الإنترنت والأصدقاء ونمط الشخصية.. بوابة الدخول إلى عالم المخدرات

رخص أسعار بعض أنواعها من أقوى دوافع انتشارها

TT

مشكلة المخدرات بأبعادها النفسية والاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية تثير القلق حيال ازدياد نسبة متعاطي المخدرات، أيا كان نوعها، فهناك العديد من العوامل المتداخلة التي تلعب دورا كبيرا ومحوريا في إقبال المتعاطين عليها وتكون ناقوس الخطر الذي يدق باب الإدمان.

يقول الدكتور محمد عبد الله شاوش استشاري الطب النفسي بمستشفى الأمل بجدة ونائب رئيس الجمعية السعودية للطب النفسي «هناك عدة عوامل متداخلة لا نستطيع حصرها في عامل واحد، تدفع المتعاطي إلى إدمان المخدرات، والتي تعرف بمصطلح العوامل المهيِئة للإدمان، كالظروف الأسرية من خلال الدلال الزائد للطفل أو القسوة الزائدة أو تهميشه، وعدم الاهتمام بالاحتياجات النفسية، بالإضافة إلى عامل الأصدقاء الذي يلعب دورا مهما لأنهم باستطاعتهم الضغط على الشخص في قضية استخدام المخدرات من باب التجربة والمغامرة وإثبات الذات، بالإضافة إلى العوامل الأخرى كالمستوى الاقتصادي بالإضافة إلى التغيرات التي طرأت على النسيج الاجتماعي وقلة التكافل والترابط بين أفراد المجتمع».

وأضاف الدكتور شاوش بقوله «كما أن تواصل مروجي المخدرات من خلال بعض مواقع الإنترنت ساهم كثيرا في زيادة نسبة تعاطي المخدرات وانتشارها من خلال بعض الوصفات التي تحمل في ظاهرها إيحاءات إيجابية وتكون في الحقيقة نوعا من أنواع المخدرات التي تؤدي إلى الإدمان».

وأرجع الدكتور شاوش زيادة وأسباب تعاطي المخدرات إلى «توفر المخدرات ورخص أسعارها، وتزايد أعداد المدمنين في الأسرة الواحدة وتأثيرهم السلبي، كأن يؤثر الأب سلبا على ابنه وابنته أو الأخ على أخته، وهذا أحد العوامل التي ساعدت على انتشار تعاطي المخدرات بين الفتيات، بالإضافة إلى الآثار الإيجابية التي يروجها المروجون بين الناس كزيادة التركيز أو زيادة الطاقة الجنسية والجرأة بالإضافة إلى المسميات اللطيفة التي يطلقونها على نوع المخدر كالقشطة والفراولة وغيرها من المسميات الجديدة والمتعددة التي تنتشر بين الناس». ومن العوامل المؤثرة أيضا ـ بحسب الدكتور شاوش ـ «التي تلعب دورا محوريا ومهما هي شخصية المدمن، فمثلا الأشخاص الذين يتميزون بشخصيات اندفاعية أو شخصيات انهزامية، فهذا النوع من الشخصيات يكون أكثر عرضة وقبولا لتعاطي المخدرات وإدمانها، بعكس الشخصيات الأخرى، بالإضافة إلى دور الأمراض النفسية التي تلعب دورا مهما في تعاطي المخدرات كالاكتئاب والقلق والوسواس، وعدم وجود مراكز متخصصة تقدم العلاج أو الوصمة الاجتماعية للأمراض النفسية وعدم تقبل المجتمع لها أو لعلاجها، فيلجأ البعض من الأشخاص إلى تعاطي نوع من أنواع المخدرات ليخفي بعض أعراض هذه الأمراض». وأشار إلى «وجود فوارق وعوامل تبرز بين المدمنين حسب الجنس، فالعامل الأقوى لدى المدمنات هو وجود مدمن في الأسرة في ظل التفكك الأسري وتأثير الصديقات».

وحول الطرق والخدمات التوعوية المقدمة للوقاية من إدمان المخدرات، أوضح الدكتور شاوش بأنها جيدة لكنه استدرك بأنها غير كافية في ظل الزيادة النسبية لأعداد المتعاطين، وقال «لا بد من زيادة أعداد المراكز والمستشفيات العلاجية وتوفير مراكز متخصصة في تأهيل المعافين من الإدمان، لكي لا يعودوا إليه مجددا، كما لا بد من تطوير واتساع الرقعة التوعوية بمشاركة مؤسسات المجتمع المدني ومراكز الأحياء بالإضافة إلى الدور المهم لأئمة المساجد في توعية المجتمع بمختلف شرائحه».