أهالي يشتكون: حقوق الطفل «التوحدي» مهضومة.. ومراكز التأهيل تعمل بمفهوم تجاري

الجمعية السعودية للتوحد تدرس انشاء نواد خاصة بهذه الفئة

صعوبات عدة تواجه الأهالي في التعامل مع الأطفال التوحديين ومطالب بوجود مراكز متخصصة غير تجارية («الشرق الأوسط»)
TT

استجابة للطلب المتزايد للتعامل مع الأطفال المصابين بالتوحد، أعلنت الجمعية السعودية للتوحد سعيها لافتتاح نواد جديدة لهذه الشريحة، التي وصلت لنحو 300 حالة في مدينة جدة وحدها، يخدمهم مركزان هما مركز التربية الفكرية، ومركز التأهيل الشامل.

وتتصاعد انتقادات الأسر التي تضم أطفالا توحديين، بسبب ضعف الرعاية، وارتفاع قيمة الإقامة في تلك المراكز، والتي لا تتعدى الاربع ساعات يوميا، بالإضافة إلى عدم وجود تناسب بين ما يقدمه المركز من خدمات وبين تلك المبالغ المدفوعة التي تصل إلى أكثر من 20 ألف ريال سنويا من دون وجود أدنى استفادة تذكر، بحسبهم.

وأوضحت الدكتورة سوزان خياط (أم لطفل توحدي) معاناة الاسر في التعامل مع هذه الشريحة، مبينة وجود إشكالية تأهيل أطفال التوحد لعدم وجود الحلول الملائمة على الرغم من طرق جميع الأبواب والسفر لمسافات بعيدة بحثا عن العلاج المناسب.

وبينت أنها خبرت كثيرا التعامل مع الحالة عقب اصطدامها بالتشخيص الخاطئ، مما اضطرها للبحث عن الأفضل فذهبت إلى أحد المراكز المعروفة والمتخصصة في النطق والسمع التي عانى فيها ابنها الكثير. وقالت «على الرغم من وجود اختصاصية أجنبية، إلا أن تخطيط الدماغ والسمع لم يكن ناجحا، حيث شخصت الحالة بضعف حاد جدا في السمع يصل إلى درجة الصمم، ويجب أن يستخدم ابني سماعات للأذن وقمنا بشرائها بمبلغ 7 آلاف ريال، لكن الأمر المرفوض أن نصرف مبالغ باهظة من دون نتيجة فهذه معاناة أكبر»، مشيرة إلى أن ذلك قادها لطلب العلاج في الخارج.

وتقول لينا راشد (والدة لطفل توحدي يبلغ من العمر 8 سنوات)، إنها لم تستطع تسجليه بأحد مراكز التوحد نظرا لارتفاع سعر المركز، البالغ نحو 18 ألف ريال سنويا، وقالت «هذا مبلغ كبير بالنسبة لظروفنا المادية، لذا أحاول أن اعتني به بنفسي من خلال متابعتي للبرامج الخاصة بالتوحد وقراءة العديد من الكتب عنه، وحضور الندوات التي تخص هذه الحالات، علني استطيع أن أقوم بالمهمة بدلا من المراكز المرتفعة الأسعار، مستغربة عدم اهتمام المجتمع بهذه الفئة من حيث افتتاح مراكز تتناسب والظروف المادية ومن حيث وجود أماكن ونواد خاصة بأطفال التوحد».

وبالعودة إلى الدكتورة خياط، أكدت على أهمية وجود جهاز رقابي على مراكز رعاية هذه الفئات التي أصبحت تجارية بحتة مستغلة حاجة العائلات والمعاقين، وقالت «هذه المراكز لا يوجد تناسب بين رسومها وما تقدمه للطفل ذوي الاحتياجات الخاصة، فأنا أدفع لابني 20 ألف ريال سنويا مقابل أن يقضي في المركز ما يقارب أربع ساعات من دون أدنى استفادة».

وتساءلت «لماذا لا يتم صرف مكافأة مالية شهرية لدعم عائلات المعاقين في ظل الأسعار الخيالية التي أصبحت تجارية واستغلالية لحاجة المعاقين وذويهم»، وشددت على تفعيل دور الجمعية السعودية للتوحد فرع الغربية وتفعيل المجلس الأعلى للإعاقة.

