طلاب وعاطلون وموظفون يتحولون إلى «كدادة» في رمضان

يرون أنها فرصة لهم لا تعوض وخدمة للمعتمرين لا تقدر بثمن

TT

مع بداية كل موسم ديني سواء الحج او العمرة يتحول سكان العاصمة المقدسة مكة المكرمة كلهم او كثير منهم، خصوصا الطلاب والعاطلين والموظفين الى سائقي سيارات اجرة يستغلون كثافة الحضور ويحولونها لتكون مصدر رزق اضافي لهم خلال تلك الفترة.

وفي مدينة يغيب عنها ـ الا ما ندر ـ سيارات الليموزين، تسجل السيارات «الكدادة» الخاصة حضورها اللافت بمختلف انواعها واشكالها القديمة والجديدة.

ومصطلح «الكدادة» وهو جمع «كداد» يطلقه اهالي مكة على انفسهم وهم يمارسون هذا العمل اليومي الشاق ويجوبون شوارع مكة شارعا شارعا لنقل المعتمرين خلال الموسم.

وبرغم الهجوم الذي تشنه بعض الجهات الحكومية على هؤلاء الاشخاص واعتبارهم مخالفين للانظمة المرورية، الا ان شبان مكة، خاصة العاطلين، كذلك طلاب جامعة ام القرى يرون ان هذا الموسم فرصة لا تعوض لتحسين اوضاعهم المالية وادخار مبلغ يقيهم اياما سوداء في بقية العام. يقول علي احمد الزهراني وهو طالب جامعي «ان موسم رمضان، كذلك ايام العمرة فرصة، فسيارات الاجرة الموجودة لا تفي بالغرض ولا يوجد سيارات ليموزين واغلب المعتمرين لا يهتمون بهذه التفاصيل. يريد المعتمر فقط سيارة توصله من او الى الحرم».

ويضيف «في كل عام استغل هذا الموسم، خصوصا رمضان لانك تستطيع ان تعمل فيه اما في موسم الحج فالأمر صعب جدا ومحدود ان وجد نظرا للزحام، كذلك ارتباط كثير من الحجاج بالشركات».

كل ما سبق، يجعلك في أي شارع من شوارع مكة ما أن تلوح بيديك طالباً سيارة أجرة، فستجد عشرات السيارات تقف امامك بمختلف فئاتها، وقد يتعين عليك الركوب حتى لو كنت من أشد الملتزمين بالأنظمة المرورية في مدينة يدخلها فقط في رمضان قرابة الأربعة ملايين معتمر، فحينها يكون طلبك متوفراً للذهاب أينما أردت، وتكون باب رزق لأسر كثيرة تأكل كسرة خبزها يومياً عن طريق «مشاوير مكية».

يقول عالي اللحياني، وهو سائق تاكسي «ان مكة المكرمة بلد الخيرات فتحت بيوتنا وأكسبتنا قوت أيامنا وظللت علينا بخيراتها عبر عقودٍ من الزمن، منذ أن كانت مكة محدودةً في جغرافيتها في ثلاث حارات متراصة ومطوقة للمسجد الحرام هي غزه والمدعى والمسفلة، حينها كانت الحارات الثلاث تستقبل الوافدين والمعتمرين والزوار من جميع أنحاء الأرض». مضيفاً أن زوار هذه الحارات كانوا يتعاملون معنا ونوصلهم لأسواق مكة الشعبية وفي بعض الأحيان يتطور الأمر لإيصالهم ميناء جدة وفي ما بعد زمنياً لمطار الملك عبد العزيز.

وسائقو مكة هم أكثر الناس درايةً بالجنسيات المختلفة التي تفد للعاصمة المقدسة، فتجدهم يسبرون أغوار الثقافات المتعددة، بل يمتلكون قدرا لغوياً للتواصل مع الزائرين ويشاركون ضيوفهم بمفردات سياحية دينية توثق عرى التضامن، وتشبع نهم الراكب الشغوف بمكنوزات مكة الأثرية وأصالتها التاريخية.

وهو الشيء الذي أكده بلال خان باكستاني يعيش في المملكة المتحدة ويحمل الجنسية البريطانية بقوله لـ «الشرق الأوسط»: إنك تحيي بشاشة سائقي سيارات الأجرة والعادية في مكة لأنهم لا يعتبرونك فقط ضيفهم، بل ضيف الرحمن وضيوف الرحمن بحسب تقديرهم تجب مراعاتهم، والاهتمام بهم.

ويشير بلال خان «الى أن عملية التنظيم مهمة لحماية الزائر والمعتمر والحاج، فهذه السيارات على قدر خدمتها للزوار إلا أنها قد تشكل خطراً عليهم، فما الذي سيضمن سلامتهم أو عدم سرقتهم من شخصٍ عابرٍ ما، فتظل بلورة مشاريع النقل ووضعها في إطارها الصحيح خطوة يجب على المسؤولين الاهتمام بها، وتهيئة أماكن لحافلات النقل على غرار الدول المتقدمة وتوقيتها زمنياً لجميع الحجاج والمعتمرين ليتسنى لهم الذهاب والعودة متى ما شاؤوا».

من جانبه يؤكد النقيب فوزي الأنصاري المتحدث الرسمي في الإدارة العامة للمرور في العاصمة المقدسة «أن أي سائقٍ يركب مواطناً أو مقيماً أو زائراً بطريقة غير نظامية فسيتم اتخاذ العقوبات المرورية اللازمة في حقه وفقاً لما هو معد ومتبع في هذا الخصوص، مبيناً تشديد مرور العاصمة المقدسة على ضبط جميع المخالفات».

ويذهب المهندس مفرح الزهراني، وكيل وزارة النقل، في حديثه لـ «الشرق الأوسط» أن هناك محطات حول الحرم تقوم بنقل الحجاج والزوار والمعتمرين وفق آلية مدروسة ومعدة وهناك لجنة مشكلة من إمارة مكة المكرمة لمتابعة النقل من المواقف المحيطة بالحرم، في الشامية وباب علي وعمائر مكة للإنشاء والتعمير، موضحاً أن المشكلة تكمن في ركوب بعض الناس عبر سيارات المواطنين على الرغم من توافر وسائل النقل التي تتوفر على مدار الساعة وتقوم بانتظار جموع الزائرين والحجاج.