الشورى: تساؤلات حول إلغاء مشروع تحلية المياه في «العلا» واستبداله بحفر الآبار

انتقادات لبطء وزارة المياه في تنفيذ المشروعات الحيوية.. وتحذيرات من كارثة جفاف محتملة

TT

سيطرت التساؤلات والتحذيرات على جلسة مجلس الشورى السعودي أمس، خلال مناقشته للتقرير السنوي لوزارة المياه والكهرباء، حيث كشف أعضاء المجلس عن إخفاق برنامج إعادة هيكلة الكهرباء في تحسين الخدمات، وعن عدم كفاءة الوزارة في صرف الأموال المرصودة لمشروعاتها الخاصة بالمياه. وطبقا للتقرير الذي استعرضه «الشورى» أمس، فإن وزارة المياه والكهرباء لم تصرف 2.7 مليار ريال من الأموال التي خصصتها الدولة لتنفيذ مشروعاتها. ووضع أكثر من عضو علامات استفهام حول تباطؤ المسؤولين في الوزارة لصرف تلك الأموال، خصوصا أن هناك مدنا سعودية ترزح تحت وطأة عطش سنوي مستمر. واستمر أعضاء في «الشورى»، بتوجيه سلسلة من الانتقادات لأداء وزارة المياه والكهرباء، واستمرارية انقطاعات المياه في عدد من المدن. لكن العضو عبد الملك الخيال، قال موجها الكلام لزملائه الأعضاء «دعونا من الاتهامات المتبادلة. نريد أن نفكر بشكل جدي، نريد حلا جذريا لهذه المسألة. طريقة النقاش المتبعة لن تؤتي ثمارها». وهنا، تدخل الدكتور بندر الحجار، نائب رئيس «الشورى»، ورئيس الجلسة، للتوضيح بأن ما يجري من نقاشات وانتقادات هو في سياق عمل المجلس، وليس هناك ما يسمى بـ«اتهامات متبادلة». بدوره، قال الدكتور خليل البراهيم، عضو مجلس الشورى، إن وزارة المياه والكهرباء لا تزال تعاني من مشاكل كثيرة، منها: البطء في تنفيذ المشروعات الحيوية، خصوصا في استمرارية شح المياه المرصود في كل من مدينتي جدة وعسير. وأوضح البراهيم، أنه من وجهة نظره، فإن وزارة المياه والكهرباء، ليس لديها الكفاءة في صرف الأموال المرصودة لمشروعاتها، بدليل أنها صرفت ما يزيد على الـ4 مليارات ريال، مقابل 7 مليارات رصدت لها، حيث تبقى 2.7 مليار لم تستغل، على الرغم من الحاجة القائمة لمشروعات التحلية. ووقف العضو عبد الله نصيف، ليسرد وقائع زيارة وفد من محافظة العلا لوزير المياه والكهرباء، بعد أن تم سحب مشروع لتحلية المياه كان يفترض إقامته في تلك المنطقة. وقال نصيف «يبدو أن الوزير قد اقتنع بالدراسة التي ذهبت إلى أن العلا تقع على حوض مائي سميك، يكفي لأن يسقي العلا وخيبر لمدة 30 سنة مقبلة». وذكر أن وزير المياه حينما علم بأمر الحوض المائي السميك الذي تقع عليه العلا، اقترح استبدال مشروع التحلية بمشروع لحفر الآبار، لأنه أقل تكلفة. وقال نصيف «إن سكان محافظة العلا وقراها، يستنجدون بالله ثم بالمجلس الموقر لاتخاذ قرار يعزز ما توجهت إليه المؤسسة العامة لتحلية المياه في سقيا المحافظة والقرى الأخرى بالمياه المحلاة للحفاظ على الموارد الزراعية وصحة المواطن، والتوصية بعدم تعطيل الخطط من خلال إلغاء المشاريع». ونبه نصيف إلى أن حفر الآبار سيودي إلى استنزاف المياه السطحية والجوفية، مما سيؤدي إلى القضاء على النشاط الزراعي والرعوي، الذي عاشت عليه المنطقة منذ مئات السنين، وهو مصدر رزق لكثير من الناس. ولفت إلى أن إلغاء مشروع التحلية الذي كان سيحرم العديد من القرى ذات الكثافة السكنية العالية المنتشرة بين العلا والوجه من المياه العذبة، التي لا يمكن بأي حال تزويدها بالمياه الناتجة من الآبار البديلة. وكان «الشورى» قد استكمل مناقشة التقرير المتضمن خطط وزارة المياه والكهرباء والمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة وهيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج والشركة السعودية للكهرباء لـ4 سنوات، تنتهي بعد عامين. وأوضح أحمد اليحيى، الأمين العام المساعد لمجلس الشورى، أن المناقشات شملت أهمية وصول الخدمات المائية والكهربائية للمناطق غير المشمولة بالخدمة في مختلف أرجاء المملكة، وتعزيز القائم من الخدمات بالمشروعات الجديدة وتحديث البنى التحتية لمشروعات المياه والكهرباء بما يكفل توفير خدمات المياه والكهرباء طوال العام بأمان وموثوقية عالية. وفي موضوع متصل، حذر الدكتور محمد المطلق، عضو «الشورى»، من أزمة مياه كارثية ممكن أن تحل ببلاده في غضون الـ10 سنوات المقبلة، خصوصا في ظل الأرقام التي تتحدث عن أن 50 في المائة من المياه الجوفية في باطن الأرض غير قابلة للتجديد. وعارض المطلق توجه استزراع الأراضي، لما تشكله من عامل استنزاف للثروات المائية التي تبرز الحاجة إليها للأجيال القادمة، خصوصا ما إذا عرف بأن 90 في المائة من الاستخدام المائي يذهب للأغراض الزراعية. بدوره، وجه العضو صالح الحصيني، ملاحظات على تسجيل عجز في تغطية الكهرباء، لافتا إلى أن هذا العجز يدل على إخفاق برنامج إعادة هيكلة الكهرباء في تحسين الخدمات. وجاءت هذه الملاحظات التي تم تسجيلها بكثافة على أداء وزارة المياه والكهرباء، بعد ملاحظات أقل حدة تم تسجيلها على أداء وزارة العمل، طالت ملفات السعودة والاستقدام وتأنيث البيع في الملابس النسائية. وطالب الدكتور عبد الرحمن العطوي، عضو «الشورى»، بالتوسع في افتتاح مكاتب العمل النسائية، والخروج من الثالوث المتمثل بمناطق «الوسطى والشرقية والغربية»، التي تنحصر مكاتب توظيف النساء في مدنها، واستغرب هذا العدد المتواضع من المكاتب على الرغم من الاهتمام المتنامي الذي تبديه وزارة العمل تجاه عمل المرأة. وانتقد العطوي، مقابل ذلك، التراجع الواضح في اهتمام وزارة العمل بالنسبة لملف السعودة. وقال «مع بداية تولي وزير العمل، كانت الجهود واضحة في هذا الإطار (السعودة)، لكن الجهد الآن أقل، وهو ما يفسر ازدياد أعداد طالبي العمل». وسجل الدكتور عبد الرحمن السويلم، ملاحظة على وجود 800 وظيفة شاغرة في وزارة العمل، وهو ما يعادل 30 في المائة من حجم الوظائف الكلي البالغ عددها 3 آلاف. من جهته، تصدى الدكتور إسماعيل البشري، لتواضع الجهود التفتيشية في وزارة العمل، التي قال إنها أدت لتكون السعودية «أكبر معهد لتدريب العمالة الوافدة»، على حد تعبيره.