني «دار الكبسة السعودية» بتحوله إلى «العريكة السعودية»، وأثار التحول الجديد والمفاجئ توقع البعض أن الشركاء الثلاثة أعلنوا الاستسلام أمام ضلعهم الرابع في الماضي أو أن «العريكة»، التي تتمثل في خبز بر، يتم إعداده في التنور ويُطعم بالسمن والعسل (ولكل أهل مدينة من المدن الجنوبية طريقتهم ومكوناتهم الخاصة التي تكون فطوراً أو عشاءً في العادة) أصلحت ما أفسدته «الكبسة» التي لا يختلف عليها السعوديون.

يقول الشريك الرابع حسن الزبيدي «الخلافات انتهت، ومطعم العريكة السعودية الجديد هو فرع للكبسة السعودية بعد أن تنازل آخر شخص من شركائي الثلاثة المتبقين لي عن المطعم».

وتعود قصة مسلسل الصراع على حقوق التسمية التجارية لمطعم «الكبسة السعودية»، وهو مطعم يقع بأحد الأحياء الجنوبية في مدينة جدة، بعد خلاف حاد وقع بين الشركاء المؤسسين الأربعة للمطعم، أدى لانقسامهم إلى جبهتين. وتمثلت الجبهة الأولى في ثلاثة أشخاص افتتحوا لهم مطعماً مجاوراً للمطعم الأساسي، وأطلقوا عليه اسم مطعم «الكبسة السعودية»، بينما ظل الشريك الوحيد الآخر في ذات المطعم، وهكذا بدأت المعركة. وعلى الرغم من محاولات الصلح التي قام عدة أطراف بها للتقريب في وجهات النظر بين الشركاء المتخاصمين، بيد أنه لم يكن هناك من مفر لتحول الخلاف إلى قضية ضمن جملة القضايا المنظورة أمام فرع وزارة التجارة والصناعة السعودية في جدة.

وكحال معظم القضايا من حيث مرور الأيام والأشهر، على القضايا المطروحة أمام وزارة التجارة، استمرت جلسات الاستماع إلى أصدقاء الماضي وأعداء الحاضر ما يقارب العام حتى قضت الوزارة في الأمر، بحيث اعتبرت أن حقوق التسمية التجارية هي للشريك الوحيد، والمالك الأوحد للمطعم الأقدم.

كذلك إبلاغ أفراد الجبهة الأولى (الشركاء الثلاثة) بضرورة تغيير اسم المطعم من على اللوحة التي كانت تحمل نفس اسم المحل القديم «الكبسة السعودية»، وكون الحكم صدر في وقت بلغ العناد ذروته بين كافة الأطراف، قاموا بإضافة كلمة «دار» تسبق اسم الكبسة السعودية، ليدخل الصراع مرحلة حرب «اللافتات الطويلة»، حيث كان يصل طول اللوحة الواحدة لكلا المطعمين نحو خمسة أمتار.

ورغم صدور الحكم، وإضافة كلمة «دار» إلا أن القضية، خاصة خلافات شركاء الماضي، حاضرة على صفحات الجرائد طوال عام كامل. وأصبح أهالي جدة، خاصة في الأحياء الجنوبية كحي الكندرة، يسترجعون بمجرد لفظ اسم «الكبسة» فصولاً وفرت الضحك لبعض المتابعين للقضية، وعلامات التعجب لدى آخرين على إصرار كل طرف على أنه صاحب الاسم.

يشار إلى أن أزمة مطاعم «الكبسة» تزامنت مع موجات الارتفاعات الحادة في أسعار الأرز، إضافة إلى حملات توعية قامت بها وزارة الصحة السعودية لتخفيف معدلات السمنة المتفشية في الأوساط المحلية بحسب عدد من الدراسات في تلك المرحلة.

وتشتهر الكبسة السعودية التي تتكون من أرز ولحم، أو أرز ودجاج بأنها سيدة مائدة الطعام لدى الخليجيين، كما تعتبر أهم الوجبات اليومية لديهم ولكنها لا تدخل في وجبات الإفطار لدى الخليجيين.

وكان الكاتب السعودي عبد العزيز الذكير كتب في أحد مقالاته أنه لا يتفق مع من يزعم «تلك الأكلة - الكبسة - سعودية ذات اصل متوارث. فقد كانت مجرّد إعداد سريع لوجبة الأرز باللحم، وغالبا تخلو من الخضار. ويعده المسافرون وسُوّاق الشاحنات توفيرا للجهد والوقت». وفجر الذكير قنبلة مدوية، حينها، عند قوله إن الكبسة هي طبق شبيه بأكلة إسبانية تعرف باسم «البائيله أو البايله» بدأت من موائد الخدم، حيث كانت عبارة عن بقايا الطعام من الأرز واللحم يخلط في صحن واحد، لتنطلق نحو العالمية.