«الهيئة».. هل تصبح الملاذ الآمن لـ«التائبين»؟

TT

يبدو أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اقتنعت أخيرا بأنها يجب أن تغيير من أسلوب تعاملها مع المجتمع، وفق التطورات والمتغيرات، التي حدثت فيها خلال السنوات الأخيرة وأحدثت تغيرا في أشكال الحياة المختلفة.

الهيئة التي كانت اسما مخيفا أمام الشباب والفتيات في أعوام مضت، بدأت خطوات عملية خلال العام الماضي، فبعد أن كان الفتيات وكذلك الشباب يعتبرونها الهاجس المخيف في الأسواق والأمكنة العامة، أصبحت الملاذ الآمن لهم لتنقذهم من ملاحقة أحد الأطراف، بعد أن يعود أحدهما إلى رشده من علاقة غير شرعية، ويصحح خطأه الذي ارتكبه في حق نفسه ذات «نزوة».

ولان الأمر لا يقتصر على الفتيات في قضية الابتزاز، وإن كانت الأكثر تسجيلا، فإن قوائم القضايا في الهيئة وصفحات الصحف السعودية، سجلت مؤخرا قضايا ابتزاز مارستها نساء ضد رجال وهددنهم بتوصيل صورهم أو إبلاغ أسرهم وزوجاتهم بعلاقاتهم السابقة معهن، وفي المقابل عانت الكثير من الفتيات من أخطائهن التي ظلت تلاحقهن على مدار أعوام مضت بعد أن قررن أن يعدن إلى طريق الصواب، سواء كن متزوجات أو فتيات في سن الزواج.الهيئة التي سجلت حضورها في ملعب البولينغ في سوق المساعدية في جدة، استطاعت أن تسجل أول هدف في مرمى قلوب السعوديين، لكنه، حسب تأكيدهم، لن يكون الأخير، حيث يرى كثير من المراقبين أنهم يحبون الهيئة ويحبون الدور الذي تقوم به، لكنهم يكرهون أخطاء الهيئة باعتبار أن أخطائها عندما تقع، حتى لو كانت نادرة، تحدث كارثة في خاصرة الأسر السعودية، وتُفقِدهم الثقة في جهاز يُفترض أن يكون أهلا للثقة.

ولأن الهيئة أدركت أيضا ذلك، فإن مدير هيئة جدة علي آل حيان يقول لوسائل الإعلام مؤخرا: «إنه بحسب دراسة محايدة أعدتها مؤخرا جامعة الإمام محمد بن سعود بمشاركة باحثين من الهيئة، أن 97 في المائة من المجتمع المدني في جدة يؤيد عمل الهيئة». وهنا يرى أحمد محمد العسيري، وهو شاب سعودي، أن الهيئة إن استمرت في تحسين عملها بهذا الشكل فإن الأمور ستكون لصالحها كجهاز، ولصالحنا كمجتمع، فنحن نحب عمل الهيئة متى تم بالشكل الصحيح، لكننا نكرة، بل لا نقبل الأخطاء، من جهاز يرتبط بسمعة وشرف الناس مهما كانت المبررات والأعذار».

وبالعودة إلى تاريخ علاقة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية، فإنها تدرجت خلال العقود الماضية، إذ كانت الهيئة تتخذ إجراءات قاسية، بعضها يصفه المراقبون بالجائر، إلا أن الأحداث جعلت المسؤولين الذين يجلسون على قمة الهرم في الهيئة يدركون أنه حان وقت التغيير في سياساته على الأرض، وأن القوة لم تعد الوسيلة الفضلى لمنع المخالفات الشرعية، بعد أن أصبح الغزل عبر الإنترنت والبلوتوث أسهل من الدوران في الشوارع والأسواق والأماكن العامة.