280 ألف شخص ينتقدون برامج المسؤولية الاجتماعية للشركات عبر مبادرة التكافل الاجتماعي

ألفت قباني لـالشرق الأوسط»: برامج القطاع الخاص دون المستوى المأمول

أحد برامج المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص وفي الاطار الفت قباني
TT

سجل نحو 280 ألف مشارك في استبيان المبادرة الوطنية للتكافل الاجتماعي انتقادهم لبرامج المسؤولية الاجتماعية للشركات معتبرين أنها في كثير من الأحيان لا تتجاوز الترويج الدعائي لهم ولشركاتهم.

وشارك في الاستبيان نحو 346 ألف مشارك بينهم 81 في المائة انتقدوا تدني الخدمة وعددهم أكثر من 280 ألف مشارك في الاستبيان، بينما اختلفت وجهات نظر وآراء الشريحة المتبقية وهي 19 في المائة والتي تمثل نحو 65 ألف مشارك في الاستبيان.

ووصف 81 في المائة من المستطلعين القطاع الخاص بالأنانية، وربط قيامه ببعض مشاريع المسؤولية الاجتماعية بالتسويق لأنشطة وأعمال تلك الشركات، دون أن تكون هنالك مبادرات حقيقية، تعود بفائدة ملموسة لأفراد المجتمع.

ولخص المشاركون في الاستبيان حاجتهم إلى مشاريع اجتماعية عملاقة تطبق على الواقع، وتعمل على حل المشاكل الاجتماعية، والتي بوسع القطاع الخاص في السعودية احتواءها، والعمل على حلها من خلال فتح فرص التوظيف والمعاهد التدريبية المتطورة، ومد المجتمع بأفكار حيوية تعمل على دفع عجلة التنمية المحلية.

وقالت الأميرة نورة بنت عبد الله بن سعود الكبير، رئيس مجلس إدارة شركة «ديرتي الغالية» المشرفة على المبادرة الوطنية للتكافل الاجتماعي إن نتيجة الاستبيان تعكس نتيجة الأعمال الاجتماعية للقطاع الخاص داخل السعودية. مضيفة أن هذه الأعمال تبدو في أكثرها غير موجهة بشكل صحيح لخدمة المجتمع، وأردفت «هذا ما اتضح من خلال النتيجة العالية للمشاركين في الاستبيان، والذين اتهموا القطاع الخاص بالأنانية وتسويق أنشطته من خلال البرامج الاجتماعية».

وأشارت الأميرة نورة إلى أن نتائج أخرى سجلها الاستبيان عززت من نظرة الفرد المحلي تجاه غياب دور القطاع الخاص في تعميق وتفعيل مبادئ العمل الاجتماعي، وسد حاجة الفرد من خلال تزويده ببعض البرامج الاجتماعية المساعدة في تطوير وتحديث أسلوب حياته بما يتفق مع متطلبات التنمية الحالية. وأبانت ضرورة إبداء مرونة أكبر من قبل القطاع الخاص، مع نتائج الاستبيان المتعلق بعمله الاجتماعي من ناحية البحث عن تطوير تلك الأعمال وجعلها مفيدة ومهمة في نظر الأفراد المحليين داخل المجتمع.

وتسعى المبادرة الوطنية للتكافل الاجتماعي ـ بحسب القائمين عليها ـ لتطبيق خطط تنموية تراعي وتنسجم مع مشاريع تنموية حديثه في البلاد، من خلال مبادرة التكافل الاجتماعي والتي تهدف لإعادة إحياء بعض القيم التي تواجه خطر الاندثار ومحاولة التعايش مع معطيات العصر الحديث بروح إسلامية واجتماعية من شأنها جعل التكافل الاجتماعي روحا للعمل البناء والعطاء الذكي والمسؤولية الاجتماعية الحقيقية وهو ما لخصته المبادرة في 43 سؤالا وزعتها في استبيان وطني ميداني وإلكتروني بدأت نتائجه في الظهور أخيرا.

