خبير زراعي يحذر من مخاطر مشاريع أمانة جدة لإنهاء مشكلة بحيرة الصرف الصحي

في ظل انخفاض منسوب البحيرة بمعدل 1.75 متر قبل عدة أشهر

بحيرة الصرف الصحي في جدة التي شهدت لغطا كبيرا في الفترة الماضية (تصوير: غازي مهدي)
TT

حذر خبير في شؤون المياه والبيئة، من المخاطر المحدقة التي ستخلفها المشاريع الحيوية التابعة لأمانة محافظة جدة لإنهاء مشكلة بحيرة الصرف الصحي، مشككا في عدم جدواها كونها لا تعتمد على أسس ومعايير دقيقة ـ بحسب قوله.

وقال المهندس محمد البخاري لـ «الشرق الأوسط»: «إن منسوب المياه في مدينة جدة آخذ في الارتفاع بشكل مستمر وذلك لعدم وجود شبكة للصرف الصحي وتسرب كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي داخل الأرض، إضافة إلى تسرب المياه من شبكة المياه النقية بمعدل قد يتجاوز 220 مترا مكعبا يوميا».

وأضاف «من أسباب ارتفاع منسوب المياه تسرب كميات كبيرة من بحيرة المسك، لا سيما وأن البحيرة تقع على طبقة صخرية متصدعة، ما يسبب تسرب المياه عبر تلك الشقوق لداخل المدينة، خصوصا أن ذلك قد تم إثباته في أحياء متعددة بجدة».

وأشار البخاري إلى أن الأمانة أعلنت عن عزمها إنشاء ثلاثة مشاريع لتخفيف كمية المياه الموجودة داخل البحيرة والمقدرة بنحو 95 مليون ريال، متمثلة في مشروع تخفيف منسوب البحيرة بمعدل 30 ألف متر مكعب يوميا، وسحب المياه السطحية من موقع السد الترابي إلى قنوات ترابية وإسمنتية مفتوحة بطول 12 كيلو مترا، وزارعة 3 ملايين متر مربع من نبات الحلفاء وغيرها جنوب البحيرة بتكلفة 25 مليون ريال سعودي، أو ما يسمى بالأرض الرطبة.

ويتضمن المشروع الثاني التخلص من فائض المياه المعالجة ومياه المستنقعات بإنشاء خط مياه ناقل من محطات المعالجة مرورا بالسد الاحترازي بطول 25 كيلو مترا وقطر 500 مليمتر جنوب مجرى السيل لنقل 30 ألف متر مكعب يوميا بتكلفة 35 مليون ريال.

أما المشروع الثالث يتمثل في خطين ناقلين من محطة المعالجة إلى طريق الحرمين للاستفادة من المياه المعالجة في الزراعة بسحب 30 ألف متر مكعب لمسافة 23 كيلو مترا على حد قوله.

وذكر البخاري أن إجمالي الكميات المسحوبة حسب المشاريع يبلغ حوالي 90 ألف متر مكعب من المياه المعالجة يوميا، وأضاف «من المفترض أن تنهي الأمانة مشكلة بحيرة الصرف الصحي في غضون 244 يوما من بدء العمل بعد ستة أشهر من إنشاءات المشاريع».

وشدد على ضرورة البحث عن بدائل أخرى لتلك المشاريع، مشيرا إلى أن الأمانة كانت تبحث منذ العام الماضي عن ورد النيل لتخفيف البحيرة، على الرغم من انتشار حمى الضنك في المستنقعات بجدة، في ظل زيادة عددها بمشروع الأرض الرطبة والذي يهدف إلى زراعة مساحة 3 ملايين متر مربع بنبات الحلفاء بغض النظر عن كونه محليا أو مستوردا.

وأضاف «يتم ري المساحة باستمرار لغرض زيادة التبخر من الماء على سطح الأرض، وزيادة استهلاك الماء من قبل النباتات، والتسرب إلى باطن الأرض كما هو حادث في قاع البحيرة وخلف السدود ومن المتسرب على السطح»، مؤكدا أن ذلك سيرفع منسوب المياه الجوفية ليكون الإجمالي منها 5,7 مليون متر مربع.

