الاحتطاب الجائر وتجريف التربة يجددان مخاوف اختلال التوازن البيئي في حائل

مخاوف من زحف الرمال إلى المناطق السكنية.. وانتقادات لتأخر إشهار جمعية أصدقاء البيئة

محتطب يحمل شجر الغضا في سيارته على طريق حائل الجوف («الشرق الأوسط»)
TT

تنتاب أهالي منطقة حائل (شمالي السعودية)، مخاوف من تعرض المنطقة لأخطار بيئية تتمثل في اختلال التوازن البيئي والتصحر، وذلك نتيجة لعمليات الاحتطاب الجائر التي تتعرض لها الأشجار الصحراوية، خاصة أشجار الأرطي والغضا والطلح، وقيام الشركات المنفذة للمشروعات بالمنطقة بتجريف التربة ونشر الغبار وعوادم المصانع عليها، ما يزيد من معاناة المواطنين ويعرضهم لمخاطر التلوث البيئي.

وعزا مسؤولون ومواطنون المخاطر التي تتهدد المنطقة إلى تقاعس الجهات المسؤولة وتأخرها في إشهار (جمعية أصدقاء البيئة) بحائل لمدة لثلاث سنوات، بعدما وجه الأمير سعود بن عبد المحسن، أمير منطقة حائل في مطلع ديسمبر من عام 2005، بإنشائها بالتنسيق مع الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، خاصة أن الأهالي يعولون كثيرا على هذه الجمعية لرفع الوعي البيئي بالمنطقة، والحفاظ على مكتسباتها البيئية.

من جهته قال لـ« الشرق الأوسط»، المهندس إبراهيم البدران، أمين الهيئة العليا لتطوير منطقة حائل، إن الهيئة تنتظر صدور ترخيص جمعية أصدقاء البيئة بحائل من الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، بعد أن تمت الموافقة عليها وإنهاء كافة الاشتراطات اللازمة لذلك، مؤكداً أن ظهور فكرة تكوين هذه الجمعية أوجد حراكاً اجتماعياً يطالب بوقف هذا الهدر البيئي، الذي سوف تعاني منه حائل مستقبلا نظير بيئتها الصحراوية، التي كانت تتباهى بها بين نظيراتها.

وأعرب المهندس البدران عن تخوفه من زحف الرمال إلى المناطق السكنية إثر القضاء على بعض الأشجار الصحراوية، ما يسمح بهبوب رياح مستمرة تزحف بالرمال، وهو ما يقلق المهتمين بالجانب البيئي بالمنطقة. إلى ذلك حذر الإعلامي بندر العمار، متابع للوضع البيئي بحائل، من خطورة تحرك الرمال في غضون السنوات المقبلة باتجاه مدينة حائل والمناطق السكنية، بسبب القطع العشوائي للأشجار من قِبل ممارسي مهنة الاحتطاب، موضحاً أن الحطابين يلجأون لوسائل كفيلة بالقضاء على الأشجار واستحالة نموها مرة أخرى، لقيامهم باجتثاثها من جذورها باستخدام أدوات حديثة من مناشير وحبال وسلاسل مخصصة للاحتطاب، باقتلاعها بواسطة السيارات من جذورها. وذكر العمار أن أشجار الغضا والأرطي تعد غذاء لحيوانات الصحراء، ومن أهم ركائز التوازن البيئي ومقاومة التصحر، بتكوينها كمصدات طبيعية وحواجز تمنع الرمال من التحرك، وتوفير بيئة مناسبة لتكاثر الحيوانات الزاحفة والطيور، وإمداد المنطقة بالأوكسجين، حيث يصل ارتفاع بعض الأشجار إلى 3 أمتار.

وطالب العمار بالتنسيق بين الجهات الحكومية لمنطقتي حائل والجوف للحد من عمليات الاحتطاب العشوائية في صحراء النفود الكبرى، التي تقع بين المنطقتين، وتشهد حاليا، خصوصا في فصل الشتاء، إقبالاً كبيراً من ممارسي الاحتطاب الذين سهل تحركهم وجود طريق حائل الجوف السريع، الذي يشق وسط الصحراء، بعد أن كانت عصية عليهم في السابق لوعورتها.

وحمل العمار جزءاً من أسباب تدهور الوضع البيئي إلى الشركات المنفذة لعدد من المشاريع بالمنطقة، خصوصاً في صحراء النفود الكبرى شمال حائل والسهول المحاذية للمدينة، من خلال تجريفها للتربة وإسهامها في تلوث البيئة في مواقع عدة، بسبب المصانع التي أنشأتها، وهدم بعض التلال لاستغلالها في تنفيذ مشاريعها، مشيراً إلى أن ذلك ساهم في القضاء على الغطاء النباتي، وزادت هذه المصانع من نسب الإصابة بمرض الربو، وخصوصا في المناطق المتاخمة للمصانع.