السعودية: إجلاء 1130 شخصا في القصيم.. وإنقاذ طفلة جرفتها الأمطار في عفيف

وفرت خياما للبعض.. وأسكنت آخرين في أجنحة مفروشة

مجموعات متناثرة من أهالي القصيم خرجت للبر بعد هطول الأمطار مستفيدة من تحسن الطقس في المنطقة (تصوير: خالد الخميس)
TT

أجلت الأجهزة الأغاثية السعودية في منطقة القصيم، ما يقرب من 1130 شخصا، تعرضوا للاحتجاز في منازلهم، جراء الأمطار الغزيرة التي شهدتها منطقتهم على مدى الثلاثة أيام الماضية.

وتركزت حالات الإنقاذ التي نفذتها أجهزة الدفاع المدني في المنطقة، على احتجاز أشخاص وأُسر أثناء محاولتهم عبور مجاري الأودية والشعاب، وهو ما أدى إلى عدم قدرة مركباتهم على السير داخل تجمعات مائية، أو مواقع طينية، بحسب بيان الدفاع المدني بالقصيم، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخةٍ منه.

وجرى جراء تلك الأمطار، وادي «الرمة» الذي تقع منطقة القصيم (وسط السعودية) على ضفافه، وهو الوادي الذي لم يشهد أن جرى منذُ ما يقرب من 28 عاماً، بحسب شهود عيان من أبناء المنطقة، في حين يُعتبر من أكبر الأودية على مستوى الشرق الأوسط، والذي يصفه البعض، بالوادي «المُهلك» حال جريانه.

ووفرت الجهات الرسمية السعودية، الخيام للأسر التي تم إجلاؤها من مواجهة مياه السيول، فيما تم إجلاء البعض الآخر من ذات الأسر، الى شقق مفروشة في المنطقة.

وفي محافظة عفيف لم يختلف الوضع عما شهدته منطقة القصيم، حيث عثرت أجهزة الإنقاذ السعودية على طفلة جرفتها السيول صباح أمس الأول، في حين أجلت أعدادا وصفها شهود عيان بـ«الكبيرة» من الأشخاص الذين احتجزتهم مياه الأمطار والسيول.

ووفرت وزارة المالية في ذات الوقت، خياماً ومواد غذائية وطبية لمن تم إجلاؤهم جراء الأمطار والسيول التي شهدتها محافظتهم، فيما عُقدت لجنة فورية لإعادة ربط المراكز التي انقطعت عنها الطرق.

وفي محافظة المجمعة تمكنت فرق إنقاذ غواصة، من إخراج 3 أشخاص، حاصرتهم مياه الأمطار الضخمة، التي تسببت بدورها بارتفاع منسوب المياه في أحد السدود التي لا تزال تحت الإنشاء، وهو ما تسبب في انجراف  بعض أطراف السد، في الوقت الذي فُتحت عبارات خاصة بالسد، لتخفيف الضغط الذي تسببت فيه كميات الأمطار الضخمة.

وفي العاصمة السعودية الرياض، قالت إدارة الدفاع المدني على لسان مديرها اللواء عابد الصخيري في بيانٍ حصلت «الشرق الأوسط» على نسخةٍ منه، بأن لجانا تم تفعيلها بكافة المناطق والمحافظات التي تعرضت للسيول والأمطار الغزيرة، يترأسها محافظو تلك المحافظات، تهدف لتوعية المواطنين والمقيمين في تلك المحافظات من أخطار السيول التي قد تقود للوفاة لا قدر الله.

واستندت إدارة الدفاع المدني الى تقارير جوية صادرة عن مصلحة الأرصاد وحماية البيئة، وهي الجهة المسؤولة عن مُتابعة أحوال الطقس في السعودية، والتي أكدت هي الأخرى على عدم استقرار الأجواء في عدد من المناطق والمحافظات السعودية خلال الأيام المقبلة. ودعت في الوقت نفسه لعدم الاقتراب من بطون الأودية والشعاب والسدود، حتى وأن بدت لهم الأجواء مُناسبة للخروج والتنزه، وهو ما قد يقود للخطر وتأخر الإسعاف والإغاثة بحسب بيان الدفاع المدني.

