المدن السعودية تتحول إلى لوحات فرح.. والاحتفالات بالعيد تستحضر التاريخ

قصر الحكم في الرياض يشهد إفطار العيد بمشاركة مواطنين ومقيمين

طفلة بين جموع المصلين تطالع عدسة «الشرق الأوسط» أثناء صلاة العيد أمس في الرياض (تصوير: خالد الخميس)
TT

عاشت المدن السعودية أمس احتفالية عيد الفطر السعيد فقد قدمت المشاهد التي تمت بساحات قصر الحكم بالرياض منذ صباح أمس أول أيام عيد الفطر المبارك وحتى ساعة متأخرة من الليل لوحات ناطقة تحكي واقع المنطقة بلغة التاريخ والتراث. واستحضر الحضور نشأة قصر الحكم وعلاقته بقيام الحواضر وتأسيس الحكم. كما استحضروا قصة تطور الرياض عمرانياً وسكانياً ونقلتها الحضارية على مر العقود. وشهدت المنطقة منذ الصباح الباكر أكبر تجمع بشري وسط المدينة في حين تحولت مدينة الرياض إلى لوحة فرح وحب بعد أن خرج الناس وهم يرتدون ملابسهم البيضاء ومشالحهم مصطحبين معهم أطفالهم لتأدية صلاة العيد، وتحولت ساحات منطقة قصر الحكم التي شهدت الاحتفال الرسمي بالعيد إلى لوحات فنية وتراثية في غاية الجمال حيث رسم المشاركون في فعاليات الاحتفال الذي نظمته الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض للعام السابع عشر على التوالي لوحات من الفلكلور الشعبي واختلطت الأهازيج والرقصات مع وقع أصوات الطبول وصداها يتردد في جنبات ساحات منطقة قصر الحكم في حين تابع الآلاف هذه الفعاليات عبر شاشات تلفزيونية نقلت الفعاليات من ميدان العدل إلى ساحة الإمام.

وحرص الأمير سطام بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض بالنيابة على مشاركة سكان العاصمة من مواطنين ومقيمين الاحتفال بعيد الفطر المبارك. واستقبل في ساعة مبكرة من صباح أمس في قصر الحكم «وسط الرياض» جموع المهنئين بهذه المناسبة السعيدة وسط احتفالية جسدت عمق التلاحم بين الجميع. وسبق هذه الاحتفالية تأدية صلاة العيد في مسجد الإمام تركي بن عبد الله الذي يعد أقدم مساجد المدينة ، وتقدم المصلين الأمير سطام بن عبد العزيز، وأم المصلين سماحة مفتي عام السعودية رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ الذي تحدث عن أهمية العيد وما يجب به من أفعال وأعمال لافتا إلى أن يوم العيد هو تقوية للعلاقة بين المسلمين بأعظم صورها وكذلك فرصة لتصفية القلوب من الضغائن والأحقاد وطريق إلى التآلف والمودة والمحبة.

وتحولت مدينة الرياض أمس إلى لوحة فرح وحب بعد أن خرج الناس وهم يرتدون ملابسهم البيضاء ومشالحهم فجراً لتأدية صلاة العيد في المساجد الموزعة على أرجاء المدينة ليتوجه بعضهم إلى قصر الحكم للسلام على أمير منطقة الرياض بالنيابة وتناول طعام الإفطار على مائدته، وشارك في ذلك عدد من أبناء الجاليات العربية والأجنبية، في حين أعاد سكان الأحياء ذكريات جميلة مع العيد عندما نصبوا خياماً في الساحات المحيطة بالمساجد وتبادلوا التهاني بالعيد. كما تناولوا طعام الإفطار الذي أعدته ربات المنازل واستحوذت الأكلات الشعبية على الأطباق المعروضة في منظر يعطي دلالة على الترابط الاجتماعي وتقدير السكان لهذه المناسبة المباركة التي أعقبت شهر الصوم، في وقت انشغل الأطفال فيه بإطلاق الألعاب النارية. وتبادل السكان الزيارات فيما بينهم وشاركوا أصحاب المنازل إفطار العيد. وانطلقت مساء أمس في ساحات منطقة قصر الحكم فعاليات الاحتفال الرسمي لمدينة الرياض بعيد الفطر المبارك لهذا العام الذي تنظمه الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض على مدى الأيام الثلاثة الأولى من العيد، وافتتحت الفعاليات التي بدأت بعد صلاة العشاء مباشرة والتي تضمنت ألواناً من الفلكلور الشعبي قدمته الفرق الشعبية السعودية بالإضافة إلى فقرات الأطفال وفعاليات وطنية ومواد فلمية، ومشاركات الفنانين التشكيليين وأمسيات لشعراء المحاورة والعرضة السعودية.

وأحيا عدد من سكان الرياض يوم أمس عادة قديمة تمسك بها الأجداد والآباء وكادت أن تندثر في السنوات الأخيرة والمتمثلة في إقامة إفطار العيد بصورة جماعية يحضره جميع سكان القرى أو الأحياء في المدن الكبيرة، ويتم إعداد موائده داخل المنازل وبالتنسيق بين ربات البيوت لضمان تنوع الوجبات وإرضاء كل الأذواق. وحافظ بعض سكان الأحياء في العاصمة السعودية على هذه العادة بإخراج ولائم العيد في الساحات الواقعة بالقرب من المساجد، والشوارع ودعوة الجيران للمشاركة في تناولها بعد صلاة العيد مباشرة.

وبدأ بعض الشباب والأسر بعد انتهاء مراسم العيد في التوجه إلى الدول المجاورة التي يمكن أن يصلها بالسيارة مثل الكويت والبحرين أو دبي أو الأردن لقضاء الأيام الأربعة المتبقية من إجازتهم. كما فضل البعض منهم التوجه إلى الصحراء ونصب الخيام وقضاء بقية أيام الإجازة في البراري ذات الجذب ، خصوصاً المناطق الرملية ويمارسون فيها رياضة التطعيس ، وانتشرت في أطراف المدن محلات مؤقتة لتأجير الدراجات النارية للصغار والكبار.