الرياض.. أزمة مياه خانقة مع لهيب شمس حارقة

متضررون يتهمون شركة المياه.. والشركة ترد: رقابتنا تمنع ظهور سوق سوداء وتوسعة المحطات ستغذي العاصمة وجدة

TT

في الوقت الذي استبشر فيه سكان السعودية ببدء شركة المياه الوطنية مهامها من خلال تقديم خدمات مميزة للسكان وتلبية احتياجاتهم من شريان الحياة، انطلاقاً من أن الشركة ستتولى تقديم خدمات استخراج المياه وانتاجها وتنقيتها ومعالجتها وتوزيعها فوجئ سكان بأنهم ومنذ أشهر أمام ازمة مياه خانقة اعادت من جديد المعاناة من نقص المياه كما حدث قبل سنتين. وازدادت المعاناة بعد أن بلغت الأزمة ذروتها مع حلول فصل الصيف وفي ظل درجة حرارة قد تلامس الخمسين درجة مئوية حيث يتضاعف الطلب على المياه خلال الفصل الذي يستمر لأشهر طويلة بما فيها موسم رمضان الذي يدخل هذا العام والأعوام المقبلة خلال موسم الصيف.

ومع اسناد اعمال إدارة وتشغيل وصيانة قطاع المياه والصرف الصحي في كل من مدينة الرياض ومحافظة جدة تمهيداً لتعميمها على المدن الاخرى لشركة المياه الوطنية واجهت المدينتان ازمة مياه حادة.

وجاءت ازمة المياه في المدينتين اللتين تعدان الأكبر في السعودية من حيث السكان والمساحة خلال المرحلة الانتقالية التي تقوم بها الشركة الوطنية للمياه بنقل مهام إدارة وتشغيل قطاع المياه والصرف الصحي من مديريتي المياه في الرياض وجدة للشركة، مما يعني أن الأزمة ليست في شح المياه بل في إدارة توزيعها.

وقد اجمع مواطنون التقتهم «الشرق الأوسط» في مراكز توزيع المياه التي تشرف عليها الشركة على انهم لم يواجهوا مثل هذه الازمة في شح المياه وان حصولهم على صهاريج مياه مدفوعة الثمن قد يستغرق وقتاً طويلاً قد يتجاوز اليوم الواحد.

من جانبه استهجن سليمان الخالدي احد سكان حي الملك فهد بالرياض تحذيرات رئيس شركة المياه الوطنية للسكان من شراء مياه ملوثة تحملها صهاريج زرقاء تباع على انها مرخصة وان مياهها صالحة للشرب والاستهلاك الادمي، متسائلاً: هل يفترض ان يقوم المواطن أو المقيم بتوفير مختبر لقياس المياه المباعة عبر الصهاريج للتأكد من صلاحيتها أم ان هذه مسؤولية الشركة التي يبلغ رأس مالها 22 مليار ريال وستطرح أسهمها للاكتتاب العام.

ورفض المواطن علي السهلي ما ذهب اليه رئيس الشركة من نجاح الشركة في تفعيل خدمة الصهاريج مدفوعة الثمن من خلال الهاتف المجاني والتي تم طرحها للمرة الاولى ليتم ايصال الصهريج لموقع العميل وتحصيل قيمة الخدمة المتمثلة في كمية المياه المعبأة في الصهريج. وقال السهلي في هذا الصدد إن هذه الخدمة لم تفعل، مشيراً الى انه مر بتجربة مريرة الاسبوع الماضي عندما طلب صهريج مياه من خلال هذه الخدمة ولم يصل الصهريج الى منزله.

وشهد بعض اشياب المياه واماكن تجمعات الصهاريج مشادات كلامية بين طالبي الخدمة ومتعهديها لعدم تنفيذ الأخيرين للطلبات وتأخر وصولها ولارتفاع قيمة الصهاريج المباعة. وطالب عدد من المواطنين والمقيمين بتدخل عاجل من الجهات المختصة لوضع حد لمشكلة ندرة المياه في الرياض.

غير أن المهندس لؤي المسلم الرئيس التنفيذي لشركة المياه الوطنية، له رؤية مُختلفة بحكم قربه مما أسماه «رقابةً تنفذها الشركة على المتعهدين»، والتي تُنتج وفقاً للمسلم، عدم وجود أسواق سوداء للمياه.

المسلم ليقطع دابر تلك الشكوك المتعلقة بالأسواق السوداء، أفصح عن تنسيق يجري مع جهات مختصة، لسن ضوابط وقوانين، تعمل وفقها تلك الصهاريج، والتي ستندرج تحت أجنحة جهة رسمية محددة، تكفل جودة المياه المنقولة، وتعمل على محاسبة المقصّر.

