مدير عام وكالة الأنباء السعودية: خطط تطويرية تطال الجوانب التحريرية والمراسلين

عبد الله الحسين أكد لـ «الشرق الأوسط» إنشاء مركز تدريب متخصص وقسم نسائي.. وتسريع العمل نحو تحويل الوكالة إلى مؤسسة مستقلة

مخطط لمبنى وكالة الأنباء السعودية «واس» الجديد.. تحت الإنشاء
TT

قال عبد الله الحسين مدير عام وكالة الأنباء السعودية «واس»، في حوار لـ«الشرق الأوسط» في الدمام، إن الوكالة تسعى في خطتها التطويرية إلى إعادة صياغة هيكلتها التحريرية الإخبارية، وإنشاء مركز تدريب متخصص للصحافيين، وكذلك إنشاء قسم نسائي مستقل داخل الوكالة في المبنى الجديد بالرياض، مشيرا إلى أن هناك خطوات متسارعة للعمل على تحويل الوكالة إلى مؤسسة، بتوجيه من وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجه، مضيفا أن الإعلام العربي ليس في حاجة إلى مواجهة مع الإعلام الغربي، وإنما هو بحاجة للوصول إلى الإعلام الغربي للعمل على تغيير الصورة النمطية عن العرب، وعن الإعلام العربي، فإلى نص الحوار..

* طالت الوكالة تعديلات على موقعها الإلكتروني ـ بالإنترنت ـ هل هناك تعديلات أخرى؟

- دأبت «واس» على العمل لتطوير وتهيئة موقعها الإلكتروني، ليناسب مستعرضيه ومتصفحيه ويحقق تطلعاتهم في إمكانية الاستفادة الكاملة من كل معلومة أو خبر أو صورة، والوصول إليها بأسرع وقت وأقل جهد. وقد بذلت الوكالة جهدها من أجل الوصول بهذا الموقع إلى المواقع العالمية. وهناك طموح في عرض وطرح المزيد من الخدمات التفاعلية لمواقع الأحداث، وكذا مقاطع فيديو لبعض الأحداث المهمة على الصعيد الداخلي. وإن سمو وقوة ورصانة وموضوعية ما يعرضه الموقع الإلكتروني لـ «واس»، هو انعكاس لما يتمتع به الزملاء الإعلاميون والتقنيون فيها. وتسعى «واس» على الدوام لإكساب إعلامييها وصحفييها المهارات والأدوات المناسبة للتعامل مع كل فن صحفي، عبر إلحاقهم المستمر في دورات في معاهد متخصصة، وكذلك تنظيم دورات في نمط إعلامي معين بالتنسيق والتعاون مع جهات رائدة في هذا المجال، سواء في معاهد متخصصة داخليا وخارجيا، أو في الجامعات السعودية. وتسعى «واس» حاليا إلى إنشاء مركز تدريب متخصص، لا يقتصر التدريب فيه على منسوبي «واس» فحسب، بل سيكون مفتوحا للصحفيين والإعلاميين والمصورين في مختلف القطاعات الحكومية والمؤسسات.

* يلاحظ على الوكالة قلة التقارير والتحقيقات المحلية والخارجية الخاصة، التي لها دور في إبراز صورة الحياة السعودية العامة، والسعوديين خصوصا لدى كثير من الدول والعالم. ما هو تعليقكم؟

- وكالة الأنباء السعودية متميزة في التقارير والاستطلاعات الصحفية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والسياحية والاستثمار. وقد فازت الوكالة بالمركز الأول في مسابقة أحسن تقرير، التي تنظمها الأمانة العامة لاتحاد وكالات الأنباء العربية، وذلك لعامي 2006 و2008، مع العلم بأن التقارير المشاركة في المسابقة تحكّم من قبل وكالات أنباء عربية. أما ما يتعلق بالتحقيقات الصحفية، فأنا اتفق معك أن هذا الفن الصحفي لا وجود له في نشرات «واس» في الوقت الحالي، ولكن سيتم تفعيله من خلال إنشاء قسم خاص للتقارير والتحقيقات الصحفية ضمن إعادة هيكلة التحرير في «واس».

