الحكومة تعالج عشوائية توزيع القرى.. بربطها

من خلال إنشاء وحدة تنموية خدمية لكل مجمع قروي.. والمرحلة الأولى تشمل 84 قرية

صورة جوية ملتقطة من قبل «قوقل إرث» وتظهر من خلالها إحدى القرى السعودية النائية التي تفتقر للتخطيط العمراني، وكثير من الخدمات
TT

تشرع الحكومة السعودية خلال الـ3 أشهر المقبلة، في عمل دراسات تفصيلية حول المراكز القروية والهجر ذات التوزيع الجغرافي العشوائي، وذلك للخروج بنتائج وتوصيات تحدد آلية ضم القرى المتقاربة مع بعضها البعض داخل مجمع قروي واحد.

وتسعى السعودية من خلال هذه الخطوة لمعالجة ملف المراكز القروية المتناثرة عشوائياً في مناطقها الـ13، والتي تفتقر الكثير منها لأدنى المستويات من المرافق الخدمية، وذلك من خلال ربط بعضها ببعض داخل مجمعات قروية تحتوي على وحدات تنموية خدمية متكاملة. وبحسب معلومات خاصة حصلت عليها «الشرق الأوسط»، فإن وزارة الشؤون البلدية والقروية، التي تضطلع بمسؤولية التنمية العمرانية المتوازنة في البلاد، قد أوعزت مكاتب استشارية هندسية بإجراء «دراسة خاصة» لـ84 مركزا قرويا يتبعون لمنطقتي حائل والقصيم، كمرحلة أولى من الدراسات التي ستقيمها الوزارة على باقي قراها.

وستركز الدراسة التي ستستمر على مدى عامين، ويبدأ فريق العمل المشكل لها أعماله خلال الـ 3 أشهر المقبلة، على معاينة مقومات التنمية واستعمالات الأراضي الرئيسة وشبكات الطرق واتجاهات التوسع العمراني وطبيعة وحجم الخدمات والمرافق المطلوب توفرها في تلك المراكز، ليتم بعد نهاية الدراسة رفع التقارير والمقترحات لوضع الشكل النهائي لكل تجمع قروي تنموي تعتزم الوزارة تشغيله.

وترمي الوزارة السعودية من خلال هذا التحرك إلى تحقيق التنمية العمرانية المتوازنة على المدى البعيد بين مناطق البلاد وداخل كل منطقة بما فيها من التجمعات الحضرية والقروية إضافة إلى تحسين النمط والنسيج العمراني للمدن والقرى والحد من النمو العمراني المبعثر والعشوائي، بعد أن تداخلت بعض القرى مع المخططات الهيكلية للمدن، وتشكل مجموعة أخرى متناثرة وموزعة حول المدن المتوسطة والصغيرة، قامت على وجود المياه والوديان والزراعة وعلاقتها بتلك المدن ضعيفة، إضافة إلى تجمعات قروية تقع حول المدن الكبيرة ولم يشملها المخطط الهيكلي ويتوقع أن تتأثر سلباً مع زيادة حجم وكيان المدينة الرئيسة، وخاصة مع التوسعات المتسارعة لتلك المدن.

ويؤكد لـ«الشرق الأوسط»، المهندس فيصل الفضل، عضو جمعية المهندسين السعوديين، واستشاري التخطيط العمراني، أن التوجه إلى ضم المراكز القروية إلى قالب واحد تحت مظلة مجمع قروي واحد مجهز ببنية تحتية تنظيمية تنموية وخدمية، سينعكس إيجاباً على العملية التطويرية والتنموية للتخطيط العمراني الحضاري، مضيفاً أن الوقت بات ملائماً لإعداد مثل هذه الدراسات، وربط القرى ببعضها البعض من جميع الجوانب الخدمية والتنموية، فيما يتماشى مع الاستراتيجية الوطنية للتخطيط العمراني في المملكة.

