تدشين الطابق الثالث من مشروع جسر الجمرات بطاقة استيعابية 5 ملايين حاج

اللواء الزمزمي لـ «الشرق الأوسط» : استعددنا بخطة خاصة تتلاءم مع التغير الجديد في المشاعر

أعمال الإنشاء في جسر الجمرات تتوالى قبل أيام من بدء مشاعر الحج («الشرق الأوسط»)
TT

لم تعد شعيرة رمي الجمرات، الشعيرة الاكثر اثارة لخوف حجاج بيت الله الحرام، عقب التحول الكبير بتحديثه بطوابق متعددة وواسعة تحمل اضعاف الاعداد سابقا، بما ينهى مآسي حوادث التدافع وموت واصابة ضيوف الرحمن أثناء عمليات رمي الجمرات.

ويعتبر مشروع التحديث والتوسعة لجسر الجمرات الذي جاء بتوجيه من حكومة خادم الحرمين الشريفين لوضع حل جذري لمشكلة التدافع، هو المشروع الابرز على مستوى العالم كما صنف، ورغم ان المشروع سيتم الانتهاء منه في موسم حج 2009 المقبل، الا انه اثبت نجاحه وبكل اقتدار خلال موسم حج العام الماضي، على الرغم من انه لم يكمل منه سوى ما نسبته 50 في المائة. وفي هذا العام سيتم افتتاح الجزء الثالث من المشروع وتشغيله عبر فتح الدور الثالث امام الحجاج. وكشف اللواء عادل الزمزمي، مدير المديرية العامة للدفاع المدني بمنطقة مكة المكرمة لـ«الشرق الأوسط» خلال تجربة افتراضية لحريق طائرة اقيم الايام الماضية في جدة، ان المديرية استعدت هذا العام بخطة خاصة لموسم الحج تتلاءم مع التغير الجديد في المشاعر خصوصا مع بدء العمل في الدور الثالث من جسر الجمرات.

ويتكون مشروع الجسر الجديد الذي يبلغ طوله 950 مترا وعرضه 80 مترا من 4 أدوار تنتهي أعمال انشائها قبل حج عام 2009 حسبما توضح التصاميم التي وضعها معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج بجامعة أم القرى ووزارة الشؤون البلدية والقروية، بجانب دراسات اعدتها جهات اخرى منها الهيئة العليا لتطوير مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة.

ووفقا للمواصفات، فإن أساسات المشروع قادرة على تحمل 12 طابقا، و5 ملايين حاج في المستقبل إذا دعت الحاجة لذلك، ويرتفع الدور الواحد اثني عشر مترا فيما يتضمن ثلاثة أنفاق وأعمال انشائية مع امكانية التطوير المستقبلي.

ويوفر المشروع 11 مدخلا للجمرات و12 مخرجا في الاتجاهات الأربعة، اضافة الى تزويده بمهبط لطائرات مروحية لحالات الطوارئ ونظام تبريد متطور يعمل بنظام التكييف الصحراوي يضخ نوعا من الرذاذ على الحجاج والمناطق المحيطة بالجمرات مما يؤدي لخفض درجة الحرارة الى نحو 29 درجة كما يضم أنفاقا أرضية. ورافق مشروع تطوير جسر الجمرات تنفيذ مشاريع جديدة في منطقة الجمرات، شملت اعادة تنظيم المنطقة وتسهيل عملية الدخول الى الجسر عبر توزيعها على 6 اتجاهات منها 3 من الناحية الجنوبية و 3 من الناحية الشمالية وتنظيم الساحات المحيطة بجسر الجمرات لتفادي التجمعات بها والسيطرة على ظاهرة الافتراش حول الجسر، الى جانب مسارات الحجاج.

وسيساعد المشروع على تنظيم وتخصيص الاماكن المناسبة للخدمات مثل الاغذية واماكن الحلاقة ودورات المياه والخدمات الطبية والاسعافية وقوات الدفاع المدني والامن العام.

ولتحقيق أعلى درجات الأمن والسلامة زود المشروع بآلات تصوير تقنية مطورة موزعة في عدة اماكن ومتصلة بغرفة العمليات التي تشرف على الجسر والساحة المحيطة به لمراقبة الوضع بصورة عامة واتخاذ الاجراءات المناسبة وقت وقوع أي طارئ.

