السعودية: الحاجة إلى 4.5 مليون وحدة سكنية خلال الـ 20 عاما المقبلة

رئيس اللجنة العقارية لـ«الشرق الأوسط»: السماح بدراسة لمعرفة تحمل البنية التحتية في جدة لزيادة أعداد الوحدات السكنية

السعودية بحاجة إلى 4.5 مليون وحدة سكنية حتى 2029 («الشرق الأوسط»)
TT

قدرت تقارير صادرة عن غرفة تجارة وصناعة جدة، عن حاجة السعودية الى نحو 4.5 مليون وحدة سكنية خلال العشرين عاما المقبلة، مشيرة إلى أن حجم الاستثمار وتكاليف الإنشاء، ستفوق تريليوني دولار.

يأتي ذلك في وقت أكد المهندس خالد جمجوم، رئيس اللجنة العقارية في الغرفة التجارية الصناعية بجدة، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أن غرض الشركات الخاصة من التطوير العمراني ليس لخدمة الناس، إنما لتحقيق الأرباح المادية». مؤكدا «أننا نعمل على تكوين معادلة جيدة بين ربح القطاعات الخاصة ومتطلبات المجتمع، غير أن الأخبار السيئة التي طالت مشاريع التطوير أخيرا سببها التباطؤ في إنجاز المشاريع وفق ما يخدم المصلحة العامة، خصوصا بعد نزول أسعار البناء، إذ ان هناك من سيعود لإكمال حركته خلال الأشهر القليلة المقبلة».

وأضاف: «عادة ما تتطور المدن في العالم من الشمال إلى الجنوب، الأمر الذي يجعل المشاريع التطويرية أكثر وضوحا في شمال جدة من جنوبها، إضافة إلى وجود عوائق جغرافية في الجنوب من ضمنها وجود القاعدة العسكرية والميناء والصرف الصحي، ما يجعل التطور في تلك المنطقة ضعيفا إلى حد ما».

وأشار جمجوم إلى أن التوجه العمراني لجدة نحو إنشاء الأبراج السكنية يخدم الفئة المترفة والمثقفة الوسطى، إذ ان الطبقة دون المتوسطة لا تملك خيارا سوى في الخروج من المنطقة أو التوجه نحو الشقق القديمة التي من الممكن إعادة إحيائها وتأجيرها بأسعار مخفّضة.

وأفاد رئيس اللجنة العقارية بغرفة جدة، أنه تم السماح بدراسة سرية أعدتها أمانة المحافظة بخصوص البنية التحتية ومدى تحملها لزيادة أعداد الوحدات السكنية التي ستسهم في ارتفاع تكاليف خدمات الكهرباء وغيرها، لافتا إلى أن الدولة لا تملك خيارا آخر لتغطية احتياجات أعداد السكان المتزايدة رغم تأثير تلك الوحدات في خطوط السير والازدحام، لا سيما أن مدينة جدة «ضاق بها جلدها» بحسب وصفه. وقدرت تقارير صادرة عن غرفة جدة أمس حاجة السعودية الى مساكن بنحو 4.5 مليون وحدة سكنية خلال الـ20 سنة المقبلة. مشيرة الى أن حجم الاستثمار وتكاليف الإنشاء ستفوق الـ2 تريليون دولار.

وقال بيان صادر أمس عن مجلس جدة للتسويق المنبثق عن الغرفة التجارية الصناعية بجدة، إن السوق العقاري السعودي الذي حقق نموا كبيرا في الفترة الأخيرة، أصبح يحتاج إلى أربعة ملايين ونصف المليون وحدة سكنية خلال السنوات العشرين المقبلة، باستثمارات تقدر بنحو 2 تريليون دولار وفقا للدراسات التي أجريت أخيرا عبر شركة «دار الأركان للتطوير العقاري»، الشريك الرئيسي لمنتدى جدة الاقتصادي العاشر 2009.

وأفاد المجلس خلال اللقاء الخاص الذي عقد أخيرا بمقر مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بجدة مع رئيس الغرفة والعضو المنتدب لشركة «دار الأركان للتطوير العقاري» عبد اللطيف عبد الله الشلاش، الذي تم خلاله التوقيع على عقد الشراكة لرعاية منتدى جدة الاقتصادي العاشر، أن الاستثمار العقاري في المملكة يسير وفق وتيرة متسارعة ومتطورة.

وقال صالح بن علي التركي، رئيس غرفة جدة «إن عقد الشراكة الذي وقعته الغرفة مع «دار الأركان» هو للرعاية الرئيسية للدورة العاشرة لمنتدى جدة الاقتصادي 2009، الذي يقام خلال الفترة من 14 إلى 17 فبراير المقبل، تحت شعار (الحضور العالمي.. المستقبل بالتصميم)، بمركز جدة الدولي للمنتديات والفعاليات، برعاية الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز، أمير منطقة مكة المكرمة، ومشاركة نخبة من السياسيين والاقتصاديين والمفكرين في العالم».

وكشف التركي أن شركة «دار الأركان»، التي تعتبر من كبرى شركات تطوير العقار في المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي، ستكون (الشريك الرئيسي) للمنتدى، وأنه سيكون لها مكان بارز في المنتدى الذي حقق شهرة عالمية، حيث ستعقد مؤتمرا صحافيا على هامش الفعاليات ويكون لها مكان مميز داخل صالات العرض، وستحظى بدعم إعلامي كبير يواكب السمعة التي اقترنت بمنتدى جدة الاقتصادي الذي استضاف خلال دوراته التسع السابقة 32 ألف مشارك من 58 دولة وحاضر فيه 128 متخصصا أكاديميا ومهنيا في علوم الاقتصاد والإدارة والأعمال والاستثمار والاستراتيجية والمصارف والتأمين والشركات والتدريب والتخطيط والتسويق والتنفيذ والسياحة من 37 دولة، بينهم 13 رئيس دولة، سابقا وحاليا، و4 رؤساء مجالس وزراء سابقين، و4 رؤساء مجلس وزراء حاليين، و46 شخصية اعتبارية رفيعة المستوى.

