السعودية تشهد أجواء ماطرة لم تعرفها منذ عقد من الزمن

آراء فلكية تربط بين غزارتها ودخول نجم «السمّاك»

3 رجال يغطون أقدامهم بأكياس بلاستيكية يحاولون عبور الشارع المغمور بمياه الأمطار (أ. ف. ب)
TT

تستعيد معظم المناطق السعودية هذه الأيام، أجواء ماطرة، لم تشهدها منذ قرابة الـ11 عاما، بحسب أحد الخبراء الفلكيين، الذي ربط بين الارتفاع في نسبة الأمطار التي شهدتها البلاد حاليا، ودخول نجم «السمّاك»، النجم الثاني في موسم الوسم، الذي يتصف بالمساعدة على ظهور عدد من الأعشاب الصحراوية، من بينها «الفقع».

وتوقع الدكتور خالد الزعاق الباحث الفلكي السعودي، وعضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، خلال حديث لـ«الشرق الأوسط» استمرار هطول الأمطار بكميات وصفها بـ«الكبيرة» على أجزاء من البلاد، حتى نهاية الأسبوع المقبل، مُرجعاً ذلك إلى هطول الأمطار ما بين موسمي الصيف والشتاء، والتي تتصف بزيادة حجمها عن أنواع الأمطار الأخرى.

ووصف السنة الحالية بـ «السنة المُمطرة»، والتي في الغالب ما تشهدها البلاد عقب 11 عاما مُتتالية، والتي في الغالب، ما تكون أمطاراً مُشبعةً للأرض، مُساعدةً في نفس الوقت على ظهور بعض الأنواع الخاصة من النبات البري، مثل الكمأ «الفقع»، عقب أن حُرمت البلاد أمطاراً من هذا المستوى، لأكثر من 11 عاما ماضية.

وحذر الزعاق في الوقت نفسه، من ارتياد المناطق التي تشتهر بالأودية والشعاب، مُعللاً باتسام الأودية في البلاد، بالهجوم المُفاجئ، حال هطول أمطار بنسب أعلى من متوسطة.

وتبادل السعوديون أمس، التهاني والتبريكات، بمناسبة هطول الأمطار على البلاد، التي يُعتقد أنها تشهد موسماً ربيعياً، حُرمت منه لعدة أعوام سابقة. وتبدل حال عدد من المناطق والمحافظات السعودية، من أجواءٍ مُلتهبة، إلى أجواءٍ باتت أقرب إلى الـ «عليلة»، عقب أن شهدت أمس، السعودية، هطول أمطار ما بين خفيفة إلى متوسطة، على أجزاء منها، قادت تلك الأجواء، السعوديين للخروج من رُكام المُدن، إلى المناطق الصحراوية، التي يحرصون على ارتيادها حال دخول موسم هطول الأمطار على بلادهم.

وشهدت العاصمة السعودية الرياض، وعدد من محافظات المنطقة الوسطى، هطول أمطار اقتربت من المتوسطة، منذُ ساعات الصباح الباكر، مع انخفاض ملموس في درجات الحرارة، قادت أهالي العاصمة، للخروج للمناطق البرية القريبة من مدينتهم، للتمتع بمنظر بعض الأودية التي سالت على إثر الأمطار التي شهدتها المنطقة.

منطقة القصيم وما جاورها من محافظات، كان لها الحظ الأوفر من حيث هطول الأمطار، التي تواصلت في الهطول على تلك المنطقة، من ساعات ليلة أمس الأولى، لتزدان بدورها الأودية التي تشتهر بها المنطقة، والتي يعتبرها قاطنو تلك المنطقة، من أجمل المواقع من حيث التنزه الصحراوي.

محافظة جدة وأجزاء من المنطقة الغربية، أيضاً كانت من المناطق السعودية التي بلغتها الأمطار، بنسبة شبه متوسطة، سبقها تلبُد وحالة غير مُستقرة في الأجواء ليلة البارحة الأولى.

الشمال السعودي، كان له نصيب لا يُستهان به من حيث هطول الأمطار، وهي المنطقة التي شهدت أمطاراً من مُنتصف نهار أمس، تسببت في جريان عدد من الأودية والشعاب في الجزء الشمالي من البلاد.

وكانت المنطقة الجنوبية في السعودية، قد تعرضت لأمطار شبه غزيرة، سالت على إثرها بعض الأودية والشعاب في المنطقة، لتأتي الأكثر من بين المناطق السعودية من حيث نسبة هطول الأمطار.

المنطقة الشرقية حُرمت من فرصة هطول الأمطار التي شهدتها أجزاء عدة من البلاد، إلا أن عددا من المحافظات التابعة للجزء الشرقي، كان لها الحظ في هطول الأمطار، التي استمرت من يوم أمس الأول، مثل محافظة حفر الباطن، وعدد من القرى التابعة لها. ورأت الرئاسة العامة لهيئة الأرصاد وحماية البيئة، فرصةً لهطول الأمطار المصحوبة بالعواصف الرعدية، على عدد من المناطق السعودية، من بينها، وسط وشرق البلاد، خاصةً الأجزاء الواقعة ما بين الرياض ومنطقة القصيم، تمتد حتى حفر الباطن، حتى نهاية الأسبوع الجاري.

واستقبلت إدارة مرور الرياض أمس اكثر من 3900 بلاغ منذ ساعات الصباح الباكر، كان 415 منها يُفيد بوقوع حوادث، مُرجعةً الأسباب في الوقت نفسه إلى إنشغال قائدي المركبات بالمُكالمات الهاتفيه، وعدم ترك مسافة بين وبين المركبة التي أمامه أثناء القيادة، وبخاصة في الأجواء الماطرة التي شهدتها العاصمة أمس.

ورفع الدفاع المدني حالة التأهب والاستعداد في كافة إداراته ومراكزه في المنطقة الوسطي التي شملتها الأمطار، ووجه في الوقت نفسه عدة رسائل تحذيرية للمواطنين والمقيمين، من الاقتراب من الأماكن المنخفضة والأودية، أثناء هطول الأمطار لما قد تتسبب من حالات غرق. ويتزامن هطول الأمطار على منطقة الخليج، والسعودية، مع دخول ما يُعرف بـ «الوسم» لدى الخليجيين، والذي يبدأ من منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) حتى بداية شهر سبتمبر (كانون الأول)، لمدة 52 يوماً، وهي الأيام التي تكثر فيها نسبة هطول الأمطار، وتكتسي الأرض بالخضرة، وتكثر فيها الأعشاب البرية الخاصة بتلك الأيام، مثل «الشيح، والروض، والنفل»، وهي الأعشاب التي كانت حاضرةً في عدد من القصائد والأشعار الخليجية، لارتباط الشعر النبطي بالأجواء البرية خلال موسم فصل الربيع.

وتظهر خلال تلك الأيام نبتة الكما «الفقع» التي تُشبه «البطاطس» شكلاً، ويحرص السعوديون والخليجيون بشكل عام على التقاطها من الأرض في المناطق الصحراوية التي تتعرض لهطول أمطار خلال أيام الوسم، وهي النبتة التي يجد مُلتقطوها مُتعةً في جمعها، وتُعرف بعدة أنواع مثل «الزبيدي، والخلاص، والجباة، والهبيري»، الغنية بمحتواها من البروتين، وتعتبر بديلاً عن «اللحم» في الوجبات السعودية الشعبية.