المساحة الجيولوجية ترصد شقوقا أرضية بعد هزات بقوة 5.39 درجة

الأمن لـ«الشرق الأوسط»: موجودون لحماية أموال السكان.. وخطة لإخلائهم عند الضرورة

إحدى الحرات الواقعة في منطقة المدينة المنورة (خاص بـ «الشرق الأوسط»)
TT

ارتفعت أمس درجة الزلازل التي ضربت العيص وما حولها إلى 5.39 درجة على مقياس ريختر، وسط تأكيدات من هيئة المساحة الجيولوجية أن رحلاتها الجوية التي نفذتها على حرة الشاقة والمناطق المجاورة لها رصدت شقوقا أرضية في مناطق النشاط الزلزالي.

وأوضحت هيئة المساحة الجيولوجية السعودية في تصريح صحافي «أن الرحلات الجوية التي قامت بها على حرة الشاقة والمناطق المجاورة لها كشفت عن وجود ما وصفتها بـ(الشقوق الأرضية) بمنطقة النشاط الزلزالي، لافتة الانتباه إلى ارتفاع عدد الهزات الأرضية لتصل إلى 46 هزة أرضية يوم أمس بلغت أقواها على الإطلاق الهزة التي ضربت المنطقة مساء أمس بقوة 5.39 درجة على مقياس ريختر، فيما تراوحت بقية الهزات بين 3 و4.8 درجة».

وبينت الهيئة «أن الهزة الأرضية التي بلغت قوتها 4.81 درجة على مقياس ريختر كانت على عمق 7.7 كيلومتر، ووقعت عند الساعة 9:38 من صباح أول من أمس، وشعر بها الأهالي في كل من (العيص) و(القراصة) و(الهدمة) و(العميد) و(نويبعة) و(الرويضات) و(الفرع) و(السهلة) و(المرامية) و(المشاش) و(وادي سنان) و(الصحفة)، وامتد الشعور بالهزة الأرضية إلى مدينتي أملج وينبع والأحياء الشمالية من المدينة المنورة، مؤكدة أن المتغيرات المصاحبة لهذا النشاط تتمثل في الارتفاع بدرجات الحرارة وتركز غاز الرادون في بعض المناطق حول حرة الشاقة».

وفي الوقت الذي يتزايد فيه في منطقة العيص النشاط البركاني تم إخلاء جميع السكانها ونقلهم إلى مدن ومناطق محيطة لإبعادهم عن آثار هذا النشاط الزلزالية، لكن اللافت أن المنطقة لم تخل تماماً من السكان والمارة، ففي شوارع وطرقات القرى الصغيرة التي تم إخلاؤها بالكامل يتمركز المئات من جنود الأمن الذين فرض عليهم واجبهم الوطني والعملي الوجود بمنطقة الخطر.

وهنا يقول العقيد زهير سبيه، مدير إدارة الدفاع المدني بينبع، ورئيس القوة المكلفة في العيص لـ«الشرق الأوسط»، إن قرار إخلاء السكان تم اتخاذه بعد رصد هزة بقوة 5.39 درجة، وعليه وبناءً على المباحثات مع هيئة المساحة الجيولوجية وحرصاً على سلامة السكان تم إخلاء السكان بالكامل لضمان سلامتهم.

وقال سبيه «العيص مدينة صغيرة وكان معظم السكان قد أخلوها طواعية منذ بدء النشاط الزلزالي، وقد تم إخلاء السكان لينبع وينبع البحر والمدينة المنورة، وتم إسكان ما يقارب 1000 أسرة بالمدينة المنورة يبلغ عدد أفرادها أكثر من 10 آلاف نسمة، وتم إسكان 326 أسرة بينبع، وثمانية أسر بالعلا»، مشيراً إلى أن إقامة السكان بالمناطق التي أخلوا إليها ستطول إلى حين التأكد تماماً من سلامة المنطقة وهدوئها بما يضمن سلامة السكان.

ولفت سبيه إلى أن الجهات الأمنية بما فيها الدوريات والشرط موجودة بصورة مكثفة وتقوم بحراسة على كافة المنازل في القرى والمناطق التي تم إخلاؤها للتأكد من سلامتها، وعدم تعرضها للسرقة، وقال «نحن مجندون ونحن خدام لأبناء هذا الوطن ولن نعتبر أي أمر نقوم به كثيراً عليهم، حتى لو كان الوجود في منطقة الخطر».

وأشار سبيه إلى أن هناك خطة لدى كل الجهات الأمنية لإخلاء منسوبيها ونقلهم بسرعة إلى أي منطقة آمنة وجميع أجهزة أمن الدولة مجندة لهذا الغرض، بما فيها قاعدة الطيران بالدفاع المدني، والخدمات الطبية متوفرة وهناك مستشفى ميداني سيتم إنشاؤه في منطقة الإيواء المؤقت القريبة وآخر تم الانتهاء منه في منطقة ينبع النخل القريبة، وتوجد 29 فرقة أسعاف من الهلال الأحمر السعودي متفرغة لمنطقة العيص وحدها.