إلى ذلك أكد العضو المنتدب لشركة «دار الأركان للتطوير العقاري»، أن شركة «دار الأركان»، طرحت منتجاً جديداً للمرة الأولى في العامين الماضيين في السوق السعودي متمثلاً في الصكوك الإسلامية، طويلة ومتوسطة وقصيرة الأجل، التي وصلت قيمتها الإجمالية في الطرحين الأول والثاني إلى ما يقارب الـ6 مليارات ريال، كما اضطلعت الشركة بمشاريع عملاقة مثل مشروعي شمس الرياض والقصر في الرياض ومشروع التلال في المدينة المنورة وأخيراً مشروع تطوير منطقة خزام في وسط مدينة جدة، الذي قام بتدشينه خادم الحرمين الشريفين مطلع الشهر المنصرم.

من جهتها، طالبت الباحثة العقارية هويدا الأسطى، عضو اللجنة العقارية في غرفة جدة، بضرورة إعادة تخطيط مدينة جدة قبل البدء في مشروع زيادة الوحدات السكنية بها، وقالت لـ «الشرق الأوسط»: «إن عدد السكان سيزداد من 22 إلى 30 مليون نسمة في عام 2020، الذي يتطلب تمويلا إسكانيا يقدّر بنحو 117 مليار ريال سعودي، إضافة إلى مساحة تبلغ 110 ملايين متر مربع من الأراضي الصالحة للسكن لتغطية تلك الزيادة، الأمر الذي يؤدي إلى وجوب توسيع قاعدة الاستثمارات العقارية».

وأوضحت أن هناك الكثير من المناطق لم تصلها الخدمات حتى الآن، رغم بدء العمل فيها، وأضافت: «لا بد من توسعة رقعة مدينة جدة واستخدام الأراضي التي لم تستخدم وتوصيل الخدمات إليها بأسرع وقت، لا سيما أنه من الممكن التسبب في عجز عقاري كبير إذا لم يؤخذ تزايد السكان بعين الاعتبار»، مشيرة إلى بدء الهيئة العليا للاستثمار بدراسة متكاملة بشأن هذا الأمر.

وبيّنت أن اتجاه العمران نحو الأبراج السكنية لن يلامس محدودي الدخل، ما دفع بعض أصحاب الشركات إلى طرح مشاريع مدن سكنية تخدم تلك الفئة، والمعتمدة على تسهيلات معينة تقدّم من قِبل الدولة.

وقالت: «في النهاية يريد أصحاب الشركات الكبرى تحقيق المكاسب، إضافة إلى تقديم العديد من رجال الأعمال مساهمات قد تكون بسيطة، إلا أنه من الضروري تضافر جهود القطاعات الخاصة والدولة للنظر في أمر ذوي الدخل المحدود».

فيما أكدت المثمّنة العقارية عفّت عبد الكريم، أن إقبال الناس على العقارات الواقعة في شمال مدينة جدة، يعد من أبرز المشاكل التي تواجههم في عملهم، خاصة أن أسعارها مرتفعة، رغم وجود أكثر من 200 وحدة سكنية في أحياء متفرقة.

وقالت: «إن مشاريع إنشاء الكباري ستسهم في تهيئة إمكانات مناسبة للعمل على توسعة الرقعة العمرانية بجدة، إلا أنها تفتقر إلى سرعة الإنجاز التي تعتبر سببا رئيسيا في الازدحام المروري بالشوارع، إضافة إلى أن مدينة الملك عبد الله الاقتصادية من شأنها أن تخفف الكثافة السكانية الموجودة»، لافتة إلى أن جدة باتت محط أنظار المستثمرين الأجانب من كافة دول العالم، ما يزيد من إقبال الشركات الخاصة على إنشاء أحياء سكنية بها.

وأضافت: «شهدت منطقة جوهرة العروس انخفاضا في أسعار عقاراتها بنسبة 30 في المائة، وذلك عقب العدول عن تنفيذ مشروع الطريق الذي يربط بينها وبين مدينة الملك عبد الله الاقتصادية»، مؤكدة على وجود عروض عقارية كثيرة لا تتوافق مع الطلب في ظل بحث الكثيرين عن أسعار منخفضة.

ويظل المسكن حلم كل سعودي في ظل وجود إحصائية مسبقة بأن 22 في المائة أو اقل يملكون منازل خاصة في السعودية، حيث يقول عبد الله بن سعيد العدواني، الذي يعمل في احد القطاعات الحكومية براتب متوسط «حاولت أن أؤمن لي منزلا لكن الطريق متعثرة، فبدءا بارتفاع أسعار الأراضي، مرورا بارتفاع أسعار المواد، وانتهاء بجملة من المشاكل التي تبدأ ولا تنتهي».

ويضيف «قصة تملّك بيت في البلاد قصة طويلة تكاد في الوقت الراهن تقترب من الحلم الذي يصعب تحقيقه». ويرى العدواني «ان كل وعود الشركات وهمية هدفها الربحية بعيدا عن خدمة الإنسان، وهذا أمر طبيعي، فمن غير المعقول أن تشتري منزلا تظل تقسطه حتى 3 عقود»، متسائلا «أي منزل هذا؟».