تربويون : دعوة لتوسيع دور المدارس للمشاركة في حل مشاكل الطلاب خارجها

أعضاء مدرسة توسطوا لحل خلاف بين قبيلتين للحد من تأثيراتها على العملية التعليمية

TT

طالب تربويون سعوديون، في المنطقة الشرقية، بتوسيع دور المدرسة في حلّ المشاكل الاجتماعية التي تنعكس سلباً على سير العملية التعليمية من خلال لجان تشترك في عضويتها المدرسة والمجتمع وعدد من المؤسسات الحكومية. تسعى لحل المشاكل التي تنعكس عبر مشاحنات أو مشاجرات داخل المدرسة، أو تلك التي تعطي آثاراً سلبية على سلوك الطلاب نتيجة التفكك الأسري والخلافات بين الأبوين وحالات الفقر والمرض.

وقال الدكتور محمد الرويشد وكيل وزارة التربية والتعليم للتعليم لـ «الشرق الأوسط» أن الوزارة ترحب بجميع المبادرات والبرامج التي تقوم بها المدارس والتي تصبّ في تقوية العلاقة بين المدارس والمجتمع وتفعيل الدور التربوي والتنويري للمدرسة.

وانتقد الرويشد ما أسماه الفهم السائد أن دور المدرسة يقتصر على الاهتمام بالأمور التعليمية فقط، لافتاً بأن مجلس الآباء تم وضعه للمساهمة في علاج المشاكل التربوية والاجتماعية المتعلقة بالتعليم.

إلى ذلك، شدد جبير المليحان المشرف التربوي في إدارة التعليم بالدّمام على ضرورة الجهود الإيجابية التي تبذلها المدرسة لحلّ المشاكل الاجتماعية في محيطها، معتبراً أنّه أمر في غاية الأهميّة لخلق بيئة تعليمية مناسبة داخل المدرسة. واستشهد المليحان بما فعلته إدارة إحدى المدارس الثانوية في الدّمام حيث اضطرت لحل خلاف قبلي حصل بين قبيلتين وأثّر تأثيراً سلبياً على سير العملية التعليمية داخل المدرسة، إذ لاحظت إدارة المدرسة كثرة النزاعات بين الطلبة من القبيلتين، ما ألجأ إدارة المدرسة للتّدخّل وعقد مصالحة بين القبيلتين أسفرت عن عودة العملية التعليمية في المدرسة إلى نصابها. وأضاف المليحان بأنّ نجاح مثل هذه الجهود مرهون بتشكيل لجان مدعومة من عدد من المؤسسات الحكومية كوزارة الداخلية ولجان المصالحات الأهلية، ووزارة الصّحة، بالإضافة إلى دعم المجتمع وأولياء الأمور، وانتقد غياب مثل هذا التنسيق في الوقت الحاضر. وقال محمود الرشيد، وكيل مدرسة (صقلية) المتوسطة بالدّمام، أن التواصل بين المدرسة والمجتمع ضعيف أو مفقود في معظم الأحيان، فالمدرسة غير ملزمة بحسب التنظيمات بحل أي مشكلة تنشأ خارج أسوارها. وعزا الرشيد ضعف العلاقة بين المدرسة والمجتمع إلى أسباب عديدة منها عدم وجود مرشد طلابي في المدرسة، مستشهداً بالمدرسة التي يعمل فيها والتي قال بأنها بقيت لعشر سنوات بعد إنشائها دون مرشد طلابي بحجة قلة عدد الطلاب في المدرسة، وذكر بأن الكثير من المدارس تعاني من عدم وجود المرشد الطلابي.

وقال الرشيد بأنّ تشكيل لجنة لعلاج المشاكل الاجتماعية في المدرسة سيصطدم بمشكلة الروتين التي ستواجه اللجنة أثناء سعيها لضمّ موظفين من قطاعات حكومية أخرى إلى عضويتها، فقد تحتاج اللجنة إلى خدمات مؤسسات أخرى لعلاج بعض المشاكل كالقطاع الصحي ومستشفيات الصحة النفسية ووزارة الداخلية، وقال بأنّ علاج هذا العائق يحتاج إلى مساندة الدولة لتفعيل دور الوزارات المختلفة وتكليفها بالمساهمة في هذه اللجان. وقال الدكتور خالد النويصر، عميد كلية المعلمين بالدمام، إن محور الموضوع هو أداء المدرسة لدورها بالشكل الصحيح وبشكل تخصصي. وأكّد على أنّ المجتمع سيمنح ثقته للمدرسة إذا ما أعيد تأهيلها وسيطلب مساعدتها لحلّ مشاكله، كما يلجأ بشكل طبيعي إلى الطبيب المتخصص والمهندس المتخصص ولن يضر حينئذ وجود بعض الأخطاء بين فترة وأخرى، فالمجتمع لا يتوقّف عن اللجوء إلى الأطبّاء حين يحتاجهم رغم علمه بوجود بعض الأخطاء. وأكّد النويصر على أنّ الجهاز الإداري والتعليمي للمدرسة يفتقد للتدريب والتهيئة التي تخلو منها مؤسسات إعداد المعلم في المملكة بحيث ينتج وضعاً نموذجياً في التعليم. وقال النويصر أن من غير المنطقي أن يطلب من المدرسة القيام بأدوار أكثر مما هي مؤهلة للقيام به. وليس من المبالغة القول إن كليات التربية وإعداد المعلمين لم تنجح تماماً في إعداد خريجيها للتعليم ونقل المعرفة، ناهيك عن تأهيلهم لأدوار أخرى. وأكّد الدكتور النويصر على أهمية إعادة المكانة للمدرسة ذاكراً بأنّ الطريق يمرّ من خلال حسن اختيار الملتحقين بمؤسسات إعداد المعلم وإجادة تصميم البرامج والخطط الدراسية التي تؤهل الراغبين والقادرين على الانضمام لمهنة التعليم. واستعرض المعلم علي البحراني وهو مدير مدرسة الملاحة المتوسطة بالقطيف تجربة مدرسته بالقول بأنها اعتمدت برنامجاً يفعّل دور المدرسة في حلّ المشاكل الاجتماعية التي تؤثّر على سير العملية التعليمية داخل المدرسة، وتمكّنت بالتواصل مع أولياء الأمور والخطباء في القرية من علاج بعض مشاكل العداء بين الأقرباء والتي انعكست داخل المدرسة في شكل نزاعات مستمرّة بين أبناء المتنازعين.