وزير العمل لـ«الشرق الأوسط»: التسامح مع الشركات المخالفة لنسب السعودة.. انتهى

أكد أن توظيف السعوديين ليس إحسانا من رجال الأعمال بل واجب عليهم

د. غازي القصيبي وزير العمل خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد في جدة أمس («الشرق الأوسط»)
TT

وجه الدكتور غازي القصيبي وزير العمل السعودي إنذارا شديد اللهجة للمؤسسات الخاصة غير الملتزمة بنظام السعودة، لا سيما أن إحدى الشركات الكبرى سجلت نحو 170 حالة سعودة وهمية تم اكتشافها من قبل مكتب العمل والعمال. وأكد القصيبي أن التسامح مع مثل تلك الشركات انتهى في ظل استنفار وزارة العمل، وأنه لن تبقى أي مؤسسة مخالفة لنسبة السعودة المفروضة عليها دون عقاب. وقال وزير العمل في مؤتمر صحافي عقد خلال زيارته لشركة بيت السعودة بجدة صباح أمس «إن هناك دولا كثيرة بدأت تعاني من البطالة، مما دفعها لتصدير عمالتها إلى السعودية، الأمر الذي أحدث أزمة كبيرة في البلد، لا سيما أن هناك 7 ملايين أجنبي يعملون بها». وأضاف «حينما يطلب من رجال الأعمال توظيف السعوديين في شركاتهم، فإن ذلك ليس معروفا أو إحسانا منهم، وإنما هو الواجب الذي يجب القيام به تجاه المواطنين، خاصة أن شريحة رجال الأعمال ليست منفصلة عن المجتمع». وذكر القصيبي أن السعودة تعني قيام المواطن وحده بالوظيفة التي يستطيع تأديتها، إلا أن ما يزعج الوزارة هو رؤية مئات الآلاف من الوظائف التي بمقدور المواطنين العمل بها ولكنها تعطى لغيرهم، لافتا إلى أن ذلك الوضع لن يسمح بالاستمرار به. وأوضح وزير العمل أن الوزارة ستتحفظ كثيرا تجاه منح التأشيرات للمؤسسات الصغيرة التي لم تتجاوز نسبة السعودة بها 2 في المائة، لا سيما أن العام الماضي تم منح 500 ألف تأشيرة، غير أن جزءا كبيرا منها لم يسر في طريق صحيح، وقال «من غير الممكن الاستمرار مع المؤسسات التي لا تضيف شيئا لاقتصاد الدولة والمجتمع، إذ أن منح التأشيرات يعد في حالات كثيرة تشجيعا للتجارة والتلاعب بها»، لافتا إلى ضرورة حماية تلك المؤسسات شريطة تفهمها لوجوب تقديم الخدمة للمواطنين وليس الاستقدام والاستفادة من التأشيرات بطرق أخرى.

وبين أن سوق العمل الآن تشبع من خدمات معينة تقدمها بعض المؤسسات الصغيرة، إذ لم يعد هناك حاجة للاستقدام لها، غير أن الوزارة ستستمر في إعطاء المؤسسات الجادة للتأشيرات مع مراعاة ذهابها إلى مكانها الصحيح، كونها تعتبر ثمنا لتوسع عملها بغية توظيف السعوديين مستقبلا. وحول العوائق التي تواجه الوزارة في توظيف النساء السعوديات، أفاد القصيبي أن العقبة الأولى تتمثل في إيجاد البيئة المناسبة لعملهن، وهذا ما يقود إلى ضرورة تأنيث محلات المستلزمات النسائية، مؤكدا أن تلك الفكرة لم تلغ وإنما تم تأجيل تطبيقها، في محاولة للوصول إلى حلول مع أصحاب تلك المحلات دون اللجوء للعقوبات والمقاطعة.

وأضاف في رد على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول عدم ضمان حقوق المواطنين في الشركات الخاصة «من الطبيعي أن يحظى الأجنبي بحوافز لا تعطى للسعودي، إذ أن وجود المزايا لغير السعوديين ليس فيه مظلمة للمواطنين، في ظل حاجتهم للسكن والمواصلات بعكس أبناء البلد، إلا أنه من المهم إعطاء السعودي ما يستحقه من رواتب، إضافة إلى البدلات التي يحصل عليها»، منوّها إلى أن مكتب العمل والعمال يقوم بالتحقيق جديا لدى وصول أي شكاوى حول التباين الواضح بين السعوديين والأجانب في أي شركة أهلية. وبين وزير العمل أن السعودة لا تقتصر على الوظائف الدنيا فحسب، غير أن المشكلة تكمن في الشباب غير المؤهل بشكل كاف، والذين لا بد من وقوفهم عند مستوى إداري معين، وأضاف «تحرص وزارة العمل على مساعدة تلك الفئة من الشباب والذين يشكلون ما نسبته 80 في المائة، وهو ما دفعنا إلى تحديد نسب سعودة لا بد أن يقبل بها جميع أصحاب الشركات الخاصة». ووصف الحد الأدنى للأجور بالمشكلة الاقتصادية العويصة والتي تساعد على زيادة نسبة البطالة بالسعودية، إلا أن الوزارة تسعى إلى تنظيم رواتب القطاعات المغلقة على السعوديين والمتمثلة في أجهزة الأمن والمدرسين بالمدارس الأهلية والباعة في المحلات التجارية. وأضاف «ليس المهم الحد الأدنى، وإنما ضرورة فتح طريق المستقبل أمام المواطن بحيث يكون لكل مؤسسة خط وظيفي معين يضمن زيادة رواتب السعوديين مع مرور السنوات»، مبينا ان «في العمل تحقيقا للذات وتخلصا من وصمة البطالة والتعطل ونظرة المجتمع تجاه الشاب كشخص عديم الفائدة بغض النظر عن اكتفاءه براتبه». ودعا وزير العمل إلى إمكانية الاستفادة من العمالة المهدرة الموجودة في السعودية بدل استقدام آخرين من الخارج بناءً على ما أعلنه مجلس الوزراء عدة مرات، موضحا أن مشروع إزالة الأحياء العشوائية في جدة سيأخذ ذلك ضمن أول اعتباراته، إذ سيوفر للعمالة القاطنين في تلك الأحياء فرصا وظيفية في ظل وجود الكثير منهم وسائل تغنيهم عن تصحيح وضعهم في البلاد. ونفى القصيبي توجه الدولة لتغيير نظام الكفالة، مؤكداً على أن اللجنة المكونة من وزارة العمل والداخلية والوزارات الأخرى لا زالت تدرس الاقتراحات المقدمة حول هذا النظام.