الشورى: دعوات لتسريع إقرار هيئة وطنية مستقلة لأبحاث الطاقة النووية

رئيس ديوان المراقبة يعترف بتدني مستوى تحصيل القروض الخاصة بصناديق الإقراض التنموي

TT

دعا أعضاء في مجلس الشورى السعودي، أمس، إلى التسريع في إقرار هيئة وطنية مستقلة لأبحاث الطاقة النووية، التي نص على إنشائها «مشروع النظام الوطني للحماية من الإشعاعات المؤينة وأمان المصادر المشعة»، الذي لا يزال قيد الدراسة.

وجاءت هذه الدعوات على خلفية مناقشة مجلس الشورى، أمس، لتوصية قدمتها لجنة البحث العلمي إليه تنص على «تطوير مراكز مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، ومعاهدها المتخصصة في بعض المجالات الحيوية، كالطاقة النووية...».

وتباينت آراء أعضاء المجلس إزاء توصية اللجنة العلمية لدعم مراكز أبحاث الطاقة النووية، بين من أيدها وبقوة، وآخرين عارضوها، مطالبين بأن تكون الهيئة الوطنية المقترحة في النظام الوطني للحماية من الإشعاعات، هي المظلة الرسمية لهذه المعاهد والمراكز.

ونبه الدكتور محسن آل تميم، عضو مجلس الشورى، إلى أن نظام الحماية من الإشعاعات المؤينة، ينص على إنشاء هيئة وطنية للطاقة النووية، ما يعني ذلك أنه سوف «تسلخ الكوادر والتجهيزات وكل ما له علاقة بهذا النشاط من «العلوم والتقنية» إلى «الهيئة المقترحة»، وهو ما دفعه لمعارضة توصية لجنة البحث العلمي.

وطالب بدوره الدكتور صدقة فاضل، بالإسراع في إنشاء هيئة وطنية مستقلة للطاقة النووية. وقال «هناك 140 دولة قامت بهذه الخطوة، فلماذا لا تقوم بها المملكة؟. إقرارنا لهذه الهيئة لا يعني أننا نريد بناء سلاح نووي».

وشدد الدكتور مازن بليله، عضو المجلس، على أهمية التوجه للاستخدامات السلمية للطاقة النووية. وانتقد تحكم الدول الغربية الكبرى بالدول النامية في تزويدها بالطاقة النووية، والتي قال إنها تضع تابوها كبيرا على هذه التقنية، وترغم الدول الصغيرة على أن تستفيد من خدماتها.

لكن الدكتور محمد الشريف، رأى أن «الطاقة النووية» جديدة جدا على بلاده، ولم تحظ في المسيرة التعليمية بأي شيء يذكر، سوى بعض النظريات البسيطة لدى قلة من العلماء والطلبة، مضيفا «استخدامنا للطاقة النووية، يعني ضرورة أن يكون لدينا مفاعلات، وهذا الأمر لن يتأتى إلا بوجود هيئة إشرافية تكون مرتبطة بجهة دولية. من المبكر الحديث عن هذا الأمر».

يذكر أن مشروع النظام الوطني للحماية من الإشعاعات المؤينة وأمان المصادر المشعة، المعروض حاليا على مجلس الشورى، يقترح إنشاء هيئة سعودية للطاقة الذرية، لتكون جهة الاتصال مع الوكالة الدولية للطاقة النووية. وخصص من أبرز مهامها «ضبط أداء المنشآت الصناعية المنتجة والمستخدمة للطاقة النووية»، و«وضع المعايير والضوابط التي تحكم مواقع تلك المنشآت وتصاميمها وممارستها»، وكذلك «التعامل مع النفايات المشعة والتصدي لحوادثها الإشعاعية»، بالإضافة إلى دورها في «التعامل مع مصادر الإشعاع الطبيعية».

ويهدف مشروع نظام الحماية من الإشعاعات، المكون من 39 مادة، إلى «تنظيم ورقابة استخدام المصادر المشعة، وحماية الإنسان والبيئة من مخاطر الإشعاعات المؤينة، ووضع الضوابط التي تكفل أمن وأمان الأنشطة المتعلقة بها وباستيرادها وتداولها وتخزينها وتصديرها، بما يتوافق مع الأنظمة المحلية والمعايير الدولية».

