الأسبوع التمهيدي.. يسهل الفطام الثاني للأطفال لدخول أجواء الدراسة بدون بكاء

ينطلق اليوم باللعب والمرح وبناء علاقات مع الآخرين.. و«التربية» تعتبره تمهيديا تعريفيا

اليوم تبدأ عجلة التعليم تدور بانطلاق عام دراسي جديد («الشرق الأوسط»)
TT

علي ومحمد وشوق كغيرهم من عشرات الآلاف من الأطفال الذين يتلقون فطامهم الثاني هذا اليوم، حيث سيغادرون أسرهم الصغيرة من الأب والأم والأشقاء، ومجتمعهم المحدود من الأقارب والجيران، الذين قضوا فيه 6 سنوات، إلى المجتمع الواسع، وهم يشعرون بكثير من الخوف والترقب، أو الانبهار، وقد يذرفون بعض الدموع نتيجة للرهبة، من عالم الدراسة الجديد بالنسبة لهم.

كبداية تمهيدية لهذه التجربة الجديدة، يبدأون مشوارهم باللعب والهدايا والمرح، والوجبات الخفيفة، طوال 5 أيام، وهو ما يسمى بالأسبوع التمهيدي، وهو ما تعتني به المدارس وتنفذه، حسب إمكاناتها، والمساحة المتاحة لها، من أجل تهيئتهم للأجواء، للانخراط في الجو المدرسي الجديد.

فالمُستجدون من الطلبة في السعودية، على موعدٍ هذا العام، مع اسبوعٍ دراسي، تمهيدي، تعريفي، لا يخلو من المرح واللهو واللعب، على خلاف ما خضع له أبناء الأجيال السابقة من السعوديين، حال وضع أقدامهم على الخط الدراسي، أو الانخراط في حياة التعليم في بلادهم.

ويبدأ الأسبوع التمهيدي مع بداية الدراسة، حيث كانت بدايته في الأعوام السابقة، منتصف الأسبوع السابق للدراسة، إلا أن تمديد الإجازة إلى اليوم السبت الموافق 11 أكتوبر (تشرين الأول) جعل الأسبوع التمهيدي يبدأ مع بداية الدراسة. وبحسب الدكتور عبد الرحمن المديرس مدير التعليم في المنطقة الشرقية، فإن خططاً لدى جميع المدارس، من حيث استقبال أولياء الأمور من اليوم الأول، إضافةً إلى تنفيذ حزمة من البرامج التمهيدية للمستجدين، تنفذ على مدى أسبوع دراسي بحضور أولياء أمورهم، وبرامج مفصلة للأسبوع التمهيدي، من الممكن أن تجعل الأطفال ينخرطون في الدراسة بسلاسة، وبدون حدوث صدمات نفسية لهم، جراء الأجواء المدرسية.

وقال المديرس إن نقل الطفل من الأجواء المنزلية إلى الدراسية، من الممكن أن يُصيب الطالب المستجد بالخوف والرهبة، إلا أن تنفيذ الأسبوع التمهيدي من قبل التربويين في المدارس، له الدور الكبير في جعل هذا التغيير الجذري طبيعياً، بحيث لا يشعر الطفل أنه ابتعد عن أهله، ويتقبل الأجواء الدراسية، ويتفاعل مع زملائه وأقرانه ومعلميه، ويضع قدمه على الطريق فيما يتعلق باكتساب المهارات التي يتضمنها المنهج الدراسي بيسر وسهولة.

الدكتور مهدي الطاهر أستاذ علم النفس التربوي بكلية المعلمين بالدمام، يرى أن فطام الطفل بانتقاله من البيت إلى المدرسة دفعة واحدة، يولد له نوعا من عدم الارتياح والشعور بالقلق، وهذا ما دعا التربويين في وزارة التربية والتعليم، إلى تبني فكرة الأسبوع التمهيدي، الذي يكسر خوف الطالب الجديد من المدرسة وأجوائها.

ويضيف الطاهر، أنه في الآونة الأخيرة تقلصت نسب حالات الخوف من المدرسة إلى حد كبير، بسبب تسجيل الأبناء لأطفالهم في رياض الأطفال، مما جعل المدرسة تبدو لدى الطفل حالة طبيعية.

ويؤكد الدكتور مهدي الطاهر، أن الرهبة من المكان والأعداد الكبيرة من الأطفال في مكان واحد، تخلق نوعاً من «الفوبيا» لدى الأطفال، لكنها تبقى في الحدود الطبيعية لدى الطفل، بحيث لا تجعله ينفر من المدرسة.

وينصح الدكتور مهدي الطاهر الأسر التي لم يتح لها إرسال أطفالها إلى رياض الأطفال، أن تتجه إلى تعريفهم على المدرسة بطريقة محببة، مثل المرور من أمامها في الفترة المسائية وتنبيهه إلى أن هذه مدرسته، وأنها كبيرة وجميلة، وهذا التدرج سيكون لدى الطفل إطارا معرفيا عن المدرسة عندما يذهب لها صباحاً، وشدد على ضرورة الحزم أيضاً في مسألة الذهاب إلى المدرسة، وعدم الرضوخ له عندما يبدأ في البكاء في وقت الذهاب إلى المدرسة صباحاً، مما يجعل فترة تقبل المدرسة تطول لدى الطفل.

المعلم حسين الزهراني مدير مدرسة المقداد الابتدائية في الدمام، يقول: الأسبوع التمهيدي ينزع الرهبة لدى الطالب من المدرسة، فالعدد الكبير من الأطفال، إضافة إلى أن كل الموجودين في هذا الموقع هم من جنس واحد على اختلاف الوضع في المنزل حيث هناك الأم والأخت، أو الأخ والأب بالنسبة إلى البنت الصغيرة، يولد هذه الرهبة، لكن مشروع الأسبوع التمهيدي يجعل من السهل تقبل هذا المكان.

ويشير إلى أن التعريف بنظام المدرسة في جو من المرح يعمل على ترسيخه لدى الطفل، ويلمح الزهراني إلى أن تعويد الطفل على الدخول والخروج من مبنى المدرسة بشكل متدرج حيث تطول الفترة في كل يوم عن اليوم الذي يسبقه يجعله يتقبل المكوث فترة أطول في المدرسة.

ويضيف: الألعاب التي يتم تنفيذها ضمن برامج هذا الأسبوع تعمل على استثارة همة الطفل حيث يتنافس مع زملائه في الألعاب الفردية، أو يتعاون معهم في الألعاب الجماعية، مما يساعده في بناء علاقاته مع زملائه وكذلك مع معلميه.