السعودية: مؤسسات خاصة تتوجه لتشغيل الفتيات «مجانا» تحت غطاء «التطوع»

موظفات دفعهن شبح «البطالة» للعمل دون مقابل

TT

«إلى المتميـزات: لدينا فرص للعمل التطوعي».. هذا الإعلان يمثل توجهاً جديداً لدى بعض المؤسسات الخاصة الراغبة باستثمار طاقة الباحثات عن عمل لصالحها، كأن تعمل الفتاة معلمة بمدرسة خاصة أو موظفة بمعهد بلا مقابل تحت مسمى «متطوعة»، وهو ما وجده البعض استغلالاً لارتفاع نسب البطالة النسائية، وتشويشاً على المفهوم الحقيقي للتطوع.

وتوضح ليلى المبارك، خريجة تاريخ من كلية الآداب بالدمام، أنها لم تجد أمامها فرصة وظيفية سوى العمل كمعلمة روضة في إحدى المدارس الخاصة بمسمى «متطوعة»، وهو ما تراه استغلالاً لطاقتها، وتابعت بأنها أجبرت على ذلك بسبب الوعود المتكررة بتوظيفها وعدم وجود بدائل أخرى مناسبة.

وتضيف قائلة «لي زميلات أيضاً يعملن كالموظفات من دون مقابل وفئة منهن تم الاستغناء عنها فجأة»، بينما تحفظت موظفة أخرى بمسمى «متطوعة» عن الإفصاح عن اسمها وانطباعها، مرجعة ذلك لكونها ما زالت على رأس العمل، وهو ما تصفه بـ«المرحلة المؤقتة» التي ترغب بالاستفادة منها حتى تجد الوظيفة المناسبة.

من جهتها، دافعت عن هذا التوجه هدى المطيري، مديرة معهد القمة السعودي بالدمام، الذي أعلن مؤخراً عن طلب فتيات للعمل بالمعهد كمتطوعات، حيث أوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الخطوة من شأنها شغل أوقات الفراغ لدى الفتيات، قائلة «التطوع يفيد الفتاة أولاً وأخيراً لأن الجهة التي تقبلها ستضيف لها».

وبسؤالها إن كان ذلك استغلالاً لطاقة الباحثات عن العمل، أفادت بأنها سمعت بهذا الاتهام من بعض الناس، إلا أنها عادت لتؤكد بأن هذا التوجه يتيح للفتاة إظهار قدراتها وتقييم كفاءتها، قائلة «حتى أنا بيوم من الأيام كنت أبحث عن فرصة لأثبت نفسي وقدراتي»، وعن مستقبل الفتيات بعد التطوع، أكدت أنه ستكون لهن أولوية بالتوظيف حسب كفاءتهن.

وفي ذات المحور، أوضح نجيب الزامل، عضو مجلس الشورى وأحد المهتمين بالأعمال التطوعية، في حديث هاتفي لـ«الشــرق الأوســط»، أن من المهم في العمل التطوعي أن يكون برضا طرفيـن، وهما: القائم بالتطوع والجهة الحاضنة للعمل التطــوعي.

وتابع الزامل مبيناً ضرورة أن يكون التطوع من دون مقابل ربحي، «وإلا انتفى العنصر الأهم بالعمل التطوعي، الذي قد يقدم لغرض ديني أو هدف انساني نبيل» حسب قوله. مضيفاً بأن «العمل التطوعي هو بذل من دون مقابل وعطاء من دون أخذ».

وحول توجه بعض المؤسسات الخاصة لتشغيل الفتيات تحت غطاء التطوع، أوضح بأنه إن كانت هذه الفئة مجبرة على العمل بالمدارس أو المعاهد من دون رغبة أو مع احساس بأن الفرد مستغل، فالعمل هنا لا يكون تطوعاً، وشدد على ضرورة أن يكون العمل التطوعي بدافع شخصي، وأن يكون تركيز الجهة الحاضنة لذلك على التطوع من دون مطامع ربحية.

وتتفق معه بدرية الدليجان، رئيسة مجلس إدارة جمعية فتاة الخليج الخيرية بالخبر، التي أكدت لـ«الشرق الأوسط»، صعوبة الاعتماد على المتطوعات كالموظفات، موضحة أن دوام الأولى عادة يكون لساعات محدودة ولا تـُلزم بأداء الكثير من المهام مقارنة بالموظفات الرسـميات.

وعن التطوع بالمؤسسات الخاصة، ترى الدليجان أنه من الممكن أن تقيِّم بعض الجهات عمل الفتاة بعد فترة ثم توظفها، وأفادت بوجود فئة من الفتيات ممن يبحثن عن العمل من دون مقابل برغبتهن ولديهن وقت فراغ ويردن أخذ خبرة، وهو ما تراه يندرج تحت مفهوم التطوع، إلا أنها أكدت أنه في حال إجبار الفتاة على العمل من دون مقابل أو خداعها باحتمالية التوظيف فهذا ما تراه استغلالاً لهذه الفئة.

بينما تعتقد غادة حافظ، مسؤولة العــلاقات العــامة في «بيت الطفل للأيتام» بمكة المكرمة، في حديثها لـ«الشرق الأوسـط» أن الكثير من المؤسســات والشــركات صارت تحرص على أن يكون للفتاة خبرات سـابقة ومشاركة بأعمال تطوعية عند التقدم لشــغر إحدى الوظــائف.

وأضافت حافظ قائلة «سابقاً كنت عندما أقول لإحدى المتقدمات لا توجد لدينا وظائف، فقط تطوع، كانت تخرج ولا تعود لكن الآن الوضع تغير»، وترجع حافظ ذلك لزيادة وعي الفتيات بأهمية العمل التطوعي ومساعدة الآخرين، إلى جانب رغبة فئة كبيرة منهن باستثمار أوقات الفراغ وعدم الاستسلام للبطالة.

تجدر الإشارة إلى أن الإناث يشكلن ما نسبته 41 في المائة من اجمالي البطالة في السعودية، 76 في المائة منهن من الجامعيات، حسبما تفيد أحدث الاحصاءات.