واعتبرت الدكتورة خياط أن من أهم المطالب وأكثرها إلحاحا فتح نواد خاصة بأطفال «التوحد وذوي الاحتياجات الخاصة» بإشراف مدربين متخصصين ذوي كفاءات عالية لتوجيه طاقاتهم توجيها صحيحا وفاعلا باعتبارهم جزءا من المجتمع. وضرورة توجيه الجهات المسؤولة عن إصدار الموافقة والتراخيص لهذه المراكز التي ترغب بالقيام بفعاليات ترفيهية محاولة منها في دمج هذه الفئة بالمجتمع والترفيه عنهم، حيث قالت: إن المركز الذي يتعلم فيه ابني قد نظم فعاليات بمناسبة يوم التوحد العالمي يشارك فيه أبناؤنا التوحديون، لكن تفاجأنا بعد أسبوع من الإعلان عن الماراثون بتأجيلها لمدة أسبوع، وبعد الأسبوع تلقينا خطاب اعتذار عن المسابقة من قبل المركز بسبب عدم موافقة، بعض الجهات الرسمية، على إعطائهم ترخيصا. بدورها قالت نسيبة الحسيني، مديرة القسم النسائي بالجمعية السعودية للتوحد، إن الجمعية السعودية للتوحد بالمنطقة الغربية مبتدئة، لكن لها خدماتها الكبيرة، حيث إننا نقوم بدراسة الحالة ومن ثم تحويلها إلى مراكز تأهيلية تتوافق ووضع الحالة الصحية والمادية من خلال عقود موقعة بين الجمعية ومراكز التأهيل.

وأوضحت الحسيني أن هناك مركزين بالمنطقة الغربية، مركز التربية الفكرية، ومركز التأهيل الشامل، حيث يقبلان الحالات ما فوق 12 سنة، لكن مع ازدياد العدد من المؤكد أن حالات كثيرة لا تجد لها أماكن، فقد بلغ عدد حالات التوحد بجدة 3000 حالة، وما يحدث الآن أننا نسعى لتوظيف بعض هذه الحالات التي بلغت 15 سنة وما يناسبها، كما أننا نسعى لافتتاح مراكز أكثر لهذه الفئة العمرية التي هي فوق 12 سنة. وحول ارتفاع أسعار هذه المراكز وانخفاض ساعات الدوام أكدت الحسيني «أن أقل مركز تصل أسعاره إلى 18 ألف ريال سنويا، لكننا نحاول الحصول على تخفيض لبعض الأسر غير القادرة على دفع هذه المبالغ، وإن لم تكن الأسرة مقتدرة فالجمعية تتكفل بها أو نساعدها بالحصول على نسبة تخفيض تناسب الحالة».

وتضيف الحسيني: بالنسبة لساعات الدوام القليلة قمنا بالاتفاق مع بعض النوادي الترفيهية والصحية بالتعاون مع وزارة المعارف لتخصيص يوم في الاسبوع لذوي الاحتياجات الخاصة، وهناك دراسة قائمة لافتتاح نواد خاصة بهذه الشريحة بناء على طلب الأسر التي غالبا ما تجد صعوبة في توفير أماكن ترفيهية تناسب أبناءهم.

ومن ضمن نشاط الجمعية أوضحت الحسيني أن الجمعية حاليا قامت بالتنسيق مع الغرفة التجارية لتوظيف بعض حالات التوحد، كلا بما يناسب حالته، ومن ضمن الخدمات التي تقدمها الجمعية نقوم بعمل دورات تأهيلية لأسر التوحد لتعليمهم كيفية التعامل مع أبنائهم، كذلك نقوم بالحصول على تخفيضات خاصة لهم بالمستشفيات والأماكن الترفيهية والتأهيلية، وتستمر متابعتنا للحالة حتى بعد تسجيلها بالمراكز الخاصة، وإذا لم يكن هناك تناسب بين المركز وطبيعة الحالة نقوم بتحويلها إلى مركز آخر.