* هناك من يرى قلة الكوادر العاملة في الوكالة سبب عدم وجود مراسلين لها في بعض المناطق السعودية لمتابعة الأحداث والمناسبات؟

- لوكالة الأنباء مكاتب في جدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة والطائف والدمام والقصيم وحائل والجوف وتبوك ونجران وجازان والباحة، ولها مراسلون في العديد من المحافظات. وتتابع تلك المكاتب والمراسلون مختلف الفعاليات في كل منطقة ومحافظة أولا بأول. وتتطلع «واس» دائما إلى تغطية أفضل، ومواكبة كل مستجد على كل صعيد على مستوى تلك المناطق. نحن نسعى إلى أن تكون «واس» حاضرة في كل وقت، وفي كل أي مكان داخل السعودية، لتعيش الحدث وتنقله إلى مستقبليها في حينه بكل مهنية وموضوعية. ومهما كان حجم الكادر العامل في «واس»، فنحن بحاجة إلى المزيد.

* ما هي أبرز المشاريع «التطويرية» المقبلة عليها الوكالة: للمكاتب الداخلية والخارجية؟ - مما تم إنجازه حاليا تطوير موقع الوكالة على الإنترنت، وإضفاء الكثير من الخدمات عليه، مثل خدمة «wap»، وكذلك خدمة «rss»، والكثير من الخدمات والتصنيف، كما أن الوكالة قامت بتقديم خدماتها عبر الرسائل القصيرة، وعلى أكثر من شركة، وهي حاليا تحظى بتقدير الجميع، ويصل إلى الوكالة الكثير من ردود الفعل الإيجابية على هذه الخدمة. كما قامت الوكالة بعمل شبكة توزيع حديثه على الألياف الضوئية تعمل بسرعات عالية لنقل خدمات «واس» الإخبارية والمصورة.

* كم يبلغ عدد مكاتبها المحلية والخارجية، وعدد المراسلين لديها، وأين يتوزعون؟

يوجد لـ «واس» 13 مكتبا موزعة في مختلف مناطق السعودية ومحافظتي جدة والطائف، بالإضافة إلى مراسلين في عدد من المحافظات. ولا يتوقف طموح «واس» عند هذا الحد، فهي تسعى ضمن خططها التطويرية إلى توسيع دائرة المراسلين في بعض المحافظات التي ترى أهمية وجودها فيها. أما المكاتب الخارجية، فلدى الوكالة 7 مكاتب في كل من واشنطن، ولندن، والقاهرة، وبيروت، وتونس، وصنعاء، وطهران، ومراسلون في العديد من العواصم العالمية الأوروبية والآسيوية والأفريقية، أبرزها باريس، وبروكسل، وجنيف، وفيينا، ونيويورك، وموسكو، وإسلام أباد، والرباط، ونواكشوط، وأستراليا، ومدريد، وباريس. وفيما يتصل بتطوير عمل المكاتب في الداخل والخارج، فهو يندرج ضمن خطة العمل في تطوير أداء العمل في «واس»، الذي يشكل أولى أولويات للارتقاء بخدمات «واس» الإخبارية والفنية. و«واس» مقبلة حاليا على إنشاء مبناها الرئيسي بالرياض، وسيكون موقع الوكالة معلما في مدينة الرياض، حيث روعي في التصميم الشكل الجمالي والموقع المميز وهو على طريق الملك فهد بحي الصحافة، وتطوير المكاتب الداخلية والخارجية يندرج في منظومة التطوير العامة لـ «واس».

* ماذا بخصوص النساء العاملات بالوكالة؟ وكم يبلغ عددهن؟

- تحرص «واس» على متابعة وتغطية مختلف الفعاليات النسائية من خلال مراسلات في مدينة الرياض وجدة والدمام وتسجل الوكالة حضورا دائما في مثل هذه المناسبات، سعيا لإبراز الدور الفاعل الذي تقوم به المرأة السعودية. وفي إطار خططها التطويرية تعمل «واس» حاليا على إنشاء قسم نسائي خاص في المركز الرئيسي بالرياض. وقد صدرت موافقة وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجه على ذلك، وسيكون ذلك خطوة في الاتجاه الصحيح، تتابع من خلالها الموظفات المتخصصات غالبية الفعاليات والنشاطات النسائية في القطاعين الحكومي والخاص، وفي مؤسسات المجتمع المدني.

