أطفال الشرقية يحتفلون بـ «القرقيعان».. أبرز موروثاتهم الشعبية

تقدم فيها الحلويات وتزين البيوت والشوارع

أطفال في المنطقة الشرقية اثناء احتفالهم بـ «القرقيعان» (تصوير: أثير السادة)
TT

احتفل أطفال المنطقة الشرقية أمس والبارحة بإحياء أقدم الفعاليات الفلكلورية الشعبية التي ما زالت صامدة رغم السنين، وهي (القرقيعان) حيث خرج الأطفال زرافات عصر أمس والبارحة يجوبون الشوارع في الدمام والقطيف والاحساء ينشدون الاهازيج ويحصلون على الحلوى والمكسرات.

وتحيي العائلات الخليجية يوم (الناصفة)، الذي يصادف النصف من رمضان بـ (القريقعان) وهو أحد أبرز الموروثات الشعبية القديمة، حيث تقوم العوائل بتوزيع مجموعة كبيرة من الحلويات على الأطفال الذين يجوبون الشوارع ويطرقون البيوت للحصول على قطع من الحلوى والمكسرات وأوراق نقدية، وهم يرددون أثناء سيرهم الأهازيج الشعبية والأناشيد التي تتعلق بالقرقيعان، فيما يعمل الأهالي على تزيين منازلهم وأحيائهم بالانوار والأقمشة والزينة ابتهاجاً بالقرقيعان.

وينطلق الأطفال وهم في الغالب يرتدون الملابس الشعبية والأزياء التقليدية في احتفالية القرقيعان عصراً ومساءً من خلال زيارة عدد أكبر من المنازل للحصول على حصة كبيرة من الحلوى التي بدأت تأخذ طابعاً مختلفاً في السنوات الأخيرة، حيث استبدلت المكسرات التقليدية التي تحتوي على الفول السوداني والحلويات، بأحدث أصناف الشوكولاته والعصائر والحلويات، كما تعمد بعض الأسر لتوزيع الألعاب والهدايا النقدية على الأطفال.

ويعتبر القرقيعان تراثا شعبيا اعتاد على إحيائه أبناء الخليج في شهر رمضان، كما في منتصف شهر شعبان، وهو من أهم المناسبات الموروثة قبل عقود، في كل من دول الخليج والعراق وبعض مناطق الدول العربية الأخرى، وكذلك بعض البلدان الإسلامية، وهي عادة رمضانية تبدأ وتنتهي في ليلة اكتمال البدر في الخامس عشر من رمضان.

ففي الأحساء والقطيف وبعض أحياء الدمام والخبر، يخرج الأطفال في مهرجان كرنفالي، ليجوبوا الشوارع والأزقة، مبتهجين بهذه المناسبة، التي توارثوها من آبائهم، وهم يلبسون الملابس الأنيقة والأزياء التقليدية، حيث ترتدي الفتيات الصغيرات ما يعرف بـ«الملفع» وهو حجاب مطرز بالزري الذهبي والفضي والجلابيات المحاكة بالزخارف والنقوش الملونة، أما الأولاد فيرتدي بعضهم بشتا صغيرا وطاقية مزركشة، يحملون معهم أكياسا يجمعون فيها الحلوى والمكسرات أو النقود التي يحصلون عليها من أصحاب البيوت. وما أن ينتهي الأطفال من ترديد أنشودتهم حتى تتناثر عليهم الحلوى والهدايا من صاحب البيت، ولا تخلو بعض البيوت من الهجوم، في حال عدم توزيع الحلوى، بعبارات شعبية تنم عن بخل البيت. وتتشابه مفردات هذه الأهازيج في معظم الدول التي تحتفل بهذه المناسبة سوى اختلاف بسيط بخلاف لهجاتهم. ويرى الباحثون في التراث الشعبي أن «القرقيعان» لفظ عامي مأخوذ من قرع الباب، وذلك لأن الأطفال يقرعون أبواب البيوت في هذه المناسبة، في حين يذهب آخرون الى أنه كان بعض الأطفال يستخدمون الأواني للقرع عليها سابقا، وتروي بعض الكتب التراثية أن «القرقيعان» سمي بذلك لأنه قرقعة الحلوى تسمع داخل سلة مصنوعة من سعف النخيل. ويزين بعض أهالي المنطقة الشرقية أحياءهم، عند الشوارع الرئيسة والفرعية بسعفات النخيل الخضراء وأقواس الزينة والأنوار الملونة ويستوقفون السيارات بعد تنظيم عملية سيرها، ليرشوا على أيدي سائقيها ماء الورد ويعطروهم بالبخور، وتوزع الحلويات والمشروبات الباردة على السائقين والركاب، وتقيم بعض الأحياء فلكلورات شعبية. ويردد الأطفال خلال جولاتهم إلى البيوت، أهازيج وأراجيز شعبية، يعشق سماعها أرباب البيوت «قرقع قرقع قرقيعان.. بين أقصير ورمضان.. عطونا الله يعطيكم.. بيت مكة يوديكم .. يوديكم لأهاليكم.. ويلحفكم بالجعد عن المطر والرعد».