من جانبها، أوضحت ألفت قباني، عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية والصناعية بجدة، رئيس إدارة مجلس جدة للمسؤولية الاجتماعية لـ«الشرق الأوسط» أن المسؤولية الاجتماعية للشركات تعتبر أحد المتطلبات الأساسية لممارسة الأعمال في عصر العولمة الاقتصادية، وأحد أبرز المفاهيم الحديثة في عالم اليوم، التي تحث على المشاركة الجادة للمجتمع في سبيل تطويره، والارتقاء بكافة فئاته بتحسين مستوياتهم المعيشية ومنحهم الفرص للقيام بدورهم في التنمية المستدامة. وأضافت «وبهذا أصبح دور مؤسسات القطاع الخاص من خلال المسؤولية الاجتماعية دورا محوريا في عملية التنمية، وهو ما أثبتته النجاحات التي تحققها الاقتصاديات المتقدمة في هذا المجال كما أن مفهومها يرتبط ارتباطا وثيقا بالتنمية المستدامة، حيث يعني الاهتمام بالجوانب الاجتماعية والاقتصادية والبيئية للمجتمع من قبل القطاع الخاص، ووضع برامج التنمية المستدامة ضمن القيم والاستراتيجيات والعمليات المؤسساتية للقطاع الخاص، في إطار من الشفافية والمهنية، بهدف تعظيم الثروة المجتمعية وتحقيق التنمية المستدامة لكافة فئات المجتمع. وقالت «في وقتنا الحاضر لم تعد شركات القطاع الخاص تعتمد في تقييمها على ربحيتها فحسب، ولم تعد تعتمد في بناء سمعتها على مراكزها المالية فقط، بل أصبحت تقيم وفق مدى تطبيقها لبرامج المسؤولية الاجتماعية ودعمها لكافة فئات المجتمع الــذي تعمـل فيه» وتابعت قباني «وفي ظل الانتشار العالمي لممارسات مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات بهدف تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة أصبح من الصعب على أصحاب الأعمال التغاضي عن دورهم التنموي الإيجابي والفاعل تجـــاه المجتمع والمشاركـــة الجـــادة في تطويره والارتقاء به، بل أصبح العطاء من أجل تنمية المجتمع جزءا لا يتجزأ من حياتهم اليومية وخططهم الاستراتيجية ونظراتهم المستقبلية».

وأوضحت قباني «أن أهمية هذه المشاركة الاجتماعية لا تكمن في مجرد الشعور بالمسؤولية فقط، بل لأنها تمتد إلى ممارسات وتطبيقات ذات أبعاد متعددة، تنعكس على نمو المجتمع بكل فئاته، وتساهم في تحقيق ما تهدف إليه الدولة في توجهاتها نحو رفاهية المواطنين بتوفير كافة مستلزماتهم الضرورية والكمالية على السواء». وبينت «لكي يتم ذلك، لابد أن يتبنى أصحاب الأعمال المبادرات والمشاريع التنموية ذات التوجهات الشاملة لكافة المجالات، وأن يرصدوا لها مخصصاتها الكافية من الكوادر البشرية والموارد المالية، والبرامج المنبثقة من الدراسات الواقعية لحاجات المجتمع». وأضافت قباني «أن المسؤولية الاجتماعية بشكل عام، يتلخص مفهومها في أن كل منشأة عليها أن تتعامل مع جميع الأطراف من مساهمين، مستثمرين، موظفين، عملاء موردين، والمجتمع الذي تعمل في وسطه والبيئة بشكل مسؤول مبني على أسس أخلاقية ومبادئ وشفافية، تعود على هذه الأطراف بالايجابية». وقالت «بصفة عامه فالموضوع يتعلق بأخلاقيات وتفكير بناء، من خلال صنع القرارات التي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على الفرد، المجتمع، والبيئة».

وحول الهدف والخطط التي يسعى مجلس جدة للمسؤولية الاجتماعية لتحقيقه أوضحت قباني «قمنا بالعديد من البرامج والمبادرات، منها على سبيل المثال، جائزة المسؤولية الاجتماعية للبنوك، وعقدنا العديد من الاتفاقيات مع المؤسسات والشركات ونسعى في القريب العاجل لطرح جائزة خاصة بالشركات كما نسعى إلى إيجاد قسم خاص مستدام للمسؤولية الاجتماعية لكل شركة».

كما أكدت قباني على أهمية نشر الوعي حول مفهوم المسؤولية الاجتماعية بين شرائح المجتمع والجهات المختصة، لتحقيق الأهداف المرجوة، واصفة برامج القطاع الخاص بأنها «دون المستوى المأمول».