* إلى أي مدى تولي الوكالة اهتماما بالجوانب الاقتصادية المحلية؟، وهل هناك صحفيون اقتصاديون متخصصون لديكم؟.

- تشكل الأخبار الاقتصادية في «واس» نسبة جيدة في نشرتها، وتسجل الوكالة حضورا في مختلف الفعاليات الاقتصادية في جميع مناطق السعودية، وتواكبها بالتغطية الشاملة، كما تتابع يوميا السوق المالية وتقدم نشرة عن إغلاق السوق وأهم الأخبار التي تصدر عن هيئة سوق المال، والسوق المالية تداول والشركات المدرجة في السوق. وتبعا لما ذكرته سابقا عن إعادة هيكلة التحرير، فإن دعم القسم الاقتصادي بمحررين ذوي كفاءة عالية، وعلى دراية ومعرفة بالجوانب الاقتصادية يشكل داعمة قوية للأخبار والتقارير الاقتصادية في نشرة «واس»، وسيزيد من حضورها في هذا الجانب المهم لتقديم المعلومات الصحفية عن الاقتصاد السعودي، وتقديم التقارير عن مختلف دعائم الاقتصاد الوطني، وفي مقدمتها مقومات الاستثمار الأجنبي، من خلال المدن الصناعية والاقتصادية التي تشكل أرضية متينة لإقامة المشاريع الاستثمارية المشتركة بين رجال الأعمال السعوديين ونظرائهم في الدول العربية والإسلامية.

* ماذا بشأن تحويل الوكالة إلى مؤسسة مستقلة؟ وما هي وجهة نظركم في ذلك؟.

- نحن في «واس» نتطلع إلى تحقيق ذلك في أقرب وقت، وقد وجه وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة بحث الخطى نحو الإسراع بتطبيق قرار الوزراء في تحويل «واس» إلى مؤسسة بجانب التلفزيون والإذاعة. ومتى ما تحققت هذه الخطوة التاريخية لـ «واس»؛ فإنها ستدفعها خطوات إلى الأمام، وستعطيها انطلاقة كبيرة جدا نحو أفق الإعلام والمعلومات الواسع، وستفتح لها مجالا وفضاء أرحب لتسجيل نفسها واحدة من وكالات الأنباء الرائدة. وتحويل «واس» إلى مؤسسة سيمنحها الاستقلالية في العديد من الأمور التي تساعدها في تحقيق انطلاقتها، من بينها الأمور الإدارية والمالية.

* كيف ترون سقف الحرية في النشر لديكم، بكونكم جهة حكومية؟ وماذا عن الحيادية والموضوعية في ذلك؟

في العمل الإعلامي، وفي أي محفل منه هناك ضوابط لا بد للإعلامي أو القطاع أن يلتزم بها، وهي ليست بالضرورة أن تكون مكتوبة، فالإعلامي بحسه وخبرته يدرك ذلك السقف، ويعرف حدوده بعدم تجاوزه. هناك العديد من الأخلاقيات التي يدركها الإعلامي المتمرس، ولا أتصور إعلاميا أو صحفيا ناجحا ومتسما بذلك ينتظر أن تملى عليه تلك المساحة أو تحدد له.. فمن أبجديات الصحافة أن يتعامل الصحفي مع ما يتناوله بصدق وموضوعية وحيادية ودقة. والصحفي، سواء كان في قطاع حكومي، أو أهلي، لن يتجاوز تلك الحدود، وبالتالي هناك سياسة إعلامية عامة ومسار ونهج لكل وسيلة إعلامية، إلى جانب استرشادها بالسياسية الإعلامية العامة.