وقدّر الخبير الزراعي كمية المياه التي ستضاف إلى الأرض الرطبة من خلال تلك المشاريع بحوالي 3650 لترا لكل متر مربع، وذلك بمعدل 10 لترات لكل متر مربع يوميا، لافتا إلى أن ما نسبته 20 في المائة سيتبخر إذا سمحت الظروف الجوية بذلك، و10 بالمائة يتسرب إلى التربة، و20 بالمائة ستستهلكه النباتات، فيما يتبقى 50 في المائة من تلك المياه لتكون مستنقعا جديدا وبحيرة أخرى تحوي قرابة 1800 لتر لكل متر مربع سنويا.

ولفت الدكتور طارق فدعق رئيس المجلس البلدي بجدة إلى أن المجلس يتفق مع أمانة محافظة جدة في مشروع تخفيض منسوب مياه بحيرة الصرف الصحي، غير أن نقطة الاختلاف تكمن في كيفية التخلص من تلك المياه.

وقال لـ «الشرق الأوسط»: «تم عقد ورشتي عمل خلال الشهرين الماضيين، وسيتم عقد ورشة عمل أخرى يوم الأربعاء المقبل لعرض حلول الأمانة على المختصين والتأكد من فائدتها البيئية والاقتصادية»، مشيرا إلى أنهم وضعوا المخاطر كمدخل أساسي للورشة للتأكد من عدم تضرر جدة وسكانها جرّاء انهيار السد.

وأوضح أن ورشة العمل التي ستعقد كفيلة بتحديد الرضا عن مشاريع الأمانة، والتي ربما يكون هناك الأفضل منها، ومناقشة الحلول المناسبة، مؤكدا أن بحيرة المسك لا تعد غلطة الأمانة، وإنما كانت حلا مؤقتا بعد تأخر مشروع الصرف الصحي من قبل وزارة المياه، ما جعل تلك المشكلة تتفاقم لتصبح طويلة المدى.

من جهته أكد المهندس خالد عقيل وكيل الأمين للخدمات بأمانة محافظة جدة خلال الاجتماع الذي عقدته وكالتا الخدمات والمشاريع الأربعاء الماضي أن الأمانة تسعى لخفض منسوب المياه ببحيرة الصرف وتلافي المخاطر المحتملة لها، وتنفيذ ما أوصت به وزارة المياه بوقف الرمي في بحيرة الصرف.

وأشار الى أن هناك عوائق تمنع وقف الرمي نهائيا في بحيرة المسك لعدم وجود محطات معالجة كافية لاستيعاب المياه الخارجة من جدة.

فيما أوضح المهندس إبراهيم كتبخانة وكيل الأمين للتعمير والمشاريع أنه تم تخفيض الصب في بحيرة المسك ليصل إلى 30 ألف متر مكعب يوميا، بعد أن كانت تزيد على 70 ألف متر مكعب، إذ وصل مستوى المياه بالبحيرة إلى 8.85 متر بدلا من 10.6 متر قبل عدة أشهر.

وبيّن أن البحيرة في تناقص مستمر حاليا، مع احتمالية وصول منسوب المياه بها إلى 7 أمتار في غضون ثلاثة أشهر إذا ما تم الاستمرار في معدل خفض كميات الصب بها مع البخر وسحب المياه منها.

وأشار الدكتور عبد الغفار أزهري مساعد الوكيل لشؤون النظافة والمسؤول عن صهاريج الصرف الصحي بأمانة جدة إلى أنه بدأ منذ أمس السبت تحويل الصهاريج إلى محطات الرويس التي تستعد لاستقبال ناقلات الصرف الصحي من النوع الصغير بطاقة 7 آلاف متر مكعب يوميا، والخمرة والإسكان اللتين تستقبلان حاليا ما بين 2.5 إلى 3 آلاف متر مكعب يوميا بدلا من الرمي في البحيرة، واقتصارها على رمي صهاريج المطاعم والمياه المختلطة، ما سيؤدي إلى خفض الرمي بمعدل 20 ألف متر مكعب يوميا خلال هذا الأسبوع.