مفتي السعودية يقر بصعوبة السيطرة على «الإعلام المفتوح»

دعا لإفراد مساحة من البرامج لـ«الحوار الوطني».. ووزير الإعلام يؤكد التوجه لإطلاق قناة كاملة

الشيخ عبد العزيز آل الشيخ والشيخ صالح الحصين يتبادل كل منهما تقبيل رأس الآخر في ملتقى للحوار الوطني (تصوير: عبد الله عتيق)
TT

أقر الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي الديار السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء فيها، بصعوبة السيطرة على الإعلام المفتوح. وقال إن «الإعلام الهائل بالمحطات لا يمكن إغلاقه»، وهو ما دعاه للاستدراك قائلا «فلذلك مسؤوليتنا كبيرة في نشر الحوار».

وجاء هذا الإقرار من المفتي، خلال كلمة ألقاها في افتتاح ملتقى المدربين المعتمدين الأول الخاص بنشر ثقافة الحوار، والذي ينظمه مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، بحضور الشيخ صالح الحصين رئيس اللقاء الوطني للحوار الفكري، والدكتور عبد العزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام.

وساق مفتي عام السعودية، انتقادات لاذعة لبعض الفضائيات التي تستعين بأشخاص لإصدار الفتوى، واصفا بعض من يصدرون الفتوى عبر تلك القنوات بأنهم ممن «يريد البروز والظهور»، مطالبا بتفعيل القرار الخاص بضرورة عدم بث أي فتوى دون الرجوع للهيئة الدائمة للإفتاء، والتي قال «إنها مستعدة لنقاش أي موضوع».

ودعا آل الشيخ وسائل الإعلام السعودية لإفراد مساحة كبيرة من البرامج للحوار الوطني، بما يضمن طرح القضايا ومناقشتها من أهل العلم، فيما نادى بضرورة عدم إشراك غير المختصين في الحوارات التي تتم عبر الإعلام الرسمي.

واعتبر المفتي أن الحوار في القضايا المسلمة «أمر محرم»، فيما جعل الباب مفتوحا بالنقاش بالمسلمات إذا كانت بهدف إقناع غير المسلمين بالدين الإسلامي. وقال «أما الحوار الذي يأتي لفكر سيئ بهدف إخفاض الحق ورفعة الباطل، فهو أمر محرم».

وشدد الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، على أهمية احترام الطرف الآخر في الحوار. وقال «نحن مسلمون لنا مرجعية في الحوار، لا نفرض آراءنا الشخصية. لسنا متشددين في حوارنا، نحن دعاة حق».

وأكد على أهمية الحوار مع الخارج. وأضاف «كانت لنا تجارب في حوارات خارجية من خلال الهاتف أو المؤتمرات والاتصال الخارجي. هذا الأمر مطلوب».

ودعا المفتي أئمة المساجد للقيام بدورهم بتعزيز الحوار في أوساط المجتمع، مؤكدا على أهمية دور خطبة الجمعة في هذا الصدد، ورأى أن من المطلوب تفعيلها بهذا الاتجاه ولكل ما يحقق المصلحة العامة.

ومقابل دعوة مفتي السعودية، لوسائل إعلام بلاده لإفراد مساحات كبيرة للحوار، قال الدكتور عبد العزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام، إن هناك نية لدى الوزارة لإطلاق قناة كاملة تعنى بتعزيز الحوار الوطني، مؤكدا أن وزارة الثقافة والإعلام تفكر تفكيرا جديا بهذا الأمر، وأن هذا الموضوع هو قيد الدراسة.

ودعا الوزير خوجة، الذي كانت عنوان ورقته حول دور الإعلام في نشر ثقافة الحوار، إعلاميي السعودية الالتزام بالطرح الموضوعي، والنقل الصحيح والدقيق للمعلومات التي يستقونها من المسؤولين، عاقدا مقارنة بين البرامج التلفزيونية الحوارية القديمة والجديدة، بقوله «البرنامج التلفزيوني القديم، كان ذا شكلية واحدة، قد يكون ثابتا لا يطرأ عليه أي تغيير، وحركة الكاميرا متثاقلة متثائبة، والمذيع رسمي حتى لو كان البرنامج اجتماعيا. أما الضيوف فساكنون لا يكادون ينطقون وحين يتكلمون فإنهم لا يتحاورون».

ويتابع الوزير خوجة في مقارنته «أما البرنامج التلفزيوني الجديد، أمام هوية شكلية دائمة التغير... أما الألوان فزاهية، وأما حركة الكاميرا فحيوية ونشطة، والمذيع يبني حديثه على حوار حقيقي، والضيوف مختلفو المشارب والأفكار..».

وأكد وزير الثقافة والإعلام، على أهمية الحوار. وقال «أحسب أن خادم الحرمين أزاح بفكره المستنير كثيرا من الحجب المسكوت عنها داخليا وعربيا ودوليا، وأصبحنا بفضل حكمته نتحاور فيما بيننا وبصوت مسموع عن قضايانا التي كنا نواريها».

واعتبر أن دعوة الملك عبد الله التي وصفها بـ«الجريئة» لإنشاء مساحة للحوار في مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، ذات أثر قوي وفاعل في إشاعة الحوار وقبول الرأي المختلف، وأن هذا الوطن تنمو فيه الوطنية الصلبة بما فيها من تمايز وتنوع يثريان الوحدة الوطنية التي نعض عليها بالنواجذ.

ولاقت المحاضرة التي ألقاها الوزير خوجة، تفاعلا كبيرا من جمهور المدربين، خصوصا أنه مازج خلالها بين قريحته الشعرية، واهتماماته الأدبية، ولم يغفل أيضا ماضيه القريب الدبلوماسي فيها.

وبحسب الأرقام التي كشف عنها مركز الحوار الوطني، فإن أكثر من 150 ألف مواطن ومواطنة في 42 مدينة ومحافظة سعودية، استفادوا من برامج التدريبات الحوارية.

ويوجد في السعودية 1200 مدرب ومدربة تم تأهيلهم لنشر ثقافة الحوار في السعودية، يجتمع بعضهم لمدة 3 أيام في العاصمة السعودية، للالتقاء بعدد من المسؤولين والالتحاق بورش عمل في هذا المجال.