* لماذا تسبق الوكالات العالمية ببث ونشر الأخبار المحلية، في حين تكون «وكالة الأنباء السعودية» في ذلك متأخرة، مع أن الحدث يهم السعوديين؟. - في السابق كان التسابق على بث الأخبار ونشرها السريع يقتصر أو يكاد على وكالات الأنباء، وكانت وكالات الأنباء العالمية لها قصب السبق في ذلك، أما الآن، فهناك تغير في هذا المفهوم، حيث دخلت القنوات الفضائية، وخاصة منها الإخبارية، منافسا قويا للوكالات؛ فأضحت الوكالات تنقل عنها الأحداث. و«واس» إلى جانب حرصها على سرعة النشر، فإنه لا بد من التأكيد على موثوقية المصدر ودقة الخبر. ونحن ـ كغيرنا من الوكالات ـ نسبق ونسبق، وبالتالي نركز على دقة وسلامة ومصداقية ما نقدم.

* هل ترون أن وكالات الأنباء العالمية لا زالت تحتكر بث الأخبار وتوجيهها عبر سياستها، أم أن الوكالات العربية والإسلامية بدأت تدخل منافسة لها في ذلك؟، وكيف يمكن مواجهة الاحتكار العالمي للأخبار؟

- وكالات الأنباء العربية والإسلامية على المستوى المحلي تقدم نفسها وفق إمكاناتها عبر التغطية الشاملة للأحداث والنشاطات الداخلية بكل دولة، أما على مستوى الأحداث على صعيد أشمل وأوسع، سواء كان عربيا أو إسلاميا أو دوليا، فإن المقارنة بينها ووكالات الأنباء العالمية غير متوازنة، وهناك شيء من الاحتكار بالفعل في صناعة الأخبار وبثها، ولا أعتقد أن واحدة من تلك الوكالات العالمية ستنقل حدثا أو خبرا، دون أن يصطبغ بلون مناسب لها.

* هل يؤثر كون وكالات الأنباء العربية حكومية في حرية أدائها؟

- لا أعتقد ذلك، كون الوكالات العربية حكومية سيؤثر عليها، فلدى الوكالات العربية مساحات من الحرية لتناول مختلف القضايا، ووضع المواطن العربي دائما في صورة الأحداث في وطنه، وفي مختلف بقاع العالم، عن طريق الطرح الإعلامي الرصين في إطار سياسات وتوجهات دولها.

* ما هي وجهة نظركم في ميثاق الإعلام العربي؟ وماذا يمكن أن يستفاد منه في مواجهة الإعلام الغربي؟

- إن كنت تقصد ميثاق الإعلامي العربي الذي صدر عن وزراء الإعلام العرب قبل سنوات في القاهرة ففيه تأصيل للعديد من المثل والقيم التي ينتظر من الإعلامي أو الجهة التحلي بها سواء ما يتعلق بالهوية العربية والمجتمع العربي أو شخصية الإنسان العربي بكل جوانبها الثقافية والاجتماعية والسياسية وغيرها، وتسليط الضوء على العمل المشترك، للوصول إلى التكامل، وكذا التأكيد على الموضوعية والأمانة والاحترام والالتزام والصدق والدقة، وتعميق روح التسامح والتآخي وغيرها، فمتى ما سار إعلامنا العربي على تلك الأسس؛ فسيكون إعلاما ناجحا. نحن لسنا بحاجة إلى مواجهة مع الإعلام الغربي، والمطلوب منا هو كيفية الوصول إلى الإعلام الغربي بشكل قادر على تغيير تلك الصورة النمطية عندهم عن العرب عامة، ومن ضمنه الإعلام العربي. وفي اعتقادي أن دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى الحوار هي واحدة من الوسائل التي يمكن من خلالها إيصال الصوت العربي الإعلامي إلى الغرب، وكذلك الصورة الصحيحة عن الإنسان العربي.

* كيف يمكن النهوض بوكالات الأنباء العربية؟

- النهوض بوكالات الأنباء العربية يمكن أن يأتي من خلال تكثيف تبادل الخبرات والزيارات في جميع المجالات، وتجديد هيكلة اتحاد وكالات الأنباء العربية، ووضع نظام له، أو تجديد آلية العمل فيه، سيسهم ـ دون شك ـ في تطوير العمل الإخباري والفني في وكالات الأنباء العالمية والعربية، وذلك من خلال الاجتماعات المشتركة التي ستفتح المجال لوكالات الأنباء العربية في تطوير خدماتها.