حجم الطلب على المياه، قاد هذا العام لإجراء توسعة في محطة تنقية «صلبوخ» المُغذية للعاصمة الرياض، والتي ستوفر قرابة 50 ألف متر مكعّب من المياه، وتخدم أحياء شمال الرياض، إضافة لتوسعة محطة تنقية المياه «البويب» والتي ستبدأ بالإنتاج خلال الشهر الجاري، بطاقة تصل إلى 50 ألف متر مكعب، لتؤمن دعم أحياء شرق الرياض بالمياه، وهو ما يعود بتقليص اعتماد تلك الأحياء على المصادر الحالية، وإعادة توجيهها إلى بقية أحياء المدينة، وذلك ضمن مشاريع نفذتها الشركة الوطنية للمياه.

وكشف المهندس المسلم عن فراغ الشركة، من تنفيذ مشروع خط المياه الرئيسي، الذي ينقل المياه من أطراف في شمال العاصمة إلى غربها، وهو الخط الذي يُعدُ الأكبر في السنوات الأخيرة.

ويبلغ طول الخط 25 كيلو مترا طوليا، بقطرٍ يبلغ 1500 ملم، بكلفةٍ زادت عن 80 مليون ريال، فيما أعطت المؤسسة العامة لتحلية المياه، وعوداً بتأمين زيادة في كميات المياه المؤمنة للعاصمة، بكمية تفوق 100 ألف متر مكعب يومياً.

ولم يُخفِ المهندس المسلم، الهاجس الذي تُشكّله أزمات المياه في جدة، وهي التي تعتبر وجهةً سياحية في البلاد، في حين تعمل الشركة على تحسين أوضاع شبكة مياه المدينة، ورفع كفاءتها بشكل عام.

وتؤمن المياه لجدة عدة محطات، من بينها محطة الشعيبة 3 والتي بدأت الشهر الماضي بضخ كميات تصل إلى 200 ألف متر مكعب يومياً، بالإضافة إلى كميات المياه الواردة من محطات تحلية المياه بالساحل الغربي التابعة للمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، والتي تصل إلى 800 ألف متر مكعب يومياً.

وقال المسلم «الشركة تعمل على توزيع كميات المياه الواردة من محطة الشعيبة 3 على الأحياء، التي خُصصت لها فترات ضخ متباعدة، وهو ما أدى إلى تقليص فترات ضخ المياه على الأحياء، إلى أقل مما كانت عليه خلال الفترة السابقة».

وأضاف «فبرنامج التوزيع الجديد، وبعد الكميات الإضافية والتحسينات التي تمت في الشبكة، أدى إلى تخفيض دورات فترات الضخ لأحياء شرق الخط السريع من 15 يوما إلى 10 أيام، وأحياء جنوب جدة من 20 يوما إلى 12 يوما، وأحياء منطقة جنوب شرق جدة من 30 يوما إلى 18 يوما، وأحياء شمال جدة من 13 يوما إلى 10 أيام، كما سيتم تقليص هذه الفترات، عند اكتمال ورود الطاقة الإنتاجية لمحطة الشعيبة 3 نهاية العام الجاري».

وكشف المسلم عن أعمال تجريها الشركة، تهدف لاستبدال خطوط الشبكة والتوصيلات والعدادات والمحابس والمضخات القديمة، للكشف عن التسربات، باستخدام تقنية «غاز الهليوم» والمطبقة لأول مرة على مستوى الشرق الأوسط، والتي أثبتت نجاحها وجدارتها في الكشف على التسربات والانكسارات الظاهرة وغير الظاهرة التي تطرأ بالشبكة، في وقتٍ تعمل في جدة، قرابة 200 ناقلة مياه، في توزيع المياه على أحياء جدة.

وأضاف «نعمل على تنفيذ خطوط تدعيمية جديدة في المناطق التي تعاني من نقص المياه، ونسعى لتفعيل دور الصيانة وفرق التشغيل والطوارئ وزيادة كميات المياه الموزعة للمناطق، مع تقليص الفترات الزمنية الفاصلة بين نوبات التغذية، إضافةً إلى العمل على زيادة الضخ من حقل آبار وادي خليص، الذي شهد تحسنا في منسوب المياه، بعد هطول الأمطار خلال موسم الأمطار الماضي، مع محاولة تثبيت تجربة الضخ المستمر لبعض المناطق».