شح المياه يدفع سكان قرى حائل للهجرة وانقطاعها في عرعر يؤجل غسيل موتى

الجوف الغنية بالماء ترزح تحت وطأة العطش

TT

تسبب شح المياه في منطقة حائل الواقعة بمنطقة الدرع العربي، وانقطاعها في عرعر، بهجرة سكان قرى الأولى، وتأجيل غسيل الموتى في الثانية، في الوقت الذي ترزح مدينة سكاكا بمنطقة الجوف والتي سميت بهذا الاسم كونها الأغنى بالمياه الجوفية، تحت وطأة عطش تزداد حدته مع دخول فصل الصيف، نتيجة تعطل أحد خطوط الشبكة الرئيسية التي تغذيها.

وازداد الطلب بمنطقة حائل (شمال السعودية) على الماء باكرا وبكميات أكثر. ووصل سعر صهريج الماء لـ400 ريال في السوق السوداء التي عادة ما توفر الماء لأهالي القرى الجنوبية.

وتقع حائل بمنطقة الدرع العربي، والتي تشتهر بكميات المياه القليلة والسطحية وخصوصا الأجزاء الغربية والجنوبية منها وأجزاء من الشرقية، وتشير التوقعات إلى أنها ستتعرض لموسم جاف بسبب ندرة الأمطار الموسمية لهذه السنة والتي سقطت بكميات أقل من المعدل السنوي بالرغم من محاولات الاستمطار التي قامت بها الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة, مما ينذر بصيف ساخن هذه السنة يشتد به طلب المياه.ويقول عضو المجلس البلدي بحائل هتاش الهمزاني إن بعض الهجر والقرى هجرها سكانها بسبب نقص وشح المياه وخصوصا القرى الواقعة في الدرع العربي وإنهم لا يحصلون على حصص كافية من الماء.

وقال الهمزاني إن هناك قرى أغلقت فيها مدارس نتيجة نزوح الأهالي عن هذه القرى لمدينة حائل والأرياف ومن هذه القرى قرية «قليب ذياب»، الواقعة جنوبي حائل والتي تم اغلاق إحدى المدارس بها بسبب تدني نسبة عدد الطلاب دون العدد المطلوب، وأصبح العيش بهذه القرى ـ بحسب الهمزاني ـ للمقتدر ماليا الذي يستطيع تأمين الماء بسعر مرتفع. أما المزروعات التي كان يعيش عليها الأهالي فقد ماتت وتحولت المزارع لأراض قاحلة لا تضم سوى الأخشاب من بقايا أشجار النخيل. وطالب عضو المجلس البلدي بحائل بدعم المقاولين المنفذين لمشاريع المياه بالمنطقة لسرعة الانجاز. من جهته قال لـ«الشرق الأوسط» المهندس سليمان العميم مدير عام فرع المياه بمنطقة حائل إن مشكلة نقص المياه بالمنطقة ستنتهي بعد تشغيل مشروع مياه منطقة حائل الشامل الذي سيجلب لها الماء من حقل آبار الشقيق الواقع على مسافة 100 كيلو متر شمال شرق حائل، وإن المشروع سيحل إشكالية نقص المياه بالمنطقة، فهو يهدف إلى إمداد حوالي 54 مركزا بالمنطقة و600 قرية بما في ذلك مدينة حائل بمياه الشرب بتكلفة إجمالية تبلغ مليار و800 مليون ريال.

وأوضح العميم أن المشروع قد صمم ليتكون من نظامين ناقلين للمياه إلى موقعي التجميع، ثم توزع المياه إلى باقي محافظات ومدن وقرى حائل عبر خطوط أنابيب يزيد طولها على 1150 كيلو مترا، بأنواع ومقاسات مختلفة، كما يحتوي المشروع على عدد من الخزانات ومحطات الضخ.

وأضاف أنه لسد أي عجز سيحصل بسبب الطلب المتزايد على المياه بداخل مدينة حائل تم رفع طاقة إنتاج مشروع المياه بالحميمة وتطوير محطة تنقية المياه بها مع إضافة 8 آبار بها وتدعيمها بدفعات للمياه بمشروع الحميمة شرق منطقة حائل.

وبين المهندس العميم أن كميات المياه ستزداد للمنطقة من حقل الشقيق وفق خطط مستقبلية حتى عام 1460هـ. لافتا إلى أنه سيتم حفر 25 بئراً في البداية لتفي باحتياجات الأهالي حتى عام 1435هـ، ثم تزاد حتى تصل إلى 33 بئراً لتفي باحتياجات عام 1450هـ، وتزاد إثر ذلك ليصل عددها إلى 51 بئراً لتفي بمتطلبات المياه حتى عام 1460هـ. وأكد المهندس العميم أنه تم حصر الآبار التي تبيع المياه وتم إصدار تراخيص لملاك هذه الآبار بعد التأكد من سلامتها وصلاحيتها للشرب للحد من العشوائية ولإيجاد مصدر معروف للماء.