وعن سبب اختيار وزارة الشؤون البلدية والقروية لقرى منطقتي حائل والقصيم كمرحلة أولى من دراساتها لتوزيع قرى البلاد، قال الفضل إن ذلك ربما يرجع إلى طبيعة توزيع القرى في تلك المنطقتين حيث تعتبر مثالاً لقرى متناثرة كثيرة في مناطق أخرى، مضيفاً أن نتائج دراسة هاتين المنطقتين ستعكس تطورا يشكل أنموذجاً لمناطق أخرى مشابهة، مضيفاً أن الدراسة تشكل استكمالا للمخطط الإقليمي للمنطقتين. ووفقاً لمصادر «الشرق الأوسط» ستبدأ المكاتب الهندسية خلال الأشهر المقبلة ضمن الخطة المعدة للدراسة، بجمع الدراسات اللازمة لبيان الحالة العمرانية والاجتماعية والاقتصادية والدراسات البيئية الأخرى لتلك القرى وعمل التحليلات الابتدائية للوضع الراهن.

وستشتمل عمليات المعالجة على المسح العمراني للقرى والتطور العمراني واستعمالات الأراضي ودراسات الهيكل العمراني وملكيات الأراضي «العامة والخاصة» وشبكات الطرق والنقل وتوزيع الخدمات والمرافق العامة والمعلومات السكانية والاجتماعية والمعلومات الاقتصادية والمقومات التنموية والخصائص البيئية والطبيعية للقرى، وإعداد خريطة الأساس الرقمية للقرية والمناطق الأثرية.

وسيتولى فريق العمل المشرف على الدراسة من قبل المكاتب الهندسية إعداد المخططات الهيكلية لمراكز التنمية القروية، وتحديد شبكات الطرق الرئيسة داخل الوحدات التنموية واقتراح توزيع الخدمات والمرافق على القرى والهجر داخل الحيز الخدمي للقرية المركزية (مركز التنمية القروي).

وطبقاً لمعلومات «الشرق الأوسط» ستحدد الدراسة الإطار الخدمي لهذه المراكز التنموية ومجموعة القرى والهجر الواقعة داخل هذا الحيز والتي سوف تكون تابعة خدمياً لمركز التنمية القروي وذلك لتكوين وحدة تنموية خدمية متكاملة ومتزنة يراعى فيها المناطق ذات الكثافة العالية للقرى على أن يكون عدد سكان مجموعة القرى والهجر في حدود 2500 نسمة.

وعلى أن تكون مجموعة القرى مجتمعة في حيز مكاني متقارب بالنسبة لبعضها البعض، حيث يتم تجميع عدد من القرى يكون عدد سكان مجملها لا يقل عن ما ذكر أعلاه، مع مراعاة ألا تزيد المسافة بين أبعد قريتين من قرى المجموعة عن (50 كم تقريباً) مع توفر سهولة الوصول. مع مراعاة أن تكون مجموعة القرى المختارة تتبع تصنيفا واحدا «إداري، اجتماعي، مكاني» أما في بعض الحالات الخاصة «كالقرى الحدودية» لا يلزم وجود كافة المعايير والاشتراطات مجتمعة لتحديد المجموعة القروية حيث تستدعي بعض الظروف المعينة «أمنية وسياسية» إلى تنمية بعض القرى بدون النظر إلى أحد المعايير كعدد السكان، أو التغاضي عن معيار المسافة بين القرى في بعض المناطق التي ينتشر فيها العمران بشكل متباعد.

وكانت وزارة الشؤون البلدية والقروية قد أعدت المخططات الهيكلية لمناطق ومحافظات ومدن المملكة لتحقيق العديد من الأهداف العامة والخاصة ومنها توجيه التنمية العمرانية المتوازنة في ضوء الاستراتيجية العمرانية الوطنية التي أقرها مجلس الوزراء الموقر في رجب 1421هـ.

