في الشرقية.. مترجم واحد فقط لكل 1000 أصم

مختصون لـ«الشرق الأوسط»: نطالب بتعليم لغة الإشارة بالمدارس.. وإيجاد مترجمين بالدوائر الحكومية

مختصو الإعاقة السمعية يؤكدون أن معاناة الفتيات الصم مع شح المترجمات أكبر، مما يدفعهن للعزلة الاجتماعية («الشرق الأوسط»)
TT

يعيش نحو 7000 أصم في المنطقة الشرقية معاناة شح عدد مترجمي لغة الإشارة المؤهلين والمتعاونين معهم، حيث لا يتجاوز عدد المترجمين الذين يرافقون الصم للدوائر الحكومية ويعينونهم على إنجاز أعمالهم حدود الـ6 مترجمين فقط على مستوى المنطقة ككل، حسبما كشف ضيف الله الغامدي، مدير عام الجمعية السعودية للإعاقة السمعية بالشرقية، مما يعني توفر مترجم واحد فقط لكل ألف أصم تقريبا، الأمر الذي يتطلب لائحة انتظار قد تمتد لأشهر حتى يتمكن أحد الصم من إنجاز أعماله، في ظل النقص الكبير في عدد المترجمين وتزايد حجم الاحتياج لهم.

وأوضح الغامدي لـ«الشرق الأوسط» أن نقص المترجمين دفع شريحة كبيرة من الصم للعيش في عزلة اجتماعية إلى جانب تعطل أعمالهم واحتياجاتهم الضرورية، حيث يؤكد أن مدينة الدمام وحدها تضم 4 مترجمين فقط، وأشار إلى أن هؤلاء المترجمين ملتزمون أيضا بأعمالهم، مما يعني صعوبة خروجهم مع الأصم صباحا إلى إحدى الدوائر الحكومية، قائلا «نحتاج مترجمين مؤهلين تأهيلا شاملا، ممن اجتازوا دورات من 6 أشهر إلى سنة، فالأصم يحتاج للمترجم عندما يراجع الدوائر الحكومية أو المستشفى أو المحاكم وغيرها من الجهات».

وبسؤاله عن دورات لغة الإشارة التي تقدمها الجمعية، أكد الغامدي أن الهدف منها هو إخراج الصم من عزلتهم عبر تعليم المجتمع لغة الإشارة، قائلا «دربنا في العديد من المدارس ومجموعة من الدوائر الحكومية والجمعيات، لكن للأسف البعض يقبل على هذه الدورات بهدف الحصول على الشهادة أو بحثا عن ترقية وظيفية»، وأشار لغياب الجدية لدى شريحة من المتدربين، بقوله «الجدية تجعل من يجتاز الدورة حريصا على التفاعل مع الصم، ولغة الإشارة بحاجة للممارسة كأي لغة أخرى».

وطالب الغامدي بإدراج منهج لتدريس لغة الإشارة للطلاب في المدارس، قائلا «بعض المدارس الأهلية أصبحت تعلم اللغة الفرنسية كمادة اختيارية، نتمنى أيضا أن تقدم للطلاب أبجدية لغة الإشارة وتركيب الجمل البسيطة»، وأشار إلى تجربة أجرتها الجمعية في إعطاء دورة بلغة الإشارة لطلاب مدرسة تضمنت دمج الطلاب الصم مع السامعين، مؤكدا أنها «أثمرت بشكل كبير، وعندما تعلم السامعون لغة الإشارة أصبحوا زملاء لنظرائهم من الصم».

ويتفق معه محمد أحمد الشيخ، رئيس لجنة الصم والبكم في القطيف، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» على ضرورة إدراج مقرر للغة الإشارة في المناهج الدراسية، قائلا «لو كان هناك انفتاح على عملية تدريس لغة الاشارة فإن ذلك يسهل من انتشارها بما يخدم الصم»، فيما كشف عن تعثر عمل الكوادر المختصة بقوله «يوجد مترجمون ومترجمات عاطلون عن العمل، رغم الاحتياج الكبير لهم»، مطالبا بضرورة إلزام القطاع الخاص بتوظيف هذه الفئة في الجهات الخدمية التي تتطلب التواصل مع الجمهور، بما يخدم الصم.

وتحدث الشيخ عن تجربة لجنته التي تأسست قبل نحو 7 سنوات كأول لجنة أهلية في المنطقة تخدم قرابة الـ375 أصماً من الذكور والإناث، بقوله «انعزال الصم الاجتماعي كان موجودا، لكن في الفترة الأخيرة أصبح هناك انفتاح واندماج كبير، مع إصرارنا بدمجهم في أي عمل اجتماعي أو ثقافي يساعد على تواصلهم مع المجتمع». في حين أكد أن الجهل بلغة الإشارة لا يمثل معاناة عند تواصل الصم مع قطاعات الأعمال فقط، بل يمتد ذلك لداخل أسرة الأصم، قائلا «أولياء أمور الصم يواجهون أيضا مشاكل وصعوبات كثيرة بالنسبة للغة الإشارة، وحتى في عملية التعامل بين الأصم وأسرته».

من جهتها، أوضحت نوال الرشيد، رئيسة المركز الثقافي النسائي للصم بالشرقية، لـ«الشرق الأوسط»، أن النقص في عدد المترجمين والمترجمات يسبب مشكلة كبيرة للصم، منها حرمانهم من حضور المؤتمرات والندوات والملتقيات، مرجعة ذلك لكون «المجتمع غير مهيأ للتواصل مع الأصم، بما فيهم أسر الصم ذاتهم»، وتساءلت قائلة «ثقافة الفرد تتنامى بشكل أفضل بما يسمعه، فكيف تتنامى عند الصم، خاصة ممن ليس لديهم القدرة على القراءة والكتابة؟».

وعن معاناة الفتيات الصم مع نقص المترجمات، أوضحت هدى أبو أحمد، موظفة من الصم تعمل في شركة أرامكو بالظهران، المشاكل التي تواجهها نظيراتها مع شح المترجمات عبر رسالة نصية بعثتها لـ«الشرق الأوسط»، قالت فيها «نقص عدد مترجمات لغة الإشارة يشكل صعوبة بالغة للفتيات الصم، بالذات عندما يذهبن إلى المستشفيات أو مراجعة الدوائر الحكومية، وأعتقد أنه من الضروري توفير عدد أكبر من المترجمات للغة الإشارة». يأتي ذلك في حين تكشف الاحصاءات الحديثة أن عدد الصم في السعودية تجاوز الـ88 ألف أصم، تضم المنطقة الشرقية وحدها نحو 7000 أصم، فيما يشهد هذا العدد تزايدا مطردا سنة تلو أخرى، وهو ما يرجعه المختصون لانتشار زواج الأقارب وتدني مستوى التثقيف الصحي لدى النساء الحوامل اللائي يتناولن أدوية من دون استشارة الطبيب، مما يعرض الجنين إلى احتمال الإصابة بإعاقة سمعية لا يتم الكشف عنها إلا بعد الولادة.