هيئة حماية الحياة الفطرية لـ«الشرق الأوسط»: 30 جوالا يحرسون 1294 ظبيا في جزيرة فرسان

الأمير بندر بن سعود لـ«الشرق الأوسط»: تسجيل نحو 50 مخالفة خلال عامين

لوحة إرشادية تبين وجود منطقة عبور غزلان في أحد أحياء جازان («الشرق الأوسط»)
TT

أكدت الهيئة العامة الوطنية لحماية الحياة الفطرية لـ«الشرق الأوسط» أنها تفرض رقابة مشددة لحماية نحو 1294 ظبيا تعيش في جزيرة فرسان من عمليات الصيد الجائر والتهريب، مشيرة إلى أنه برغم كل تلك الرقابة فإنه جرى تسجيل 50 مخالفة خلال العامين الماضيين. ويأتي ذلك في وقت حذر فيه خبير في مجال الحفاظ على البيئة الطبيعية في جزيرة فرسان من خطورة التعامل مع الأحياء البرية في المنطقة والتي باتت تهدد بانقراض عدد من الحيوانات التي ظلت تتخذ من بيئة جزر فرسان موطنا لها. وطالب إبراهيم عبد الله مفتاح الأديب والمؤرخ السعودي بوقف الصيد الجائر للغزلان في جزر فرسان الذي قلل من عدد «غزلان الادمي» ويهددها بالانقراض مما يضيع على السعودية ثروة طبيعية ظلت في المنطقة على مر العصور. من جهته أشار الأمير بندر بن سعود بن محمد آل سعود الأمين العام للهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها إلى أن الإحصاءات أبانت أن عدد ظباء الادمي في جزيرة فرسان الكبير تقدر بنحو 1294 ظبياً. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن قوة مكونة من 30 جوالا يشكلون المراقبة الجوالة تعمل على الحفاظ على تلك الثروات مشيرا إلى أنهم موزعون على مركزين رئيسي وفرعي، مهمتهم القيام بدوريات يومية على مدار 24 ساعة لمراقبة المحمية ومنع حدوث مخالفات ومساندة الباحثين وإرشاد الزوار ومساعدتهم إذا احتاجوا لذلك. وأضاف الأمير بندر «على الرغم من الجهود المكثفة التي تبذلها الهيئة لحماية البيئات والأحياء الفطرية في المحمية، فإن هناك بعض التجاوزات التي تسجل بين فترة وأخرى تشمل صيد وتهريب ظبي الأدمي الفرساني، وبلغ عدد المخالفات التي سجلت خلال العامين الأخيرين نحو خمسين مخالفة، منها 15 مخالفة صيد ظباء الأدمي والباقي مخالفات أخرى لنظام المناطق المحمية للحياة الفطرية وقد تم تحويل المخالفين للجهات المختصة التي أصدرت العقوبات النظامية بحق المخالفين». موضحا أن العقوبات تتفاوت ما بين فرض غرامات مادية تراوحت بين 5 و10 آلاف ريال والسجن من أسبوع إلى شهر مع مصادرة جميع وسائل الصيد المستخدمة. وقال الأمير بندر «بفضل الله ثم جهود العاملين في المحمية ومؤازرة الجهات الحكومية الأخرى وتعاون المواطنين من أهالي فرسان سوف تبقى إن شاء الله ثروات فرسان الفطرية إلى الأبد وستساهم إن شاء الله في تنمية المنطقة باعتبارها من أهم مناطق التراث الفطري مما يجعلها من بين أولويات المناطق السياحة البيئية في المملكة». واعتبر أن محمية جزر فرسان من المحميات ذات الأهمية البيئية الكبيرة حيث تجمع بين البيئات البرية والبيئات البحرية بموقعها على الجزء الجنوبي الشرقي من البحر الأحمر مقابل ساحل جازان وتبعد حوالي 42 كيلو متراً