وتحديث دراسات النطاق العمراني وتحديد مراحل التنمية، وإدخال مفهوم المخططات الهيكلية في آلية اتخاذ القرارات المتعلقة بالتنمية العمرانية، وتطوير الأجهزة الفنية المحلية القادرة على تخطيط بيئتها وتدريبها على الاستفادة من هذا النهج العلمي في اتخاذ القرارات التخطيطية والتنموية في المناطق والمدن. وقد استندت وزارة الشؤون البلدية في إعداد هذه المخططات على أفضل ما توفر لديها من المعلومات والبيانات المتوفرة لديها من تلك المعلومات والبيانات خرائط التصوير الجوي والمصورات الفضائية، معلومات النطاق العمراني والمسوحات الميدانية والدراسات التخطيطية السابقة لبعض المناطق والمدن السعودية.

وأعدت الوزارة هذه الدراسات عبر مرحلتين أساسيتين الأولى هي إنجاز المخططات الهيكلية، إما بواسطة الجهود الذاتية للأجهزة الفنية المحلية في الأمانات وبلديات المحافظات والبلديات والمجمعات القروية أو بواسطة مكاتب استشارية متخصصة، ومن ثم أبرمت الوزارة عقودا مع بعض المكاتب الاستشارية المتخصصة لتنفيذ عدة مشروعات لإخراج وإنتاج المخططات الهيكلية ومتابعة تنفيذها باستخدام أجهزة وتطبيقات الحاسب الآلي ونظم المعلومات الجغرافية. أما المرحلة الثانية فهي تحديث المخططات الهيكلية، وقد بدأت في عام 1425هـ بهدف تحديث المخططات الهيكلية للمدن التي اعتمدت المخططات الهيكلية لها سابقاً إضافة لإعداد المخططات الهيكلية للمدن التي توجد فيها بلديات ومجمعات قروية إضافة لبعض القرى والتجمعات السكانية ويتجاوز عددها حالياً مائتين وثلاثين (230) مدينة وقرية وتجمعاً سكانياً. وبناء على الاستراتيجية العمرانية الوطنية التي تهدف إلى تحقيق التنمية العمرانية المتوازنة على المدى البعيد بين مناطق المملكة وداخل كل منطقة بما فيها من التجمعات الحضرية والقروية إضافة إلى تحسين النمط والنسيج العمراني للمدن والقرى والحد من النمو العمراني المبعثر والعشوائي.

ونظراً لأن إحدى الآليات لتحقيق هذا التوجه هو إعداد مخططات هيكلية للمدن والقرى فقد تم التحديد المسبق لاتجاهات النمو العمراني واستعمالات الأراضي وشبكات الطرق، وإيضاح المتطلبات من الخدمات والمرافق اللازمة، وإعداد دراسات عن أولويات التنمية داخل الحيز العمراني للمدن والقرى ويكون بذلك المخطط الهيكلي بمثابة وثيقة فنية إرشادية توضح سياسات استعمالات الأراضي وتضع الضوابط والمقترحات التنموية للتجمع العمراني.

وتسعى وزارة الشؤون البلدية والقروية السعودية إلى تفعيل توصيات الاستراتيجية العمرانية الوطنية بنشر التنمية ودعم استراتيجية التنمية القروية لتلعب دوراً أكثر فعالية في العملية التنموية على المستوى الوطني وتحقيق التوازن بين القطاعين القروي والحضري على مستوى المملكة وبالتالي تحقيق عوامل عكس الهجرة من القرى إلى المدن أو التخفيف منها على أقل تقدير. وتفعيل توصيات المخططات الإقليمية التي أعدتها الوزارة، والخاصة بتنمية القرى المركزية كمراكز أساسية للتنمية القروية بالسعودية، وتسليط الضوء على التنمية القروية وتحديد الأولويات التنموية بكل منها في صيغة مشاريع وتوصيات محددة تدرج في ميزانيات البلديات والمجمعات القروية، ووضع آلية سهلة ومبسطة تمكن الكوادر الفنية في الأمانات والبلديات والمجمعات القروية من الوصول إلى حلول المشاكل ووضع تصورات مستقبلية للتنمية وتسهيل إجراءات المتابعة والتنفيذ، ودعم ومؤازرة برنامج تحديث المخططات الهيكلية والمحلية في المدن والقرى السعودية.