في هذه الأثناء، قال الفريق سعد التويجري مدير عام الدفاع المدني السعودي، «البعض يعيب علينا ويعتقد أننا لا نقوم بعملنا على الوجه المطلوب، ويتجاهلون في نفس الوقت أخطاءً يقعون فيها من خلال عبور مجاري أودية خطرة تؤدي للوفاة، عندما تندفع السيول بشدة، خصوصاً إن كانت الأجواء لا تسمح للطائرات العمودية بالإقلاع لإتمام عمليات البحث عن مفقودين في مجاري تلك الأودية التي بات بعض المواطنين والمتنزهين لا يأبهونها ولا يعون خطر مواجهتها».

وأوضح التويجري الذي تحدث في تصريحات خاصة بـ«الشرق الأوسط» عدم قدرة جهازه على منع المُتنزهين من التنزه عقب هطول الأمطار على مناطقهم، إلا أن إدارات الدفاع المدني سجلت عددا من الحالات التي وصفها بالخطرة، من خلال وجود كثير من المتنزهين في مجاري السيول والأودية، وهو ما قاد الدفاع المدني إلى توجيه عدد من الرسائل التحذيرية التوعوية من خطر السيول التي قد تودي للوفاة، بحسب تعبير التويجري.

وجاءت تصريحات التويجري تلك عشية فقد أحد المواطنين لابنين من أبنائه في مجرى أحد الأودية في منطقة تبوك (أقصى شمال السعودية) أمام عينه بحسب تأكيدات قائد جهاز الدفاع المدني، وهو ما أسف له الفريق التويجري، إلى جانب عدم وعي مواطني بلاده بالخطر الذي قد يلحق خلال جريان أي من الأودية أو مجاري السيول.

وقال التويجري الذي تحدث عبر الهاتف لـ«الشرق الأوسط» خلال جولة ميدانية كان يقوم بها على عدد من المناطق والمحافظات السعودية أمس الأول الخميس «سيكون لدينا هذا العام مخزون ضخم من المياه، من خلال مُشاهدتي لكميات الأمطار، ولبُحيرات من الأمطار من الأعلى، أثناء تحليقي في أجواء تلك المناطق من الطائرة العمودية التابعة للدفاع المدني».

واستنفرت في ذات الوقت، فروع الدفاع المدني بأنحاء البلاد كامل قواها البشرية والآليات التابعة لها، للتعامل مع الحالات التي تسببت فيها الأمطار التي شهدتها المنطقة الأسبوع المنصرم. وشهدت مناطق ومحافظات السعودية الأسبوع الماضي وما قبله، أمطاراً وصفتها جهات رسمية بالغزيرة، فيما أكدت رئاسة الأرصاد وحماية البيئة في البلاد، على وجود فرص هطول أمطار بذات الكميات على مناطق ومحافظات البلاد.

وأرجع مُهتمون في علوم الفلك والفضاء كميات الأمطار التي هطلت على السعودية، لدخول فصل الشتاء في توقيت نجم «السمّاك» الذي في الغالب ما تكون كميات المياه التي تهطل عقب دخوله أكبر من هطولها في توقيت آخر.

ولم تشهد السعودية أمطاراً بتلك الكميات منذُ أكثر من 11 عاما، وهي الكميات التي قد تقود بحسب تأكيدات المهُتمين من الخبراء في علم الفلك، إلى موسم ربيعي مُختلف عن الأعوام الماضية في البلاد، والخليج بشكل عام. ويستهدف أبناء منطقة الخليج، المناطق الصحراوية في السعودية، للتنزه والخروج إليها، لقضاء فترات الإجازات الرسمية وعطل نهاية الأسبوع، وهو ما كانت شاهدةً عليه المواسم الربيعية التي شهدتها السعودية خلال الأعوام الفائتة.