عنها، وتضم مجموعة من الجزر تبلغ 84 جزيرة أكبرها جزيرة فرسان الكبرى. وأشار إلى تميزها بقوله «تتميز المحمية بوجود أشجار المانجروف «القرم والقندل» وأيضاً ظبي الأدمي الفرساني ومجموعة كبيرة من أنواع الطيور المائية والخواضة منها البلشونات والنوارس والبجع وأبو ملعقة وصقر الغروب والرخمة المصرية والعقاب النساري. وتعد الجزيرة استراحة هامة لعدد كبير من أنواع الطيور المهاجرة خلال موسم الهجرة، كما تنفرد المحمية بظاهرة هجرة أسماك الحريد «ببغاء البحر» التي تتكرر كل عام ويحتفل بها أهالي فرسان في مهرجان خاص. وأكد الأمير بندر على تميز المحمية بتنوع كبير في شعابها المرجانية والأسماك إلى جانب ما تحتويه من ثدييات بحرية تشمل الأطوم «عروس البحر» ومجموعة من الدلافين والحيتان كما تزخر مياهها بأنواع متعددة من أسماك القرش. وأشار الأمير بندر إلى الدور الذي تقوم به الهيئة في الحفاظ على الحيوانات والطيور المهاجرة وقال «ومن هذا المنطلق تولي الهيئة اهتماماً بالغاً بالمحمية حيث سخرت كافة الإمكانيات التي تساعد على المحافظة على ما تحتويه من ثروات فطرية تحافظ على تنوعها الأحيائي وتدعم السياحة البيئية فيها. ويعتبر ظبي الأدمي الفرساني أحد أهم الموروثات الفطرية للجزيرة حيث ينتشر بأعداد طيبة في فرسان الكبرى وجزيرة زفاف». ويعود المؤرخ إبراهيم عبد الله مفتاح بالقول بكثافة قطعان الغزلان في الجزيرة التي تتغذى على أعشاب «الخزامي» وأشجار «البشام»، وحتى عهد قريب كانت الغزلان تتراءى على مشارف البلدة بل ولكثرتها كان ينام بعض الغزلان في أطراف الأحياء السكنية ووسط أشجار النخيل في قرى «المحرق والقصار» وجزيرة السجيد «فرسان الصغرى». وقال إن مرحلة التدمير الحديثة بدأت من المصباح اليدوي وبندقية «الشوزن» والدراجات النارية ومرحلة السيارات، ورغم وجود فرق الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها فإن هذه الفرق لا تستطيع حماية كل ساحات فرسان وشعابها ولذلك استمر الصيد الجائر مما يهدد الغزلان بالانقراض. وأشار بقوله «بل انقرض بعض تلك الحيوانات في جزر قماح وجبل منظر وجزيرة السقيع، واقترحنا على الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها بأن تحصر بقية الغزلان، وتضعها في وادي مطر كونها بيئة صالحة لعيش الغزلان، ولكنها تريد ان تكون الغزلان في فرسان حرة طليقة كما كان في السابق، وهذا من وجهة نظري الخاصة يحتاج إلى مواطن لديه من الوعي ما يحافظ على هذه الثروة النادرة». وقال إن الفرسانيين الذين ألفوا الغزلان من زمن سحيق وفقا لاكتشافات أثرية تعود إلى 5500 سنة في الجزيرة، يعملون على توليف الغزال الوليد بإطعامه البن المحمص المطحون وهذا يكفل عدم هربه بسبب تعوده على تناول البن. الجدير بالذكر أن بعض المختصين يعتبرون أن الغزال الادمي يجب أن تصنف على أنها فصيلة مستقلّة بذاتها بعد أن طال عزلها عن البر الرئيسيّ منذ آلاف السنين، وتعتبر هذه السلالة مميزة عن باقي السلالات حيث إنها أصغر حجما وأقل جفلا من بقيّة الغزلان الأخرى.