البطاقات الجامعية في السعودية.. تواجه «الدوبلير» الدراسي

انتحال هوية الطالب.. ظاهرة تنعشها «الفزعة» والجهل بالخصوصية

«يمكنك الاختبار بدلاً عني».. عبارة يقولها بعض الطلبة وتقلق الأكاديميين السعوديين («الشرق الأوسط»)
TT

يبدو أن مهمة «الدوبلير» لم تعد مقتصرة على الأفلام السينمائية التي يتلقى خلالها الضربات والمخاطر بدلاً عن الممثل الحقيقي، فهناك أيضاً الدوبلير الدراسي الذي أصبح يمثل ظاهرة في الجامعات السعودية، حيث يقوم بالاختبار أو تسلم الوثائق والتوقيع بدلاً عن الطالب الحقيقي، وفق ما يعرف في العامية السعودية بمفهوم «الفزعة»، والذي يعني خدمة الآخر.

أمام ذلك، تشتد الإجراءات التي تتحملها الجامعات السعودية مطلع السنة الدراسية في سبيل مكافحة ظاهرة الدوبلير الدراسي، ومن أبرزها استخراج وتجديد البطاقات الجامعية، التي تعد أهم وثيقة رسمية لاثبات هوية الطالب، إلا أن هذه البطاقة لم تستطع الحد من انتحال شخصيات الطلبة أو الاختبار بدلاً عنهم أو حتى تسجيلهم في كشوفات الحضور زوراً، كما أكد مسؤولون في الجامعات السعودية خلال حديثهم لـ«الشرق الأوسط».

وتوضح لمياء العوجان، مسؤولة القبول والتسجيل لأقسام الطالبات في جامعة الملك فيصل بالدمام، أن الجامعة أصبحت تشدد كثيراً في احضار واظهار البطاقة الجامعية ولا تسلم أي وثيقة من دون التأكد من هوية الطالبة الحقيقة، وهو ما أرجعته للحذر من انتحال شخصية إحدى الطالبات، والذي وصفته بالأمر الصعب مع التشديدات الحديثة رغم وجود بعض القصص السابقة.

وتابعت العوجان حديثها مؤكدة أن البطاقة الجامعية أهم إثبات للطالبة داخل الحرم الجامعي، وقالت إنه عند فقدها أو نسيانها يتوجب على الطالبة استخراج بطاقة جديدة ودفع بدل فاقد يبلغ 50 ريالا (13 دولارا)، وبسؤالها عن ردة فعل الجامعة تجاه الطلبة المهملين أو الذين يضيعون البطاقة أكثر من مرة، قالت إن كثرة فقد البطاقة تضاعف من قيمة بدل الفاقد مستقبلاً.

بينما تتذكر عميدة أقسام الطالبات في إحدى الجامعات السعودية، والتي فضلت عدم ذكر اسمها، قصة حصلت العام الماضي في اختبار مادة اللغة الانجليزية، والتي ترويها بالقول، إن إحدى الفتيات حضرت للاختبار بدلاً عن ابنة عمها وتم اكتشاف ذلك لاحقاً بعد التأكد من هوية الطالبة، وأفادت بأن مثل هذه القصص عادة ما تتركز أثناء فترة الاختبارات.

وأوضحت أن بعض الطالبات يقمن بالتبليغ عن ضياع البطاقة الجامعية بهدف استخراج بطاقة أخرى، مما يعني أن تكون معها بطاقتان، ورغم وجود الصورة الشخصية في البطاقة الجامعية، إلا أنها لا تمنع التدليس فيها، حيث بيَّنت أن ذلك يتم عادة عبر التمويه على المسؤولات، وهو ما يتوجب متابعة إصدار البطاقات إلكترونياً، مضيفة أن «البطاقة الجامعية لها قوة اعتبارية وعقوبة مالية».

وزيادة في الاحترازات الأمنية، فإن عمر البطاقة الجامعية قصير، لا يتجاوز العام الواحد فقط، يُلزم بعده الطالب باستخراج بطاقة جديدة لضمان استمراريته بالدراسة، مما يجعلها أول إثبات يستقبل الطالب في الجامعة وآخر ما يودعه عند التخرج والانتهاء من اجراءات إخلاء الطرف الجامعي، فيما يتطلب استخراجها وفق أنظمة الجامعات السعودية احضار صورة من الهوية الرسمية وصورة شخصية ونموذج تعبئة طلب اصدار البطاقة الجامعية، التي تبقى عرضة للسرقة أو الفقد بشكل دائم.

وبينما تزداد وتيرة التشديد على البطاقات الجامعية في المحاضرات والمكتبات خاصة، يرى عبد الله الخميس، مسؤول في عمادة القبول والتسجيل في جامعة الملك سعود بالرياض، أن انتحال شخصية طالب يمثل حالات معينة ويحدث عادة في فترة الاختبارات والتي يحاول البعض فيها تقديم الاختبار، بدلاً عن طالب آخر. وأردف بأنه عند ضياع البطاقة الجامعية يـُنشر اعلان بذلك في مجلة الجامعة للإفادة.

ولا يقتصر حضور الدوبلير الدراسي على مواقع الصرح الجامعي، فقد يتجاوز ذلك لتمثيل هوية طالب آخر عبر النظام الالكتروني، كما يوضح الدكتور أحمد الشعيبي، عميد تطوير التعليم الجامعي ومدير مركز تقنية المعلومات في جامعة الملك فيصل بالأحساء، الذي أكد أن موقع الجامعة الالكتروني الذي تجاوز عمره 10 سنوات لم يمر بأي عملية اختراق أو تعد على البيانات لوجود نظام حماية قوي، إلا أنه أفاد بأن بعض المشاكل تحدث من الطلبة أنفسهم.

وتابع الشعيبي حديثه لـ«الشرق الأوسط» بالقول إن بعض الطلاب يقومون باختيار أرقام سرية من السهل كشفها، مما يجعل الطلبة الآخرين يتمكنون من الدخول على حساباتهم وانتحال هوياتهم، بهدف حذف إحدى المواد من جدول الطالب الضحية والتمكن من تسجيلها لحسابه، خاصة في حال أقفلت الشعب الدراسية بداعي الاكتفاء، إلا أنه عاد ليؤكد أن هذه الحالات محدودة ويتعرض لها غالباً الطلبة المستجدون أو الذين يقدمون بيناتهم للغير باختيارهم ليقوموا بإحدى المهام بدلاً عنهم.

وأفاد بأن الجامعة تشدد على ضرورة المحافظة على الرقم الجامعي والرمز السري الخاص بالطالب، وألا يقوم بافشائه لأي شخص، وأردف أنه في حال فعل الطالب ذلك، يتحمل هو مسؤولية فقدانهما أو اساءة استخدامهما. في حين عمدت مجموعة من الجامعات السعودية مؤخراً إلى توعية الطلبة المستجدين منذ أيامهم الأولى بأهمية المحافظة على بيناتهم الشخصية، والابتعاد عن الممارسات غير القانونية داخل الجامعة.