مساجد سعودية تجذب المصلين بـ«الخلاطات» و«الغسالات» الكهربائية

تقدمها كجوائز على مسابقاتها الرمضانية.. في محاولة للجمع بين المتعة والعبادة

مساجد الأحياء تتنافس على جذب المصلين خلال شهر رمضان المبارك («الشرق الأوسط»)
TT

على غرار برامج «فوازير رمضان» والمسابقات السنوية التي تقدمها الفضائيات خلال الشهر المبارك، تقوم مجموعة من مساجد الأحياء في السعودية بتقديم مسابقات رمضانية نظير جوائز عينية للفائزين من مصليها ومرتاديها، تضم بعض الأجهزة المنزلية من خلاطات ومغاسل كهربائية وساعات رقمية وهواتف نقالة.

وتـُركز مسابقات المساجد على الأسئلة الفقهية والعقدية وسير الصحابة وأسلافهم والبحث في آيات وقصص القرآن الكريم، إلى جانب القيام بتوزيع بعض المحاضرات السمعية والسؤال عن ما ورد فيها، وذلك بإعداد ورقة معنونة بـ «سؤال اليوم» يتم توزيعها على المصلين في قسمي الرجال والنساء، ليقوموا بالإجابة عنها ومن ثم تـُسلم عبر وضعها في صندوق خاص.

وتختلف مدة المسابقة، فقد تكون ليوم واحد وتنتهي بعد صلاة التراويح مباشرة أو تستمر لأسبوع، بحسب نشاط رواد المسجد وكمية الجوائز المقدمة والتي يتفاوت نوعها باختلاف قدرات القائمين على المسابقة، حيث تضم جوائز بعض المساجد مجموعة مؤلفات ابن القيم أو ابن تيمية، أو بعض الدروس والمحاضرات السمعية والمرئية، في حين ترتفع تكلفة جوائز مساجد أخرى لتضم مجموعة مختلفة من الأجهزة الكهربائية الحديثة.

وتأتي غالبية هذه الجوائز بتمويل فردي من بعض المتطوعين يُعرفون باسم «أصحاب الخير»، ومنهم ع. ن الذي فضل عدم ذكر اسمه مرجعاً ذلك لرغبته بتحسب الأجر، وبرر حماسته وتمويله لجوائز مسابقة المسجد الواقع في حيه بأن ذلك جاء رغبة منه بتحفيز الناس على البحث والقراءة وجذب أكبر فئة منهم للمسجد وإطالة جلوسهم فيه خلال الشهر المبارك.

وتتفاوت ردات الفعل إزاء هذه المسابقات، حيث يرفض البعض تحوُّل المسجد إلى ماراثون يتسابق فيه المصلون في البحث عن الأجوبة وسرعة تسليمها، مرجعين ذلك لعدم مواءمته مع قدسية المكان، فيما يرى ع. ن أن هذا الأسلوب الدعوي ينال استحسان فئة كبيرة، واستشهد بما نـُقل عن الرسول محمد عليه السلام (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه إلا غشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وحفتهم الملائكة).

من جانبها، أوضحت الدكتورة هدى مرعي، أستاذة الدراسات الإسلامية في كلية الآداب للبنات بالدمام وناشطة دعوية، لـ «الشرق الأوسط» أن هذه المسابقات الدينية التي تحتضنها بعض المساجد خلال الشهر المبارك قد تكون جيدة لفئة معينة، إلا أنها ترى أن انعكاساتها الايجابية ليست كبيرة، وأردفت بأنها لا تفكر بالمشاركة في أي مسابقة من هذا النمط على الإطلاق.

وحول الفائدة المرجوة التي يؤمل عليها القائمون على مسابقات المساجد، ترى مرعي أن الفائدة ربما تحصل لشريحة من الناس ممن قد تحفزهم المسابقات على القراءة والبحث، إلا أنها تعتقد أن الغالبية يكونون حريصين على المشاركة طمعاً في الحصول على الجائزة العينية وليس بحثاً عن الفائدة، مؤكدة أنها ترى أن إقامة المسابقات الدينية في المراكز والمؤسسات الدعوية أكثر جدوى.

في حين تقول الدكتورة فوز كردي، أستاذة العقيدة والأديان والمذاهب المعاصرة بكلية التربية للبنات بجدة، في حديثها لـ «الشرق الأوسط»، ان العناية بكتاب الله عز وجل وربطه بالقلوب من أهم ما ينبغي أن يهتم به المربون وجميع المؤسسات التربوية في المجتمع، وأفادت بأن المسجد يقوم بدور الرائد بكثير من الوسائل من أجل هذا الهدف السامي وربط القلوب بكتاب الله عز وجل.

وأضافت كردي قائلة «أرى أن هذه المسابقات خطوة جيدة في هذا الباب واجتهاد لعله موفق بإذن الله، فمحاولة الوصول إلى الإجابة تجعل المتسابق يقرأ ويبحث في آيات القرآن الكريم الأمر الذي قد يربطه بالقرآن ويلفت انتباهه لبعض مواعظه وغزارة ما فيه من الهدى والعلم».

من جهة ثانية، تعتمد بعض المساجد السعودية على أصوات مقرئيها في جذب أكبر فئة من المصلين خلال شهر رمضان المبارك، وهو ما شجع مجموعة من المتطوعين على إعداد قائمة بريدية انتشرت في مساجد مدينة الرياض عبر المواقع الالكترونية تحت مسمى «أين تصلي هذا المساء»، والتي تضم قرابة 50 مسجدا، وتحدد أماكن وجود الأئمة والمقرئين المعروفين بصوتهم الحسن في تلاوة القرآن الكريم.

يأتي ذلك في ظل وجود فتاوى تنهى عن التنقل بين الجوامع بحثاً عن الأصوات العذبة، في حين يرى بعض المشايخ السعوديين أن ارتياد الانسان المسجد من أجل حسن القراءة واستعانته بحسن قراءة إمامه على القيام أمرٌ لا بأس فيه، وهو ما يجعل مجموعة من المشايخ يفضلون دائماً مناصحة بعض الأئمة بترك التحاسد وعدم التضييق على الجموع في تحديد المسجد الذي يتمكن من جذب الناس إليه.