الشباب يهجرون «الكتاب الورقي» ويستبدلونه بـ «الإنترنت» و«الكتاب الإلكتروني»

عضو في النادي الأدبي لـ «الشرق الأوسط» : البنات أكثر متابعة والشباب انكبوا على الرياضة والألعاب

TT

لم تعد القراءة، ومتابعة آخر إصدارات المؤلفين والكتب وشرائها من ضمن اهتمامات الشباب ذكورا وإناثا، وإن كانت الفتيات في حال أفضل من الشباب في الإقبال على القراءة، إلا أن المشاهد العامة لمعارض الكتاب التي تقام في السعودية هنا وهناك يلحظ الجميع من خلالها هجرا كبيرا للكتاب الورقي يؤكد بقوة ضعف الإقبال الشبابي، والعزوف عن القراءة. والأسباب كثيرة، والآراء متنوعة، لكن النتائج كانت واحدة، وهي قلة الاهتمام بالقراءة في مقابل عدد من الأسئلة التي تطرح أهمية الحصول على أجوبة عن أسباب هذا العزوف من قبل الشباب أنفسهم، ومن المسؤول عن ذلك؟ وأخيرا ما المقترحات التي يراها الشباب التي من شأنها أن تحفزهم على القراءة؟

وخلال زيارة قامت بها «الشرق الأوسط» امس الاول لمعرض الكتاب الدائم بأحد الأسواق بمدينة جدة تنوعت الآراء، حيث ترى مشاعل العويفي أن هناك اهتماما من قبل الشباب بالقراءة، إلا أن هذا الاهتمام منحصر نوعا ما في الجانب الإلكتروني، بشكل عام هناك إقبال على القراءة، لكنه ليس في شراء الكتب وقراءتها، فالشباب اليوم منكبّ على قراءة الكتب الإلكترونية عن طريق شبكة الإنترنت، ويمكننا القول إن هناك شبابا من الجنسين يحبون القراءة ويواظبون عليها، لكنهم فئة قليلة جدا. وتطالب هديل المؤسسات الإعلامية في الدولة برعاية مهرجانات على مستوى السعودية تحث الشباب على القراءة، ومن المفروض أن يكون هناك اهتمام إعلامي لتحفيز الشباب على القراءة سواء عن طريق الإعلانات التلفزيونية أو الإعلانات الإذاعية، فالإعلام له دور واضح وبارز في هذا الأمر، وقادر على توجيه وتغيير أنماط التفكير لدى الشباب، لا سيما أن معظم الشباب يقضون ساعات طويلة في مشاهدة التلفزيون وغيرها من الوسائل الإعلامية. وتضيف العويفي: إلى جانب دور الإعلام، هناك دور للمؤسسات التعليمية والتربوية في الدولة، من خلال إقامة مهرجانات للقراءة أو حتى رعاية مسابقة للقراءة تقدم جوائز للفائزين من شأنها أن تدعم القراءة وتغرسها في نفوس الشباب». لكنها تستدرك مشيرة إلى إقامة معرض الكتاب الدولي بالرياض كل عام وفي جميع مناطق المملكة، الذي يعتبر نوعا من اهتمام الدولة بالجانب الثقافي، قائلة: «إنها بادرة طيبة من الدولة، بإقامة معرض سنوي للكتاب، وشخصيا أنتظره كل عام منذ صغري، وأعتقد أن مثل هذه المعارض تعد فرصة تشجع على القراءة». في المقابل تجد مشاعل ان سياسة حظر بعض الكتب التي بدأت تلاحظ في السنوات الأخيرة، لنوعية من الكتب، جزء من حالة الإحباط التي تصيب القراء»، متمنية إعادة النظر في هذه السياسة. خاصة مع الانفتاح الإعلامي.

