دعوة لتحرير التربية الدينية من السلبيات الاجتماعية لإنشاء جيل «متدين متمدن»

دراسة تشير إلى أن المتدين السعودي وغير المتدين يفضلان «الأمة» و«القبيلة».. على الوطن

جانب من ملتقى ربوة الرياض الخيري الصيفي والذي ساهم عبر فعالياته في محاربة الإرهاب والتطرف وفي الاطار د. طارق الحبيب («الشرق الأوسط»)
TT

دعت دراسة، عكف على إعدادها بروفيسور سعودي، منذ التفجيرات الأولى التي استهدف فيها «تنظيم القاعدة»، مصالح حيوية في السعودية، إلى تحرير التربية الدينية من السلبيات الاجتماعية، وصولا إلى التأسيس لجيل «متدين متمدن».

وجاءت هذه الدعوة، إثر النتائج التي أثبتت بأن التربية الاجتماعية للفرد السعودي، هي من قامت بتشكيل توجهاته الدينية، وليس العكس، وكان من نتاج ذلك، أن ظهر التطرف بشكل كبير مؤخرا في السعودية.

ولاحظت الدراسة التي أعدها الدكتور طارق الحبيب استشاري الطب النفسي في كلية الطب بجامعة الملك سعود، بأن المتدين السعودي يفضل الانتماء إلى الأمة الإسلامية أكثر من الانتماء إلى وطنه، بالرغم من أن الانتماءين لا يتعارضان، مشيرة إلى أن غير المتدين، يفضل الانتماء إلى «القبيلة» أو «الأسرة»، أكثر من الوطن، وهو ما يعكس اضطراب المفاهيم الذي حدث أساسا لدى الفريقين، بسبب طبيعة التربية الاجتماعية، أكثر من سواها.

وانتقد الدكتور طارق الحبيب، حرص الوعظ الديني والمحاضرات والمقررات الدينية المدرسية، على العبادات والأخلاق الشخصية، أكثر من تركيزها على الأخلاق الاجتماعية أو علاقة الفرد بغيره، وعدم ارتباط كل تلك الأمور بالواقع ومتغيرات الزمان والمكان.

وقال في محاضرته، التي رعاها وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور يوسف العثيمين «لذلك لقد نجح النصارى في تقديم دينهم أفضل منا. فهم قدموا لنا العدل الحقيقي والمساواة، فيما لم نقدم نحن للعالم سواء الحجاب والختان».

وساق الحبيب ملاحظات لاذعة للمؤسسة التعليمية، وتحديدا التعليم الديني، والذي قال أنه اتصف بعدم حل المتناقضات، فتجد –طبقا له- «مدرس الدين يعلم طلابه بأن من السنة إطالة الشعر كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فيما أنه هو نفسه خارج الفصول يكون بالمرصاد بمقصه للطلاب أصحاب الشعور الطويلة».

وأوصى البروفيسور السعودي، بضرورة مراجعة السلبيات في أسلوب التربية الدينية، لأنها لا ترتقي بحد كاف لمستوى الاستراتيجية الدينية السياسية.

وأشار إلى أنه حتى تيار الصحوة، والذي كان طابعه دينيا، بني على العوج الاجتماعي الموجود أصلا، فتشكل عليه، في إشارة إلى فشله في تحقيق هدفه. وقال إذا أردت أن تصلح الطرح الديني فأصلح المجتمع في بنيته.

وأكد طارق الحبيب، أن الخلل الديني في طريقة التدين، نتجت عن الخلل الاجتماعي في بلاده، والذي جاء على خلفية أن الإنسان أقوى من النظام، وليس العكس كما هو الحال عليه في كل من أميركا وبريطانيا، والذين يبقى فيها المسلمون على الطبيعة التي تم تنشئتهم عليها على اعتبار أن تركيبتهم الاجتماعية غير معتلة.

ومقابل ذلك، حمَل البروفيسور السعودي، القائمون على التعليم في بلاده، جانبا من مسؤولية عدم خلق الوطنية في صفوف الطلاب.

وقال أن مقرر التربية الوطنية في مدراس التعليم العام، يفعل في النفوس عدم احترام الوطن، من حيث أرادوا منه احترامه، على اعتبارات عدة، أبرزها، بأن المادة لا رسوب فيها، وليس مشمولة بمعدل السنة الثالثة الثانوية، وتعطى عادة لإكمال نصاب المعلم، وغيرها.

وأشار الدكتور الحبيب، إلى أن التطرف هو واقع مجتمعي، وليس ناتج عن التدين.

ورأى مقابل ذلك، بأن إظهار مشايخ التطرف المتراجعين في وسائل الإعلام، وإعادتهم للسجون، لن يزيد المتطرفين إلا تطرفا. لذلك اقترح، إطلاق سراح من تراجع دون ضجة إعلامية ومراقبته عن بعد، لأن فيذلك إحراج لهذه الفئة، وإظهار لحسن النية من طرف الدولة.

وقال أن إظهار مشايخ التطرف على شاشات التلفزة، وهو يعلنون تراجعاتهم، في إشارة للثالوث التكفيري، سيقود القاعدة لزيادة نسبة التفجيرات الخارجية والداخلية كمحاولة لإثبات الوجود.

ورأى بأن تعمل وسائل الإعلام على إبراز رموز التيار الديني المقبولين بدرجة أكبر من سواهم لدى المنتمين للفكر المتطرف، وتقليل ظهور الرموز الدينية التي ازدحمت بها الشاشة التلفزيونية أخيرا.