مهندسات سعوديات يخسرن ملايين الريالات.. لغياب الخبرة وضعف العقود

الحليبة: الربع الأول من هذا العام كشف تأثير الأزمة المالية في جميع المكاتب الهندسية

المرأة السعودية تخوض معركة كسب الثقة بها كمهندسة بالمقارنة مع الرجل («الشرق الأوسط»)
TT

من غرفة صغيرة بمنزلها، قبل نحو 18 سنة، بدأت المهندسة السعودية إلهام زيد الحليبة (41 عاما) عملها، مؤكدة أن العمل المنزلي مع غياب الغطاء الرسمي وضعف الصياغة القانونية للعقود، أدى لعدم وفاء بعض العملاء بإلتزاماتهم، وكبدها خسارة مئات الآلاف من الريالات، مشيرة إلى أن هذه الأمور أوجدت فئة كبيرة من المهندسات السعوديات ممن لا تزال لديهن ملايين الريالات غير المحصلة بالسوق.

الحليبة، وهي نائب رئيس شركة شنيل للعمارة والديكور، تحدثت عن الصعوبات التي واجهتها في لقاء نظمه مجلس شابات أعمال المنطقة الشرقية في مدينة الخبر مساء أول من أمس ، تحت عنوان «الهندسة كممارسة»، قائلة «كنا إلى وقت قريب نعمل بالخفاء، وهذا يختلف عن وجود صفة رسمية».

وبسؤالها عن الاجراءات التي يتحتم على المهندسة اتخاذها لضمان تحصيل أموالها، أفادت بأنها بعد سنوات وجدت أن البحث عن جميع المبالغ غير المحصلة سياسة غير مجدية، وأوضحت أنه اختصاراً للوقت والجهد أصبح البحث عن الأموال منسجماً مع حجمها، قائلة «إن كان المبلغ كبيرا نحضر القضية والدفاع والمحامين».

وتتفق معها المهندسة آلاء الحريري، عضو مجلس شابات الأعمال، التي أوضحت لـ«الشرق الأوسط» أنها بدأت أيضاً بالعمل من منزلها مثل غالبية المهندسات، وهو ما تراه يهضم حقوق البعض منهن ويعرضهن للاستغلال والغش مقارنة بالعمل المؤسساتي في جهة رسمية.

وهنا تقول المهندسة نورة مختار «إذا عندك مكتب يحترمك العميل أكثر»، مشيرة الى وقوف بعض المعوقات في وجه المهندسات المبتدئات ذوات الخبرة المحدودة، التي منها وجود فئة من المجتمع ما زالت تثق بالمهندس الرجل بصورة مرتفعة مقارنة بالمرأة المهندسة، بالإضافة لما تراه «عدم تقبل البعض لوجود المكاتب الهندسية النسائية».

يأتي ذلك مع ما تفيده التقارير الحديثة بأن نحو 80 في المائة على الأقل من المهندسات السعوديات اللائي تخرجن من الجامعات والبالغ عددهن أكثر من 500 مهندسة، يندرجن في خانة الكوادر المعطلة التي لا يستفاد منها في المجال ذاته، وأن غالبيتهن يتجهن للعمل في مجالات أخرى، وبخاصة التعليم والصحة.

من جانب آخر، أكدت الحليبة أن الأزمة المالية أثرت على جميع المكاتب الهندسية في السعودية، مرجعة ذلك لحالة التباطؤ الاقتصادي التي تعصف بالمنطقة، إذ بينت أن مؤشرات الربع الأول من هذا العام تعكسه بوضوح، وأرجعت ذلك لحالة التخوف العام وتباطؤ حركة الإقراض والدخول في المشاريع نتيجة الأزمة.

وتطرقت الحليبة إلى عوامل المنافسة والغيرة لكونها تمنع بعض المهندسات من توصيل تجربتهن للمبتدئات بهذا المجال، موضحة وجود فئة من المهندسات ممن وصلن للشهرة يكتفين بالظهور مرة واحدة فقط عند الاتفاق مع العميل، ثم يقمن لاحقاً بإحالة باقي المشروع إلى طاقم من العمالة الأجنبية.

وأضافت قائلة «بعض المهندسات تخرجن معي ويمارسن المهنة بالاسم فقط ولا يستطعن إجراء تصميم بسيط لغياب الشغف والتتبع»، مشيرة إلى كون خبرة المهندسة لا تقاس بعدد السنين، بل بنوعية المشروعات، ونصحت طالبات الهندسة اللائي حضرن اللقاء بأن يعملن مجاناً في البداية لحين إثبات الذات وفتح مكتب خاص.

من جهتها، أفصحت المهندسة إيلا الشدوي، رئيسة مجلس شابات أعمال المنطقة الشرقية، عن وجود مشكلة لدى العميلات تكمن بعدم قدرتهن على فهم الرؤية ثلاثية الأبعاد (3D) مقارنة بالرجل، مفيدة بأن نحو 85 في المائة من النساء لا يستطعن ترجمة الخرائط إلى تخيل. وهو ما علقت عليه الحليبة لتوضح وجود بعض البرامج التي قد تساعد العميلات على تجاوز هذه المشكلة.

وحول اختلاف أحد الطرفين (الزوج أو الزوجة) على تصميم المنزل، كان من الطريف ما أشارت إليه الحليبة من أن المهندس يتحول بعض الأحيان إلى «مصلح اجتماعي» يحاول تهدئة الطرفين على طاولة الاجتماع، قائلة «قانونياً لست مطالبة بالتعامل مع أكثر من شخص من الطرف الأول، لكن أدبياً الوضع مختلف»،ونصحت المهندسات بالوقوف إلى صف المرأة لكونها الطرف الأقوى غالباً بهذا الشأن، حسب قولها.