عادة أكل لحم وكبد الذئاب علاج متوارث لطرد الأرواح الشريرة في شمال السعودية

تهدده بالانقراض.. ومطالب بحمايته من عمليات الصيد

ذئبان تم قتلهما وتعليقهما لطرد الأرواح الشريرة في مناطق الشمال («الشرق الأوسط»)
TT

يتوارث سكان المناطق الشمالية في السعودية عادات قديمة متنوعة، تحمل معها معتقدات مختلفة، لا تزال عالقة في أذهان الأجيال الحالية، وإن كان قد اندثر منها الكثير، وتوقف عنها العديد من الأشخاص، إلا أن بعضها لا يزال يمارس وإن كانت خاطئة، كون البعض متعلقا بتلك المعتقدات. ومن العادات التي لا تزال ممارسة حتى اليوم في المناطق الشمالية عادة أكل لحم الذئاب، وذلك للاعتقاد الذي يصاحب تلك العادة بقصد العلاج من حالات «مس الجان» و«السحر» و«طرد الأرواح الشريرة»، بالإضافة إلى تقديم كبد الذئب لانتزاع الخوف من الكبار والصغار. وحسب ما ينقله عدد من سكان البادية والقرى في المناطق الشمالية، فإن لحم الذئب يقدم في حالات المس من الجان والسحر، في الوقت الذي يقوم عدد من الأشخاص بتربية صغار الذئاب، وبناء حظيرة لها أمام المنزل، على أن تكون أليفة لاعتقاد أنها تطرد الجان. ويبين ثويني عطا الشمري، أحد سكان البادية بصحراء النفود الكبرى لـ«الشرق الأوسط»، أن الرجل القوي الشجاع يلقب بالذئب، كون الذئب يعتبر من أقوى الحيوانات المفترسة، الذي يخافه الجان لنظراته الحادة، ورائحته النافذة. وأكد أن لحم الذئب يؤكل طازجا ويستخدم كعلاج فقط، الأمر المتعارف عليه عند الكثير من الأهالي، خاصة المصابين بمس الجان والسحر، في الوقت الذي يحرص البعض على اقتناء رأس الذئب أو ذيله بالمنزل، وللأسباب نفسها المتعلقة بطرد الجان والأرواح، وذلك لخوف الجان من عين الذئب ورائحته على حد تعبيره. وبحسب ثويني فإنه يجهز على الذئب بعد اصطياده، ويعمل على أخذ جلده وفروه وكبده ورأسه، بالإضافة إلى ذيله على شرط أن يتم أخذ تلك الأعضاء بعد قتل الذئب، واصفاً اصطياد الذئب بغير السهل، كونه يعد من الحيوانات الذكية، ويملك سرعة مذهلة، مما يجعل اللحاق به واصطياده أمرا صعباً جداً، لافتاً إلى أن الذئب يخشى النار، ورائحة البارود التي يشتمها من مسافة بعيدة. من جهته قال عبد الله الفريح، أحد سكان منطقة حائل، إن عادة أكل لحم الذئب وكبده منتشرة عند بعض الأهالي، مشيراً إلى أنه قام بأكله لمرة واحدة عندما كان صغيراً، حيث تم اصطياده، ومن ثم قامت والدته بإعداد وجبة من كبده تحضر للصغار كترياق ضد الجان والأرواح وطرد الخوف، وقد تناولته برفقة أشقائي وأحد أعمامي. وطالب الفريح بحماية الذئاب من خطر الانقراض بسبب الصيد الجائر، الذي تتعرض له الذئاب حاليا، والذي يجد بها ضعاف النفوس مكانا للتفاخر بوضع جثث الذئاب بمداخل الهجر وتجمعات البادية، مما يهددها بالانقراض ما يوجب التسريع بتطبيق قانون لحمايتها. وتعيش عدة أنواع من الذئاب في صحارى السعودية، منها الذئب العربي والرمادي، اللذان يعيشان ضمن مجموعات في صحارى السعودية، وتضم محميات الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها العدد الأكبر منها، على الرغم من تناقص أعدادها بسبب الصيد الجائر، وتعرض بعض البيئات الطبيعية لها للتدهور في شبه الجزيرة العربية. وتعد أهم مناطق الاستيطان للذئاب، في صحراء النفوذ الكبرى وحرة الحرة والحماد، والطبيق، التي يقطنها عدد كبير من البدو الرحل، الذين تعد تربية المواشي من مصادر الدخل لهم، ودائما ما يعيشون حالة خصام مع الذئاب بسبب الهجوم المتكرر على ماشيتهم، بالإضافة للقرى والهجر القريبة من الصحارى، وازدادت تلك الهجمات مؤخرا، بسبب ندرة الحيوانات البرية في الصحارى السعودية، وتسبب ذلك في تقلص إعدادها نتيجة لعملية الصيد لحماية قطعان الماشية.