في مهرجان «الجنادرية 24».. هواتف الآباء على جباه الأبناء

أجبرهم الزحام على كتابة الأرقام على أجساد الأطفال لضمان عدم ضياعهم

القرية الشعبية في مهرجان الجنادرية تشهد زحاما شديدا.. وفي الإطار أحد الأطفال كُتب على جبهته هاتف والده الجوّال (تصوير: خالد الخميس)
TT

أجبرت أجواء الازدحام التي شهدتها ساحة القرية الشعبية، أول من أمس مع أولى فعاليات مهرجان الجنادرية، بعض الزوّار للجوء إلى طرق وأساليب ربما تحمل طابع الغرابة، إلا أنها تعتبر نافعة ومجدية في أوقات الطوارئ، واضطر آباء لكتابة أرقام جوالاتهم على جباه وأيدي أطفالهم، تحسّباً لفقدانهم وسط الحضور الهائل من الناس بين أروقة القرية الشعبية.

وتعتبر هذه الطريقة هي الأنسب بالنسبة لأولئك الآباء في الوقت الذي لم يكونوا يتوقعون فيه أن تزدحم ممرات وساحات القرية الشعبية بتلك الوفود من البشر، مما دفعهم إلى استثمار الوقت والتفكير بسرعة لإيجاد حلول وقتية تساعدهم على الاتصال مع أطفالهم في حال فقدانهم وهذا ما توقعه كثير منهم، إذ عادة ما يصاحب تلك المناسبات حالات مشابهة.

ويقول أبو حمد الذي كان يحمل أحد أطفاله على ظهره والآخر ممسكاً بيده التي كتب عليها رقم جواله، لـ«الشرق الأوسط» إنه تفاجأ بالعدد الضخم من زوار المهرجان، مضيفاً أنه قدم وأبناؤه للاستمتاع بالفعاليات، لكن الازدحام الذي صادفه جعله يقلق على أبنائه، وهاجس فقدهم من بين الحضور، إلا أنه رأى طفلاً يمر بجانبه ومكتوب على جبهته «رقم هاتف خلوي» الأمر الذي استحسنه وطبّقه على أطفاله.

ويأتي ذلك في الوقت الذي أرغمت فيه فعاليات مهرجان الجنادرية للثقافة والفنون سكان وزوار العاصمة السعودية الرياض، منذ انطلاقتها، على التقاطر بشكل مكثف لحضور مكنونات التراث والثقافة السعودية، مصطحبين معهم أبناءهم ليحتفلوا بعيد ثقافي وفكري وفني تتنوع نشاطاته بين أصالة الماضي وشموخ الحضارة. واشتملت الفعاليات المقدمة خلال الثلاثة الأيام الماضية في القرية الشعبية على عدد من الفلكلورات الشعبية والشعرية والحرف اليدوية القديمة التي كان يستخدمها الآباء والأجداد، بجانب المحاضرات والندوات الثقافية، وتوزيع المطويات العلمية، وتوفير جميع ما يحتاجه الفرد من ذاكرة الماضي. وشهدت مشاركات مناطق ومدن السعودية من خلال أجنحتها المعروضة تنوعاً في عرض تراثها وماضيها وتعريف الزوّار بها، إضافة لمشاركات جميع الجهات الحكومية بأجنحة توفر جميع المعلومات حول تقديم خدماتها للمواطن والمقيم على حد سواء، حتى أن الزائر لمهرجان الجنادرية لا يعلم هل يتخيل نفسه وكأنه في إحدى قلاع الماضي، المبنية بقالب حضاري مدني تتوفر به أدوات الماضي الطاعنة في القدم، أو أنه في إطار تراثي مجهز بوسائل العصر الحديث يجمع بين تقنية وسرعة الحاضر، وبين عبق التراث والماضي التليد. ويجسد مهرجان الجنادرية، الذي يحتفل بعيده الـ24، عراقة الماضي في قالب تراثي مبسّط بشكل رائع، بعد أن أثبت نجاحه على مدى السنوات السابقة، وتجاوزه المستوى المحلي والإقليمي إلى الدولي، ليتصاعد أهميته ومكانته ليصبح لاعباً لأحد الأدوار الأساسية في نقل التراث من جيل إلى جيل آخر.