والعقيد زهير سبيه، الذي يقول إن أكثر ما يثير ارتياحه وبقية زملائه العاملين في القطاعات الأمنية الأخرى في المنطقة معرفتهم بأن السكان والمواطنين باتوا آمنين، يرأس قوة كبيرة من الضباط والأفراد تتجاوز الـ150 شخصا، إلى جانب قوة من 300 فرد جاهزة للطوارئ في المدينة وأخرى في ينبع.

ويضيف سبيه بأنه يعمل مع مرؤوسيه كزملاء وأخوة، وأن حرصه على سلامتهم أصبح بعد نقل السكان هو الهاجس لديه وعليه فقد أخلى معظم القوة إلى منطقة الفقعلي ووفر لها الحماية، وقال «هناك أشخاص يتطلب عملهم بقاءهم في منطقة العيص نطمئن عليهم باستمرار ونرجو الله أن يحميهم ونحن ننسق مع الجهات الأمنية بشكل سريع جداً في حال الطوارئ»، كما أشار إلى أن الأمر نفسه في التعامل مع الضباط والعاملين في منطقة الخطر ينطبق على بقية القطاعات العاملة هناك.

وإذا كان العاملون في المنطقة من رجال الأمن يقضون أيامهم ببسالة في منطقة الخطر الذي لم يعهدوا التعامل مع مثله مدفوعين بواجبهم الوطني فإن عوائلهم تشعر بالقلق الشديد الأمر الذي يدفعهم إلى تكثيف الاتصالات للاطمئنان، وهو ما لا يستطيع كل رجال الأمن العاملين في المنطقة من تلبيته نظراً لانشغالهم، وبحسب سبيه فإن البعض يضطر إلى التحدث مع أسرته كل ثلاثة أيام أو مرة أسبوعياً بسبب إنشغاله.

من جانب آخر وحول التأثيرات النفسية والاجتماعية التي قد تنتج عن عملية الإخلاء غير المسبوقة أكد سبيه أنه تم التنسيق مع إدارتي تعليم البنين والبنات وأعدوا خطة لاستقبال جميع الطلبة والطالبات في المدن التي انتقلوا إليها وسيتابعون تلقي تعليمهم في مدارس بديلة في أقرب مدرسة في المنطقة التي تم إسكانهم فيها.

ولفت إلى أن عملية الإخلاء كانت سلسة جداً وتمت بوقت قياسي وبهدوء، وكان رب الأسرة يحضر ويتم إعطاؤه خطابا يضمن توفير كافة الخدمات له ولأسرته، وتمت متابعتهم إلى حين إسكانهم، وعلى الرغم من أن الهزات كانت محسوسة في العيص وينبع والأطراف الشمالية من المدينة ومواقع عدة، لكن لم تكن هناك سحب دخانية أو أبخرة أو غازات، والوضع مراقب تماما من قبل هيئة المساحة الجيولوجية من خلال طائراتهم. الى ذلك أوضح أحمد البريكيت، رئيس مركز العيص، أنه منذ بداية الإبلاغ عن وقوع الهزات الأرضية في مركز العيص والمراكز والهجر المجاورة لها تم التفاعل باهتمام بالغ، حيث تم إبلاغ الجهات المعنية وإمارة المنطقة، فكانت هناك استجابة من قبل القطاعات الحكومية.

ولفت النظر إلى اهتمام ومتابعة أمير منطقة المدينة المنورة بالمواطنين في المنطقة وتوجيهاته المستمرة والدائمة بتقديم جميع الخدمات وتذليل الصعوبات وتسهيل كافة الأمور التي تساعد على راحتهم وشعورهم بالأمن والأمان. منوها بدور فرع وزارة الشؤون الإسلامية بالمنطقة وتفاعله الإيجابي مع الحدث والمتمثل في الندوات والمحاضرات التوجيهية التي ألقيت للمواطنين والمقيمين بالمنطقة.

وأكد رئيس مركز العيص على أنه لم تكن هناك أي خسائر بشرية أو مادية ولله الحمد، مشيرا إلى إجلاء المواطنين في العيص وفي ثلاث هجر هي الهدمة والقراصة والعميد لقربها من منطقة الحدث حرصا على سلامتهم.

الى ذلك أوضح الدكتور معلا الجابري، مدير فرع هيئة الهلال الأحمر السعودي بمنطقة المدينة المنورة، أنه تم دعم مركز العيص بـ30 فرقة وأخرى لمحافظة أملج»، مبينا «أن الدعم لمنطقة العيص تمثل في غرفة عمليات متنقلة مرتبطة بالأقمار الصناعية متواصلة مباشرة مع غرفة العمليات المركزية بالرياض، وعمليات المدينة المنورة مزودة بالاتصالات اللاسلكية والانترنت وبث نقل حي ومباشر صوتا وصورة متواصلة على مدار 24 ساعة عن طريق الأقمار الصناعية».