إلى ذلك، كان لافتا محاولة أسامة جعفر فقيه، رئيس ديوان المراقبة العامة، التعامل بدبلوماسية تارة، وبوضوح تارة أخرى، مع أسئلة أعضاء مجلس الشورى، الذين تقدم بعضهم بطلب لاستدعائه بعد تساؤلات أبدوها خلال مناقشة تقرير الديوان، حول مصير 109 مليارات ريال اعتبرت في عداد «هدر المال العام».

غير أن أكثر ما شد الأعضاء تجاه فقيه، إبداؤه أهمية تجاه تقارير الديوان التي ستذهب للمناقشة تحت القبة. وأشار إلى أنه «يضحي بإجازة عيد الأضحى ليكمل التقارير التي تصل لمجلس الشورى، ويقرأها صفحة، صفحة»، بحسب قوله.

واعترف رئيس ديوان المراقبة العامة في جلسة النقاش التي عقدها مجلس الشورى، أمس (الأحد)، وانتهت بعد ساعة ونصف الساعة فقط، بتدني مستوى تحصيل القروض الخاصة بصناديق الإقراض التنموي، وهو ما أدى إلى تراكم طلبات الإقراض وتذمر المواطنين المستحقين لتلك القروض من فترة الانتظار.

وأكد رئيس ديوان المراقبة العامة أن الديوان يضاعف جهوده في هذه المرحلة لإعادة أموال القروض المستحقة للسداد لصناديق الإقراض الحكومية، والتي تبلغ قرابة 44 مليار ريال. وطالب بأن تقوم صناديق الإقراض بوضع آليات مناسبة لتحصيل مستحقاتها من القروض.

وأثار أعضاء في الشورى تساؤلات حول تأخر تحديث نظام ديوان المراقبة العامة لأكثر من 12 عاما. وأكد فقيه أن الديوان انتهى من دراسة النظام الجديد ورفعه للجهات العليا للبت فيه. وأعطى لمحة عن النظام الجديد قائلا «إنه يحقق الاستقلالية، وسبل توفير المتطلبات المادية والبشرية لحماية المال العام».

من جهته، أوضح حسن الشهري، رئيس اللجنة المالية في الشورى، للصحافيين عقب الجلسة، أن «ديوان المراقبة العامة يعاني من المخالفات المالية والنظامية الصادرة من الجهات الحكومية ويسعى لاستردادها، خصوصا أن صناديق الإقراض ما زالت عاجزة عن رد مبالغ ضخمة مستحقة من تلك الجهات».

وأكد فقيه أن اكتشاف الأخطاء والتجاوزات في الجهات الحكومية يعالج عن طريق المادة 16 من نظام ديوان المراقبة العامة، بالطلب من الجهة المعنية، إجراء التحقيق اللازم، مضيفا أن «الديوان ليس لديه حلول قسرية وتنفيذية، لكنه يكشف الأخطاء ويشخص الحالة ويدل الجهات على العلاج».

ولفت النظر إلى المرونة التي يبديها ديوان المراقبة العامة تجاه الأخطاء المالية التي تكتشف لدى أجهزة الدولة. وقال «إن الديوان يمنح فرصة للجهة لعرض وجهة نظرها، ويعذر الكثير من الجهات بالنظر لطبيعة عملها ومتطلباته، لكن نطالب بالالتزام بالأنظمة ونتابع ذلك».

ومقابل إشادة أسامة جعفر فقيه، بعدد من الجهات الحكومية التي عملت على مكننة العمل المقدم لديوان المراقبة العامة على أقراص ممغنطة، أفصح عن معاناة الديوان من اجتهاد بعض الجهات في تأويل الأنظمة.

وطبقا لفقيه، فإن «الديوان بصدد الانتهاء، ومن ثم تقييم خطة استراتيجية، هي الأولى من نوعها في تاريخه، طبقت من العام 2005 وتنتهي مع نهاية 2009 الجاري، أخذت في الاعتبار التطورات المتلاحقة في حقول المحاسبة والرقابة المالية ورقابة الأداء وتجارب الدول والهيئات المهنية والدولية والإقليمية ومتطلبات العمل في الديوان».

ونبه إلى أن موضوع المناقلات بين أبواب الميزانية العامة للدولة، يتابع بجدية من قبل الديوان، وذلك لآثارها على مسيرة التنمية، ولفت إلى أن الخلل الحاصل في تضخم أرصدة العهد تحت التحصيل، وزيادة رصيد الأمانات الموجودة لدى الدولة ومستحقة للمواطنين والشركات، جار العمل على إصلاحه.