التسول «السفري» ينافس «المحلي» في حائل

في ظل إغلاق مكتب مكافحة الظاهرة

TT

حفز بقاء مكتب مكافحة التسول بمنطقة حائل (شمال السعودية) مغلقا، على تنامي ظاهرة التسول وبروز هجرات متواترة ومنتظمة للمتسولين من مختلف الجنسيات إلى المنطقة التي ظلت خالية من مكتب لمكافحة التسول قبل خمسة أعوام مما افرز اشكالا وسبلا متعددة من ظاهرة التسول، خاصة في شهر رمضان المبارك. وقاد هذا الوضع الى مبادرة شرطة منطقة حائل بمتابعة والقبض على المتسولين بالمنطقة وتحويل المقبوض عليهم من الأجانب لإدارة الترحيل بجوازات المنطقة، بينما تتم متابعة ودراسة حالة المتسولين السعوديين من جهات عدة منها فرع وزارة الشؤون الاجتماعية لصرف المساعدة لهم .

من جانبه، قال لـ «الشرق الأوسط» سليمان الرشيدان مدير فرع وزارة الشؤون الاجتماعية بحائل، إن مكتب مكافحة التسول في المنطقة تم تحويله لدار ملاحظة اجتماعية بعد إغلاقه، مفيدا عدم وجود مكتب مكافحة تسول بالمنطقة. وبين الرشيدان إنه تتم دراسة ومتابعة المتسولين في مكتب المتابعة بفرع وزارة الشؤون الاجتماعية بحائل بعد تحويلهم من الشرطة وبعد دراسة الحالة يتم تحويلهم للضمان الاجتماعي والجمعيات الخيرية في حالة عدم استفادتهم مسبقا لصرف المساعدات لهم، وأخذ التعهد على المتسول لمرتين فقط في الثالثة يتم تحويله للسجن لإنزال عقوبة بحقه. إلى ذلك قال المقدم عبد العزيز الزنيدي الناطق الإعلامي بشرطة منطقة حائل لـ «الشرق الأوسط»، إن شرطة المنطقة خلال حملاتها المستمرة على المتسولين ضبطت أعدادا من المتخلفين يمتهنون التسول خلال شهر رمضان الحالي.

وأشار الزنيدي الى ان المتسولين يعمدون لابتكار طرق جديدة لاستدرار عطف سكان المنطقة، مفيدا أن كل مجموعة من المتسولين المنتشرين في حائل تنفرد بابتكار طرق وأساليب جديدة تختلف بحسب طبيعة الموقع، حيث يعتمد البعض في تطبيق خططه على شارع معين، وآخرون يترصدون المصلين بالمساجد، وفئة تتخصص في المنازل، بالإضافة الى المتسولين من المحلات التجارية والأماكن العامة .

تجدر الاشارة الى أن إحصائيات رسمية أشارت إلى أن نسبة عالية من المتسولين المقبوض عليهم هم من الأجانب، إذ تتراوح نسبة السعوديين من المتسولين بين 17 و38 في المائة بينما تتراوح نسبة الأجانب من المتسولين بين 62 و83 في المائة في إشارة واضحة للنسبة العالية التي يمثلها المتسولون الأجانب، إذ يستغلون التكافل والبر والرحمة التي يحض عليها الدين الإسلامي في استدرار العطف.

ومن الظواهر التي برزت أخيرا ما يعرف بالمتسول «المسافر» أو «السفري»، حيث يقوم بعض المسافرين من جنسيات عربية وخليجية بالتوقف بأحد الشوارع بسيارتهم التي يستقلونها ويتصيدون المارة بابتدارهم السؤال عن طريق معين ومن ثم التسول بطرق وأساليب مختلفة، من بينها عرض فواتير العلاج ووصفات الدواء لتكون مدخلا لعرض قصة مرض أحد إفراد الأسرة والذي يرقد بأحد المستشفيات الخاصة، وأن العلاج يكلف مبلغا من المال لا يستطيع تأمينه. علما إنهم يستقلون سيارة تحمل لوحات الدولة القادمين منها، ولا يقتصر التسول على الرجال فقط، بل تشاركهم النساء والاطفال.

ومن أبرز أساليب المتسولين، خصوصا في شهر رمضان، المرور على المساجد وبعد انتهاء الصلاة يقوم المتسول بالوقوف امام جموع المصلين ليروى قصة نسجها من خياله ويرويها بتأثر شديد يصل في أغلب الأحيان إلى البكاء لاستدرار العواطف، وبعد الانتهاء من قصته يطالب المصلين بإعطائه ما يستطيعون وينصرف عند إحدى بوابات المسجد لانتظار المحسنين.

ومن طرق المتسولين كذلك استخدامهم لوثائق وأوراق خاصة كدليل إثبات لهم مثل صكوك الدين وفواتير الكهرباء وأغلبها تكون ممزقة لا تظهر بشكل كامل وفي الغالب يتوارى المتسول عن الأنظار بعد ما يطلب منه هذه الوثائق والمستندات ويتعلل بالدعاء لضحيته.

نايف الخضير، احد سكان منطقة حائل يقول ان التسول أصبح امرا لافتا للأسف في مجتمعاتنا، ويزداد عدد المتسولين مع دخول شهر رمضان، حيث يحرص المتسولون على استغلال خصوصية هذا الشهر مستغلين فضل وعظمة الصدقة فيه. وزاد «لكن التسول غير مقبول سواء مع وجود جهات حكومية تساعد المحتاجين بعيدا عن هذا المظهر غير الحضاري، حيث أصبحت بعض الأسواق والأماكن العامة تعج بالمتسولين أكثر من روادها».

ويضيف الخضير «أكثر أنواع التسول والتي انتشرت هذا العام هي قيام عدد من النساء بالمرور على المنازل والتسول طلبا للمال، وإيقافك من قبل بعض الأشخاص المسافرين بحجة نفاد نقودهم وهم مسافرون لبلدهم». وطالب بوجود مكتب لمكافحة التسول بالمنطقة لمتابعة المتسولين ومراقبة أماكن تجمعهم والقضاء على هذه الظاهرة، كذلك لا بد من توعية المجتمع، خصوصا من الخطباء والوعاظ والمؤسسات الاجتماعية والثقافية بالتسول ومكافحته . ويشير نواف عايد، وهو من سكان مدينة حائل إلى ان الوافدين يشكلون القسم الأكبر من المتسولين في حائل، خصوصا شريحتى النساء والأطفال، وتعتبر منطقة انتشارهم داخل الأسواق التجارية، كذلك أمام المساجد، وأكد نواف أن بعض المتسولين يقودون سيارات تحمل لوحات سيارات خليجية وعربية، بعضها سيارات أجرة ويطلبون مبالغ مالية برفقة عائلاتهم بحجج مختلفة، خصوصا مع افتتاح طريق حائل الجوف الدولي والذي يصل دول الخليج بالدول العربية المجاورة مرورا بحائل .

وعن أسباب كثرة المتسولين، قال نواف إن غياب دور مكافحة التسول هو السبب، كذلك جهل المجتمع بأن التسول أصبح مهنة يقبل عليها بعض ضعاف النفوس مطالبا بمكتب لمكافحته بحائل.