وأشار إلى أنه حتى الآن لم يردنا أي حالة بلاغ اسعافية نتيجة الهزات المتواصلة، بيد أنه أكد استعداد الفرق الإسعافية للقيام بواجبها في حال وقوع أي مكروه لا سمح الله.

وفي السياق ذاته أوضح المقدم فهاد بن عايش العتيبي، مدير شرطة مركز العيص المكلف، أن شرطة منطقة المدينة المنورة في كامل جاهزيتها لمساندة الدفاع المدني في عملية الإخلاء وتسهيل حركة المواطنين من الهجر التي تم إخلاؤها كما تم دعم المركز بعدد كبير من الأفراد بلغ 200 فرد، وكذلك الآليات المساندة والمتابعة الأمنية، خاصة في الهجر التي أخليت ومركز العيص لحماية ممتلكات المواطنين والمقيمين.

في حين أوضح المهندس مساعد السراني، قائد فريق الصيانة والطوارئ من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بالمدينة، طبيعة مشاركة المؤسسة ممثلة في فرعها بالمدينة المنورة، مبينا أنها تتمثل في تقديم الخدمات الفنية للجهات المشاركة في المنطقة والمواطنين المتضررين في حال دعت الحاجة لذلك بمشاركة الفريق المكون من 7 مهندسين إضافة إلى متدربين من طلبة الكلية التقنية بالمدينة المنورة، مشيرا إلى الأجهزة الفنية المتوفرة من ميكانيكا سيارات وميكانيكا تبريد وتكييف وتمديدات كهربائية وصحية إضافة إلى إقامة معسكر كشفي في حال طلب الجهات الحكومية للمساهمة في نشر الوعي للمواطنين في عملية الفرز والإيواء والإخلاء.

في حين اكد الدكتور محمد إمام، رئيس جمعية أطباء طيبة الخيرية بالمدينة المنورة «أن الجمعية في جاهزية كاملة لتقديم الخدمات الطبية وتوفير عيادة طبية متنقلة للمتضررين من جراء الهزات الأرضية التي اجتاحت العيص والهجر التابعة لها مؤخرا، مبينا أن العيادة مجهزة بأحدث التجهيزات الطبية وهي عيادة طبية متنقلة للمشاركة مع الجهات ذات العلاقة لتقديم واجب الإغاثة للمتضررين من هزات الزلازل بالعيص».

وفي سياق آخر، تقوم مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية حالياً بالتعاون مع الجهات المختصة بمتابعة النشاطات الزلزالية في حرة الشاقة «لونير» عن كثب، حيث أرسلت المدينة عدداً من المراصد المتحركة بالإضافة إلى عدد من الباحثين الميدانيين للعمل على تلك المراصد ومتابعة الإحداث بالمنطقة على مدار الساعة، حيث فاقت قوة الزلزال الليلة الماضية الخمس درجات ونصف درجة على مقياس ريختر المفتوح. وتقدم المدينة، بحسب بيان رسمي لها، كل الدعم المطلوب للجهات المختصة بالرصد والتبليغ وتخفيف المخاطر، ومن خلال الرصد الحالي للهزات في حرة الشاقة «لونير» فإن هذا النشاط اتسم بزيادة في عدد الهزات وشدتها، لكن أعماق الزلازل وصفات الموجات المرصودة تدلان على أن عمق الهزات يزيد حالياً عن 2 كم ويصل إلى 8 كيلومترات تحت سطح الأرض. ولله الحمد فإن القرى المحيطة بحرة الشاقة «لونير» تعد بعيدة عن الصهير البركاني الموجود في المنطقة في حال خروجه، لا قدر الله، وليست مبنية على سفوح طينية قد تتأثر مع الهزات. وبينت أن ما يحدث الآن في الحرة ناتج عن أسباب طبيعية فهي تحدث بسبب حركة الصهير تحت الأرض والنشاطات البركانية، حيث إن الحرارة والضغط قد يؤثران على الصهير ويحركانه إلى مناطق ذات ضغط أقل بسطح الأرض من خلال الضعف الموجود بالقشرة الأرضية التي تعلوه، حيث يؤدي ذلك في أغلب الأحيان إلى هزات أرضية تتراوح بين المؤثرة والمحسوسة وغير المحسوسة، وعادة على شكل سرب زلزالية «مئات الهزات» يمكن تسجيلها بواسطة محطات الرصد الزلزالي، قد تستمر وتزيد قوتها إلى أن يظهر الصهير على سطح الأرض، بعد ذلك تخف حدتها أو يتوقف الصهير بسبب صلابة الطبقات العليا مثلاً ومن ثم يخمد النشاط إلى حين آخر.