جامعيون سعوديون يبتدعون مذاهب «أكاديمية».. لنقد الامتحانات

«تشكيكي» و«إبهاري» و«تقييمي».. شفرة طلابية خاصة

TT

يبدو أن عدوى التصنيفات الفكرية والفلسفية قد وصلت أخيراً لبعض طلبة الجامعات السعودية، بعد أن ابتدعوا «مذاهب اكاديمية» يتداولونها فيما بينهم لنقد الامتحانات، فبعض الأساتذة من وجهة نظرهم ذو مذهب «تشكيكي» لكونه يشكك الطالب بأن أسئلة الاختبار خاصة بمقرر آخر، والبعض ذو مذهب «ابهاري» لأنه يبهر الطالب بأسئلة لا تخطر على بال أحد، بينما آخرون ذوو مذهب «تحبيطي» بوضع أسئلة من معلومات تذكرها الأستاذ قبيل الاختبار النهائي. ويضاف لذلك المذهب «الرياضي» الذي يصفون به الأساتذة الذين يضعون أسئلة تفوق إجاباتها الوقت المحدد للاختبار فيبدأ الطالب بالركض بأقصى سرعة ممكنة لإجابة أكبر قدر من الأسئلة، وأخيراً المذهب «التقييمي» للأساتذة الذين يكتفون بالتقييم المباشر لاستيعاب الطالب دون اهتمام كبير بأوراق الاختبار، فيما يطغى الحس الفكاهي على هذه المصطلحات وهو ما يجعلها بمثابة الشفرة الخاصة بين الطلبة لتقييم أسلوب الأساتذة. ويقول الدكتور سمير الوتار، أستاذ بكلية العمارة والتخطيط في جامعة الملك سعود بالرياض، لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه المذاهب الأكاديمية التي ابتدعها الطلبة «تعكس في بعض الأحيان جزءا من الواقع»، مؤكداً أنها تصنيفات لم تأت من فراغ، وأضاف «عندما كنا طلاباً كنا من باب الدعابة نمارس أموراً مشابهة»، لكنه اعترف بصعوبة تقبل هذه المصطلحات بشكل مباشر. في حين يرى أستاذ جامعي آخر (فضل عدم ذكر اسمه)، أن تعبير الطلبة عن امتعاضهم من أسلوب الأستاذ وأسئلته وطريقة محاضراته مقبول شريطة أن لا يدخل ضمن التهكم والسخرية، متسائلاً «كيف تكون مذاهب أكاديمية وهي تخلو من الأسلوب الاكاديمي؟»، وتابع «التواصل بين الطلاب والأساتذة أصبح متاحاً عبر أكثر من وسيلة مباشرة ودون الحاجة للتلميح». وتربط نجوى فرج، اختصاصية اجتماعية في مستشفى قوى الأمن بالرياض، في حديثها لـ«الشرق الأوسط» بين إطلاق الطلبة للمصطلحات الفكاهية على أساتذتهم وبين كونهم يعيشون سن المراهقة بكل ما تتضمنه من انفعالات ورغبة بالتقليد وحب الظهور، موضحة أن نحو 90 بالمائة منهم يقوم بهذا الفعل بدافع التقليد، مما جعلها تؤكد على أهمية التوجيه الأسري والتواصل الايجابي بين الطلبة وأساتذتهم. وحول الشرارة الأولى لفكرة المذاهب الأكاديمية والمتمثلة بـ«الامتحانات»، عاد الوتار ليؤكد أن جامعته تعمل الآن على متابعة الامتحانات بدقة لحفظ حق الطالب وللحد من الاجتهادات غير الموفقة من قبل بعض الأساتذة، حسب وصفه، وأوضح أن هناك دورات تأهيلية حديثة تـُقدم للأساتذة حول كيفية إعداد الاختبارات. إلا أن أصحاب الشأن (الطلبة) يرون أن بعض الأساتذة «مزاجيين» في وضع الاختبارات والتقييم، كما توضح رنا الفارس، طالبة جامعية. وتضيف «معظم المصطلحات الفكاهية نطلقها للتنفيس أو لوصف الفروقات بين أستاذ وآخر»، وأوضحت أن السؤال عن أسلوب الأستاذ يحرص الكثير من الطلاب على توجيهه لزملائهم مع بداية كل فصل دراسي وتسجيل مواد جديدة بهدف المفاضلة بين أستاذ وآخر، مؤكدة أن بعض الطلبة يركز على إظهار الأمور الإيجابية لدى الأساتذة وهو ما جعلها تقول «لا تنظروا لنصف الكأس فقط». في حين تتجاوز طرق تصنيف الأساتذة دائرة المذاهب الأكاديمية لتجتاح المنتديات الطلابية الإلكترونية على شبكة الإنترنت، والتي تضمن تكتل طلاب كل جامعة أو كلية على حدة، خاصة بعد أن تحولت للمنبر الأول للجامعيين السعوديين مع ما تقدمه لهم من حرية واسعة للتعبير عن آرائهم وتقييم أساتذتهم بأسماء حقيقية أو مستعارة، ويدعم ذلك أن بعض هذه المنتديات يأتي بإشراف مباشر من منسوبي وأساتذة الجامعات الذين يحرص غالبيتهم على تتبع آراء الطلبة. ويعزز ذلك توجه بعض الجامعات السعودية أخيراً لسماع صوت طلابها وطالباتها عبر استمارة «تقييم الأساتذة» التي توضع عبر الموقع الإلكتروني الرسمي للجامعة آخر العام كي يقوم الطالب بتحديد مستوى كل أستاذ حسب التسلسل (ممتاز، جيد جيداً، جيد، مقبول، ضعيف)، بما يشمل تقييم طريقة التدريس وعرض المحاضرات ومستوى الاختبارات وتنوعها وكميتها، الأمر الذي يلقى تفاعلاً كبيراً من الطلبة لكونها استمارات سرية ولا تـُظهر اسماءهم.