وتتفق عبير عبد الله مع مشاعل على إيجابية إقامة معرض للكتاب، قائلة تنظيم معرض الكتاب سنويا شيء جميل ورائع، فهو فرصة لمحبي القراءة لمتابعة وشراء الكتب الجديدة، وأعتقد أنها فرصة للشباب للتواصل مع آخر الكتب التي تم نشرها». إلا أنها تبدي أسفها حيال قلة اهتمام الشباب بالقراءة، «للأسف الشباب اليوم لا يهتم كثيرا بالقراءة، مع العلم أن القرآن الذي أنزل على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بدأ بكلمة اقرأ، ولا يمكننا إنكار أن هناك فئة قارئة، لكنها قليلة نوعا ما». وترجع أسباب عزوف الشباب عن القراءة إلى أن «الشباب اليوم يقلدون الغرب في كل شيء إلا في موضوع الثقافة والاهتمام بتثقيف أنفسهم، ويشغلون أنفسهم بمتابعة صيحات الموضة والتجوال، فالوقت يضيع بمناسبة ومن غير مناسبة في هذه الأمور السطحية، متناسين أن الشباب الغربي يخصص وقتا من يومه للقراءة». وعن محبي القراءة من الشباب، توضح عبير أن معظم المواضيع التي تشدهم أصبحت معدودة، «الشباب في الفترة الحالية أصبح يتجه إلى قراءة القصص والروايات، وليس لهم اتجاه إلى قراءة الكتب الثقافية أو العلمية، والسبب يعود إلى طبيعة البيئة التي نشأوا عليها». أما عن سبل تشجيع الشباب على القراءة فترى أنه «لا بد أن يكون هناك دور فعال للمدارس في تحفيزهم على القراءة، بحيث تخصص ساعة للقراءة في المدارس، بالإضافة إلى دور الإعلام في نشر رسائل توعية توضح أهمية إقامة معرض للكتاب، أو وجود مكتبة أصدرت كتابا جديدا، وهكذا عناوين الصحف». «الشباب منشغل عن القراءة، واهتمامه بها لا يتعدى قراءة عناوين الصحف»، هذا ما تراه الدكتورة أميرة غالب حيث تقول: «للأسف شبابنا لا يقرأ، وربما حدود قراءته لا تتعدى قراءة عناوين الصحف والمجلات، فهناك أمور تلهيه عن القراءة، وهذا الأمر نراه واضحا أمام أعيننا، فما عدد الشباب الذين يتجولون في المجمعات التجارية، وما عدد الشباب الذين يذهبون إلى المكتبة ليشتروا كتابا من أجل القراءة» وتلفت النظر إلى أن «هناك عادة لدى الغربيين في كل أعمارهم تكمن في تعلقهم بالقراءة ما قبل النوم، أو القراءة لمدة 15دقيقة، منها يكتسبون عادة القراءة ومنها تساعدهم على اكتساب معلومة أو خبرة، لكن شبابنا العربي او السعودي بشكل خاص يقلد الغرب في كل شيء إلا في تلك العادة الجيدة. وتثني غالب على كثرة وجود المكتبات في جدة، ووجود المعرض السنوي للكتاب، إلا أن أسباب هجر القراءة من قبل الشباب في رأيها كثيرة منها «الجو العام لا يساعد، فأغلب ساعات الشباب يقضونها خارج المنزل إما في المجمعات التجارية وإما في المطاعم، وهي ليست مكانا مناسبا لقراءة الكتاب». وتستطرد قائلة: «لا يوجد هناك استغلال لوجود الشباب في المجمعات في جذبهم بطريقة أو بأخرى إلى القراءة، فما الضرر من وضع ركن صغير للقراءة داخل المجمع التجاري ووضع إعلان لكتب جديدة أو حتى عمل دعاية له. وتلمح غالب إلى أن الإنترنت تسبب في كسل الشباب بعض الشيء من التوجه إلى شراء الكتب أو قراءتها، فضغطة زر واحدة تفتح على الشاشة مواضيع لا تعد ولا تحصى للقراءة، لكن يبقى الكتاب في نظرها مختلفا. لكنها تختم قولها بالإشارة إلى أن «معظم قراءات الشباب منصبة حول الروايات العاطفية والاجتماعية بالنسبة إلى البنات. أما الشباب فإن روايات الرعب تشدهم كثيرا». ويعلق على قضية قلة القراءة الدكتور يوسف العارف عضو نادي جدة الأدبي الذي يرى إيجابية وجود معرض للكتاب «ميزة معرض الكتاب أنه يوفر الكتب أو يجمعها ويجعلها في متناول الجميع، فعلى الرغم من اهتمامات الشباب المتنوعة في القراءة فإن المعارض استطاعت أن تقدم تشكيلة متنوعة تناسب ذوق كل منهم، ويعرب عن أسفه لضعف اقبال الشباب على القراءة، لكنه يقول: «حتى لا نضع الجميع في سلة واحدة فإن البنات أكثر متابعة وإقبالا على شراء الكتب وقراءتها من الشباب. ويوعز ضعف اهتمام الشباب بالقراءة إلى انكبابهم على الرياضية ومتابعتهم مباريات كرة القدم، وغيرها من الألعاب التي حالت دون اهتمامهم بالقراءة.

ويدعو العارف الشباب في نهاية حديثه إلى المطالعة والأخذ بعادة القراءة فهي مفيدة صحيا وعقليا. ويضيف عارف ان «عادة القراءة لدى الشباب متفاوتة»، ويقول إنها: «تعود إلى اختلاف اهتماماتهم وميولهم، إلى جانب جاذبية المواضيع التي تشدهم للقراءة». ويعتقد العارف ان الشباب يتذرع بوجود أولويات في حياتهم تلهيهم عن القراءة، لكن كل تلك الأعذار لا تسمن ولا تغني من جوع. ويؤكد أهمية دعم وتعزيز عادة القراءة، «المطلوب من الأسرة ادراك أهمية القراءة من أجل تعزيز هذه العادة لدى ابنائهم، وإن كانت المدرسة والأندية الأدبية والمسائية وغيرها من المراكز لها دور في التحفيز على القراءة».

وأخيرا يتمنى أن تكون المعارض الخاصة بالكتاب فرصة لدفع الشباب إلى تغيير قناعاتهم وأفكارهم وإكسابهم حب القراءة والإقبال على الكتب.