وروعي في تنفيذ المشروع الضوابط الشرعية في الحج وازدياد عدد الحجاج المستمر وتوزيع الكتلة البشرية وتفادي تجمع الحجاج عند مدخل واحد، وذلك عن طريق تعدد المداخل والمخارج في مناطق ومستويات مختلفة تناسب أماكن قدوم الحجاج الى الجسر ومنطقة الجمرات حيث يبلغ عددها 11 مدخلا ومثلها من المخارج.

ويحتوى المشروع على انفاق لحركة المركبات تحت الارض لاعطاء مساحة أكبر للمشاة في منطقة الجسر ومخارج للاخلاء عن طريق 6 أبراج للطوارئ مرتبطة بالدور الارضي والانفاق ومهابط الطائرات.

ويؤمل ان يسهم تصميم احواض الجمرات والشواخص بطول 40 مترا بالشكل البيضاوي في تحسن الانسيابية وزيادة الطاقة الاستيعابية للجسر، مما يساعد في الحد من احداث التدافع والازدحام بين الحجاج اثناء اداء شعيرة رمي الجمرات.

ويعد مشروع تطوير جسر الجمرات والمنطقة المحيطة به الذي تقدر تكلفته بأربعة مليارات ريال (1.7 مليار دولار) إحدى العلامات البارزة في موسم حج هذا العام ونقلة نوعية باستخدام التقنية المتطورة للتسهيل على الحجاج في أداء ويمثل بحسب الكثير من المختصين «نقلة حضارية وهندسية» توفر انسيابية في حركة الحجاج وتوفير وسائل السلامة والخدمات المساندة أثناء تأديتهم لنسك رمي الجمار أيام التشريق التي عادة ما تشهد أحداث تدافع وازدحام تخلف عددا من المصابين والموتى.

ويحظى المشروع برعاية واهتمام خاصين من القيادة السعودية التي انتقلت بالكامل إلى المشاعر المقدسة للمتابعة المباشرة للخدمات المقدمة لضيوف الرحمن بما يمكنهم من أداء مناسكهم بأيسر السبل وأفضلها حتى يعودوا لديارهم سالمين غانمين.

وقد شهد جسر الجمرات منذ إنشائه عام 1974 عددا من الأعمال التطويرية بتوسعته بعرض 40 مترا وبمطلعين من الجهة الشرقية والغربية ومنحدرين بجوار جمرة العقبة من الدور العلوي من الجهة الشمالية والجنوبية وذلك لنزول الحجاج.

وتواصل الاهتمام بتطوير الجسر ليشهد في عام 1978 تنفيذ منحدرات من الخرسانة المسلحة (مطالع ومنازل) الى المستوى الثاني من الجمرات على جانبي الجسر مقابل الجمرة الصغرى.

ولم تكن هذه التوسعة للجسر هي الاولى، فقد تم في العام 1982 توسعة بزيادة عرضه إلى 20 مترا وبطول 120 مترا من الجهة الشمالية الموالية للجمرة الصغرى، إضافة إلى توسعة أخرى عام 1987 بزيادة عرضها 80 مترا وبطول 520 متر وتوسيع منحدر الصعود إلى 40 مترا بطول 300 متر وإنشاء خمسة أبراج للخدمات على جانبي الجسر وتنفيذ اللوحات الارشادية والانارة والتهوية وبلغت مساحته الإجمالية 57.6 متر مربع.

ودخل جسر الجمرات مرحلة جديدة من التنظيم والتطوير اذ أجريت في عام 1995 عملية تعديل على مراحل مختلفة وبشكل جمع بين منظر الجسر وتمثيل حركة الحجاج عليه اعقبتها تعديلات مماثلة عام 2005 شملت بنية الجسر وتعديل شكل الأحواض من الشكل الدائري الى البيضاوي وتعديل الشواخص.

كما شملت هذه المرحلة تعديلات على مخارج طوارئ جديدة عند جمرة العقبة وتركيب لوحات ارشادية تشتمل على معلومات لتوعية الحجاج وتحذيرهم في حال التزاحم وتم ربط الشاشات واللوحات الارشادية بمخيمات الحجاج مباشرة.

وتوجت هذه المشاريع التطويرية لجسر الجمرات في موسم حج هذا العام باكتمال تنفيذ المرحلتين الأولى والثانية اللتين تضمنتا ازالة الجسر القديم والحفريات اللازمة لاساسات الجسر الجديد واقامة سرداب والطابقين الارضي والاول.