الاضطرابات الانفعالية: شحنات خوف وقلق تتربص بالطلاب أثناء الاختبارات

يعاني منها واحد من كل 9 أشخاص.. وطلاب الثانوية أكثر عرضة للإصابة بها

يعاني الطلاب خلال فترة الاختبارات من اضطرابات انفعالية تؤثر على تحصيلهم العلمي («الشرق الأوسط»)
TT

تتصدر «الاضطرابات الانفعالية» قائمة الأمراض التي يخشاها الطلاب وأولياء أمورهم، وكذلك الأكاديميون في مختلف المراحل الدراسية، خاصة أن عدد المصابين بها يتضاعف خلال فترات الاختبارات عند مواجهتهم لها في كل عام، مما يطرح إمكانية أن يكون لها تأثير على مهاراتهم ومستوى أدائهم التحصيلي عند ظهور النتيجة آخر العام. وذكر الدكتور محمد شعبان، استشاري الطب النفسي بمجمع الأمل بالدمام لـ «الشرق الأوسط» أن المصابين بالاضطرابات المرضية (القلق) يمرون بأعراض تحدث بدون سابق إنذار، وتجعل أبسط روتينيات وتفاصيل الحياة مصدراً للإحساس بالتوتر لدرجة لا تحتمل في أغلب الأحيان. ولا تقتصر الإصابة به على الطلاب في الاختبارات الحاسمة، فقد تحدث للآخرين أثناء المقابلات المهمة للالتحاق بالوظائف أو الاجتماع بالناس وغيرها.

وأضاف أن أعراض اضطرابات القلق تشمل الشعور بالخوف والهلع بالإضافة إلى شحوب الوجه والصداع والغثيان مع تيبس الفم والشعور بالاختناق وافتراض الوساوس والذكريات المؤلمة والأحلام المتكررة، ويصاحبه تعرق وشد عضلي ونبضات في القلب سريعة وتفاعلات جسمانية غير مريحة والرغبة في القيام بأي شكل من أشكال إفراغ الطاقة النفسية والجسدية بحركات سريعة ومتواصلة كتحريك الأيدي والأرجل أو المشي السريع، وهذه التفاعلات المنذرة يمكن لها أن تجعل الممارسات اليومية مصدر ذعر كامناً للطلاب إذا لم تعالج اضطرابات القلق، فقد تدفع الأشخاص إلى ممارسات غريبة كالعزلة لتجنب المواقف التي تشعل فتيل القلق أو تزيده وقد يؤثر على العلاقات الشخصية وعلى الأداء في العمل وتجعله غارقاً في دوامة القلق. وقال الدكتور شعبان إن العوامل التي تؤدي إلى القلق كثيرة ومتشعبة، أهمها الوراثة والتربية والمشاكل العائلية والظروف المحيطة كالضغوط الحياتية اليومية وضغوط العمل والمجتمع والعوامل الكيميائية الدماغية، كما أن الاضطرابات من الممكن أن تستجيب إلى العلاج في معظم الأحيان ومعظم المرضى الذين يتلقون علاجاً يشعرون بتحسن كبير وتتلاشى الأعراض مع المتابعة، مبدياً استياءه من أن أغلب الطلاب الذين يعانون من القلق لا يتوجهون إلى طلب العلاج، وذلك لأنهم لم يتعرفوا على ما لديهم من أعراض مرضية كعلامة من علامات المرض، وبالتالي قد لا يعرفون إلى أين يذهبون ومن يستشيرون، أو أنهم يخافون من نظرة المجتمع وبالتالي يستمر الاضطراب ويستفحل دون علاج. وأبان الدكتور محمد شعبان أن طلاب المرحلة الثانوية أكثر عرضة للقلق بالمقارنة مع غيرهم من الطلاب في مختلف المراحل الدراسية، باعتبار الثانوية مرحلة مصيرية، مشيراً إلى أن القلق المرضي هو أكثر الاضطرابات الانفعالية شيوعاً وانتشاراً حيث يعاني منها تقريباً (واحد من بين كل تسعة أشخاص) أو الطلاب، ونصح الدكتور محمد شعبان الطلاب من الجنسين بالتحضير المبكر للامتحانات، بوضعهم خطة دراسية للمذاكرة وتجنب السهر وتعزيز الثقة بالنفس. من جانبها قالت نادية عبد الله، أخصائية نفسية بمركز الرعاية النهارية بالقطيف إن الطلاب والطالبات في حاجة كبيرة للتوجيه في فترة الاختبارات، وذلك أن الغالبية لا تعرف كيفية عملية الاستذكار والمذاكرة واستثمار أوقاتهم وجهدهم، لذلك تجدهم كالقدر المغلي في الامتحانات، مشددة على أن (47 بالمائة) من الطالبات يشتكين من عدم القدرة على التركيز أثناء المذاكرة مما يؤدي إلى تراكم المادة الدراسية وهدر الوقت والجهد، ولكن 10 بالمائة منهن يعلمن أنها حصيلة «من جَدّ وجد ومن زرع حصد» وترتفع الإصابة بالاضطرابات النفسية بعد أول امتحان إلى 50 بالمائة، بينما تقل إلى 30 بالمائة في المرحلة المتوسطة و(5- 10 بالمائة) في طالبات المرحلة الابتدائية. فيما أوضحت الدكتورة غادة رفعت، استشاري طب نفسي للأطفال بمجمع الأمل بالدمام، أن القلق صفة غريزية أو عاطفة طبيعية تولد مع الإنسان عموماً، لافتة إلى أن القلق نوعان؛ أحدهما طبيعي يمكّن الأطفال من الاستجابة للحوار العاطفي والتشجيع ليتمكنوا من الإنجاز وإعطاء الطفل الإحساس بالأمان، والآخر (قلق مرضي) أو غير طبيعي معه لا يستجيب الطفل ولا يتمكن من الإنجاز أو اجتياز مخاوفه، وقد تزداد حالته كلما تقدم في العمر إن لم يتلقَّ العلاج ويصاب بنفس أنواع القلق النفسي عند الكبار مثل القلق العام والمخاوف العامة والخاصة والوسواس القهري واضطراب الهلع. وذكرت أن الخوف من المدرسة أحد الأسباب المرضية لدى الطفل من عمر أربع إلى سبع سنوات، فنجده يرفض دخول المدرسة أو يخاف منها، فتظهر أعراض سلوكية كاضطرابات في النوم ولا يتعامل مع أحد ويتدهور مستواه التعليمي وغيرها، مشيرة إلى أن برنامج التقويم المستمر للأطفال في المرحلة الابتدائية، والذي طبق أخيراً حقق نجاحاً باهراً لمراعاته الحالة النفسية للأطفال في هذه المرحلة ومراعاة قدراتهم وتوجيهها، أما الأعراض الجسمانية لمرضى القلق فتتمثل في الصداع، وألم بالظهر أو البطن وزيادة في عدد ضربات القلب وغيرها، والأسباب ترجع إلى أسباب سيكولوجية واجتماعية وبيولوجية. وقالت الدكتورة غادة إن العلاج يتوقف على المرض وأعراضه، وفي مجمل الحالات لابد أن يتألف العلاج من الإرشاد الأسري والعلاج النفسي والدوائي.