قصر مارد.. أثر شاخص في مدينة سعودية من بقايا الدولة العباسية

مطالبات بالحفاظ على بقايا المكان الذي بناه قائد عسكري تركي وباتت ملامحه مهددة بالضياع

جانب من الآثار المتبقية من قصر مارد الأثري والذي بناه قائد عسكري تركي من أيام الدولة العباسية (الشرق الأوسط).
TT

تقف بقايا قصر مارد الأثري، والذي يستريح على أراضي محافظة الأسياح بمنطقة القصيم السعودية (390 كيلو مترا شمال الرياض)، شاخصة دون كثير من أجزاء القصر، والذي تحول عبر مئات السنين إلى مجرد آثار لجدران وأقواس تدل على بنائه على أيدي العباسيين، وتهدد بضياع ما تبقى من ملامح هذا القصر والذي يعود تأريخ بنائه لعام 600هـ.

وطلب مهتمون بالمواقع الأثرية، من الهيئة العامة للسياحة والآثار، الحفاظ على ما تبقى من قصر مارد الأثري، الذي طالته عوامل التعرية، ما أدى إلى تساقط جدرانه وحيطانه وزواياه، حتى باتت ملامح آثاره ومعالمها التأريخية المتبقية مهددة بالضياع نظرا للاهمال الذي لحق به وتسابق الزمن عليه.

وقال لـ «الشرق الأوسط» عساف العساف محافظ الأسياح، أن قصر مارد الأثري يعتبر أفضل أثر شاخص بالمحافظة، وهو ما جعله مزارا سياحيا يستمتع به كافة أهالي المنطقة وزائروها. ويبلغ ارتفاع بعض أجزاء قصر مارد الأثري، والذي يقع شرق محافظة الأسياح، وشمال غربي بريدة، نحو 5 أمتار، وبسماكة تصل لنحو 3 أمتار. ويتمركز في موقع متوسط على إحدى التلال وسط (فيضة) العين وهي تلة واسعة المساحة وتسمى (أم رجم)، وتستخدم للزراعة الشتوية، بالاعتماد على الأمطار. ويرى المؤرخون، أن الآثار المادية الباقية من قصر مارد الأثري، والمتمثلة في الأقواس، تعكس أنه بني في العصر العباسي، فهو مشابه لطريقة بناء الحاميات العباسية المتناثرة في العالم العربي، إذ يؤكد ذلك المؤرخ محمد بن ناصر العبودي، والذي قال أن تسمية قصر مارد بهذا الاسم جاء تشبيهاً بقصر مارد الموجود في دومة الجندل وربما كان اسم مارد يطلق في بلاد العرب على القصر المنيع. ويذكر العبودي في حديث لـ «الشرق الأوسط»، أن شخصية مارد هي لقائد عسكري تركي أوفد من قبل الخليفة العباسي المعتصم بالله في القرن الثالث من الهجرة وقد وصل هذا القائد الى منطقة خصبة متوفر بها الماء وبنى هذا القصر وهو عبارة عن حامية عسكرية في العصر العباسي وكان الهدف من وجود تلك القوة بهـا تأمين الطريق أمام الحجاج القادمين من الدولة العباسية في بغداد والمتجهين الى بيت الله الحرام.

وتحف هذا القصر أميال درب زبيدة، وهي العلامات الدالة الى الأماكن المقدسة، حيث يتم استضافة الحجاج وإمدادهم بالمؤن. وفي فترة الدولة العثمانية انعزل سلطان مارد عنها وتجمعت عنده مجموعة من القبائل أشهرها قبيلة الضياغم حيث سكنوا بجوار قصره وساعدوه بزراعة النخيل والقمح وما يحتاجونه. تبلغ مساحة القصر حوالي 3200 متر مربع، ويوجد من جهته الغربية بوابتان متوسطتان تظهر من أعلاهما بقية درج (سلالم) للصعود والنزول ويبلغ سمك اغلب الحيطان الخارجية 20, 1 متر تقربياً، والداخلية أقل من ذلك، حيث بني من الحجارة السوداء الصلبة المتجانسة والآجر والحصى، وله بوابة كبيرة متجهة نحو الغرب وهو قصر محاط بحائط وفيه غرف بجهاته الشمالية والشرقية والجنوبية وله باب من جهة الغرب وقد كان محكم البناء وجدرانه سقطت بسبب عوامل التعرية والزمن. ورغم مرور 829 عاما، على بناء قصر مارد التأريخي، والذي بني في العصر العباسي سنة 600هـ، إلا أنه لا يزال يقاوم العوامل التي أدت إلى تساقط معظم أجزائه.

ويوكد محمد العبودي حيث يقول سمي قصر مارد تشبيهاً بقصر مارد الموجود في دومة الجندل وربما كان اسم مارد يطلق في بلاد العرب على القصر المنيع ويذكر العبودي في كتابه معجم بلدان القصيم أن شخصية مارد هي لقائد عسكري تركي أوفد من قبل الخليفة العباسي المعتصم بالله في القرن الثالث من الهجرة وقد وصل هذا القائد الى منطقة خصبة متوفر بها الماء وبنى هذا القصر وهو عبارة عن حامية عسكرية في العصر العباسي وسجلت نهاية قصر مارد في الوقت الذي بني فيه، حينما أراد سلطان مارد، أن يرتبط باحدى الأسر العربية بالقوة بالزواج من ميثاء أخت عمير وقد دبر أهل هذه الفتاة مكيدة بوضع أمة سوداء له ليلة الزفاف وهم هربوا وقد أكتشف مارد هذه الحيلة وأدركهم وحدث بينه وبينهم حرب وقد قتل سلطان مارد وانتهى عصره وتفرق جيشه.