الأسواق الشعبيـة فـي جـازان: العيد وصـل مبكرا

بسطاتها ساحات لبيع الألعاب النارية.. و«بن لادن» و«القاعدة» أشهر أنواعها

يقبل الجازانيون على التزود بالحلويات استعداداً لاستقبال المهنئين بعيد الفطر (تصوير: محمد الكعبي)
TT

في حين تشتهر منطقة جازان بأسواقها الشعبية الأسبوعية، فإن اقتراب مناسبة عيد الفطر المبارك تصبغ هذه الأسواق بمظاهرها حتى قبل أسابيع من حلولها. وتمثل بسطات هذه الأسواق ودكاكينها ساحات لبيع سلع لا تظهر إلا في مواسم الأعياد. وتعتبر أسواق أحد المسارحة وصامطة والخوبة والخشل وأبي عريش الشعبية أشهر الأسواق التي يقصدها أهالي المنطقة وزوارها لشراء مستلزمات العيد ابتداء من قطع الحلوى وليس انتهاء بالموكيت وأنواع الأثاث الشعبي. ومع اقتراب اليوم الأخير من شهر رمضان المبارك ساهم النشاط التجاري الواسع الذي تشهده هذه الأسواق في تحويلها إلى أسواق يومية بدلا عن كونها أسواقا تقام لمرة واحدة خلال الأسبوع. وامتدت ساعات العمل في بسطاتها ودكاكينها من السادسة صباحا إلى الرابعة فجرا من دون توقف إلا لأوقات الصلاة وتناول الإفطار عند الغروب. وفي سوق أحد المسارحة الشعبي الذي يقع في قلب محافظة أحد المسارحة، ويقام بشكل أسبوعي كل يوم أحد، تحول النشاط التجاري إلى عملية يومية تمتد منذ الساعات الأولى في الصباح ولا تنتهي إلا مع ارتفاع أذان الفجر، وامتدت بسطات البضائع والسلع لتسد الشوارع المؤدية إلى وسط السوق، وهو ما استدعى وجودا مكثفا لدوريات المرور والشرطة لضمان سلامة الحركة المرورية. أما أبرز البضائع التي تعرض في هذه الأسواق الشعبية فهي الملابس والعطور والاكسسوارات والأحذية والألعاب النارية والحلوى وأدوات الزينة من الحناء والنباتات العطرية من الفل والكادي، إضافة إلى ساحات واسعة خصصت لبيع قطع الأثاث الشعبي المصنوع يدويا والفرش والموكيت. وتحظى بسطات الألعاب النارية بإقبال كبير من فئات الأطفال والمراهقين، على الرغم من أن باعتها يقومون بتهريبها عبر الحدود اليمنية ويعرضونها في وسط ترقب من مداهمة دوريات الشرطة لبسطاتهم، حيث أصدرت شرطة منطقة جازان في وقت سابق تعميما بمنع بيع الألعاب النارية. ورغم إعلان شرطة جازان عن القبض على حوالي ألفي كرتون من هذه الألعاب إلا أن البسطات الممتدة في أسواق الأحد وصامطة والخوبة تشير إلى أن المعروض يفوق المقبوض بأضعاف كثيرة. ويشير أحمد صفر الذي يعرض في بسطته بسوق صامطة الشعبي الذي يقام يوم الاثنين من كل أسبوع، أنواعا مختلفة من الألعاب النارية إلى أن هذه الألعاب تعد تجارة مربحة في مواسم الأعياد نظرا للإقبال الكبير الذي تحظاه خصوصا من صغار السن. ويؤكد أن زيادة الرقابة الأمنية على هذه التجارة يدفعهم إلى رفع أسعارها وذلك لتغطية الخسائر المحتملة عن قيام السلطات الأمنية بمصادرة بضائعهم. وحول أبرز أنواع الألعاب النارية التي يقبل عليها المتسوقون، يبين صفر أن عامل الإقبال يعتمد على قوة اللعبة والصوت الناجم عنها، ومدى قدرتها على الارتفاع في السماء أثناء إشعالها. موضحا أنهم يقومون بالتسويق لهذه الألعاب من خلال إطلاق أسماء رنانة عليها، ومن هذه الأسماء على حد قوله «بن لادن والقاعدة والبازوكة والبرق والكمثرى».

بسطات الملابس والعطور على الرغم من الصفة الشعبية التي تحملها إلا أن أصحابها لم يجدوا بدا من مواكبة الموضة، ومحاولة إطلاق أسماء عصرية على بضائعهم في محاولة للفوز بحصتهم من المتسوقين. وفي حين تلجأ بيوت الموضة العالمية إلى توقيع عقود ضخمة مع الفنانين والفنانات لوضع صورهم وإطلاق أسمائهم على منتجاتها في سبيل الدعاية لها، فإن عبده عتيني وهو صاحب بسطة لبيع الملابس النسائية في سوق أحد المسارحة الشعبي لم يجد حرجا في إطلاق اسم «نانسي عجرم»، المغنية اللبنانية المعروفة، على نوع من الفساتين التي يبيعها معللا ذلك بأن « التجارة شطارة».

ولا تبدو العلاقة بين أصحاب هذه البسطات وأصحاب المحلات التجارية حميمية أبدا. فأصحاب المحلات التجارية يرون بأن هذه البسطات بما تقدمه من بضائع بأسعار رخيصة تصرف عنهم أعدادا من المتسوقين، ومن هنا تبدأ علاقة الشد والجذب بين الجانبين في محاولة للحصول على أكبر عدد من المتسوقين.

من جانبها تجد النباتات العطرية التي تشتهر زراعتها في المنطقة كالفل والكادي إقبالا خاصا من قبل النساء، وذلك بغرض استخدامها في يوم العيد، حيث تعد من أساسيات الزينة في ثقافة المنطقة. وفي سوق الخوبة الشعبي في شرق جازان الذي يقام يوم الخميس من كل أسبوع تأتي أغلب كميات الفل والكادي عبر الحدود اليمنية وترتفع أسعارها إلى الضعف تقريبا مع اقتراب العيد يوما بعد يوم.

إلى ذلك يضم المستوقون إلى سلة مشترياتهم قائمة بأنواع من الأثاث الشعبي وذلك استعدادا لاستقبال العيد في حلة جديدة. وفي ظل تغير نمط البناء والعمارة في المنطقة فإن مواسم الأعياد تعتبر فرصة أمام تجار الأثاث الشعبي لإحياء أسواقهم الراكدة. وتعتبر «القعادة» وهي أسرة تجهز من الخشب أشهر أنواع الأثاث، وما زال استخدامها قائما خصوصا في المجالس الشعبية. وفي حين أعلن في السعودية عن انخفاض نسب التضخم إلى ما يقارب 4 في المائة فقد بدا التذمر باديا على غالبية المتسوقين من ارتفاع أسعار الملابس والعطورات وبقية مكونات سلة الاستهلاك في العيد. يأتي هذا في وقت أحدث فيه تتابع مناسبات الإجازة الصيفية وحلول شهر رمضان المبارك وعيد الفطر على القوة الشرائية لدى الأسر السعودية، في حين ما زال رب الأسرة يحمل هم ادخار ميزانية خاصة بموسم العودة إلى المدارس بداية أكتوبر القادم.