وعن المياه التي قد تتسرب من محطة معالجة الصرف الصحي شرق حائل بين المهندس العميم أنه لن تقع هناك أضرار من محطة معالجة مياه الصرف لأن المعالجة تتم بصورة ثلاثية والماء الخارج من المحطة تم التنسيق مع أمانة حائل للاستفادة منه لري الأشجار.

وفي عرعر، وبحسب شهادات مواطنين، فإن أسعار صهاريج المياه في المدينة قفزت من 60 ريالا إلى 350 ريالا مع بداية فصل الصيف، مما ينذر بأزمة مياه، ناتجة عن تعطل آبار المياه وانقطاع شبكة المياه عن المنازل امتدت إلى عدة أيام، وطالت هذه الأزمة مدارس البنين والبنات وكذلك المساجد مما أدى إلى إغلاق دورات المياه لعدم وجود ماء.

ولم يسلم الموتى من أزمة المياه في مدينة عرعر، إذ اضطرت إحدى العائلات لتأجيل غسل أحد أفرادها لأكثر من 4 ساعات لعدم توفر الماء في مغسلة الأموات.

وقال أحد السكان في حي الفيصلية بعرعر، إن هناك نقصاً حاداً في المياه في الحي وطالب مديرية المياه برفع هذه المعاناة بشكل عاجل. وأشار محمد العنزي إلى أن الأسعار ارتفعت بشكل كبير حتى وصلت إلى 350 ريالا بالرغم من وجود التسعيرة الرسمية.

وأكد المهندس عافت بن حمدان الشراري مدير عام المياه بالمنطقة، أن أزمة المياه في عرعر ناتجة عن عطل في بئر المنصورية، حيث قامت المديرية بزيادة الساعات التشغيلية وتمت الاستعانة بالآبار الاحتياطية على طريق جديدة عرعر وكذلك بالآبار الأخرى على طريق عرعر الجوف. وأكد المهندس الشراري أن هناك زيادة ملحوظة في الاستهلاك اليومي للفرد هذا العام بسبب موجات الغبار التي اجتاحت المنطقة مؤخراً حيث يستهلك الفرد أكثر من 200 لتر يومياً من الماء وقد يصل إلى 300 لتر يومياً، مشيرا إلى أن هناك محطة جديدة أنجز منها 60 في المائة، والعمل حاليا على زيادة الاعتمادات المالية لتكون داعمة للمنطقة حتى عام 1460هـ.

وبالنسبة لمشاريع محافظة رفحاء، أشار المهندس الشراري إلى أنه تم ترسية مشروع نقل بحيرات التبخير برفحاء إلى شمال المحافظة وتوسعة محطة تحلية المياه برفحاء بمبلغ 60 مليون ريال.

وذكر أن هناك استراتيجية معتمدة لتغذية الأحياء الجديدة وحتى هجرة عودة الجبهان شرق المحافظة عن طريق محطات الضخ التي استحدثت أخيرا، بالإضافة إلى أن العمل يجري حالياً على استكمال مشروع الصرف الصحي الحالي (المرحلة الثانية) مع تغطية أحياء جديدة وفي الأيام القادمة تنفيذ شبكات مياه حي الشمال بعد حي الجميماء.

وفي منطقة الجوف (شمال البلاد)، والغنية بالمياه الجوفية، شهدت مدينة سكاكا (المركز الإداري لإمارة المنطقة) خلال الفترة الماضية انقطاعا متواصلا للمياه في أحياء متعددة من المدينة.

هذا الأمر حدا بالكثير من الأهالي إلى البحث عن صهاريج بيع المياه التي سجلت ارتفاعا كبيرا في أسعارها بعد زيادة الطلب عليها من قبل الأهالي بنسب تجاوزت 100 في المائة وفقا لبعض قاطني المنطقة لتصل أسعار صهاريج المياه النقية الصالحة للشرب في سكاكا إلى 230 ريالا بعد أن كانت 120 ريالا قبل أسبوع لحمولة الصهريج البالغة نحو سعة 12 ألف لتر للصهريج (العادي).

ووفقا للمسؤولين في فرع وزارة المياه في منطقة الجوف فإن سبب الانقطاع في المياه الذي يشهده عدد من أحياء مدينة سكاكا يرجع إلى عطل في أحد خطوط الشبكة الرئيسية التي تغذي المدينة ويجري العمل على إصلاحه حاليا مع التأكيد على أن الفرع قام بتأمين المياه لمنازل المواطنين المتضررين من خلال تعاقد الفرع مع أحد المتعهدين لإيصال المياه لمنازلهم بالمجان.

أمام ذلك اعتبر عدد من أهالي المنطقة أن هذا الأمر غير مقبول، حيث يشير المواطن ماجد العبلبك وهو أحد سكان حي المحمدية في سكاكا إلى أنه ليس من المعقول أن ينتظر هو وعائلته أياما حتى يصله الدور على القائمة، الأمر الذي يدفع المواطنين لتأمين المياه عبر شرائها من السوق التي اعتبرها أنها سوق سوداء للمياه لا سيما في ظل غياب الرقابة عليها من الجهات المعنية. وطالب العبلبك فرع وزارة المياه في منطقة الجوف بالإسراع في إصلاح العطل وإيصال المياه للمنازل لتنبض بالحياة مجددا.