«العيد الإلكتروني»: بطاقات معايدة ورسائل قصيرة ونغمات موسيقية

تباين في وجهات النظر حيالها.. فريق يراها نعمة وآخر يصفها بالنقمة
TT

حل «العيد الإلكتروني» في السنوات الأخيرة محل «العيد التقليدي»، وبدلاً من التزاور والعناق والمصافحة لتبادل التهنئة بقدوم عيد الفطر بات السعوديون، وخصوصاً الشباب من الجنسين، يفضلون نقل تهانيهم عبر شبكة الإنترنت ورسائل الجوال وأبدعوا ونوعوا في أشكال تلك التهاني.

«وداعاً رمضان، عيد فطر سعيد، عساكم من عواده، جعل الله كل أيامكم أعياداً»، وجمل أخرى غيرها تحمل في طياتها التهنئة بقدوم عيد الفطر، سواءً كانت مفعمة بالروحانية والأدعية، أو بعبارات التهنئة خفيفة الظل، تزين بطاقات إلكترونية مصممة بـ«الفوتوشوب»، وأخرى مصممة بـ«سويتش فلاش» تصل إلى عناوين البريد الإلكتروني للكثيرين في هذه الأيام.

وأظهرت إحصائية منشورة وجود أكثر من 2.350 مليون موقع تقدم جميعها خدمة إرسال بطاقات المعايدة الالكترونية على شبكة الانترنت وجميعها باللغة العربية، خلافاً للمواقع العالمية المختصة بالبطاقات التي خصصت تصنيفات خاصة بالمناسبات والأعياد الإسلامية.

هذه الطريقة الجديدة في نوعها لاقت إقبالاً كبيراًَ بين الشرائح العمرية المختلفة للسعوديين مع اتساع رقعة المستخدمين لشبكة الإنترنت في السعودية، ووجد فيها الكثيرون فرصة لتبادل التهاني واختصار المسافات الزمنية والمكانية بطريقة بسيطة، وخصوصاً مع انتشار المواقع الاجتماعية الإلكترونية مثل موقع (facebook)، وغيرها من المواقع التي خصصت مساحات وفرت فيها العديد من بطاقات المعايدة المختلفة، وصور لهدايا رمزية ولحلويات العيد، يمكن لمستخدميها إرسالها لقائمة الأهل والأصدقاء المشتركين.

وأوضح محمد الراضي، مسؤول عن أحد مقاهي الانترنت في جدة أن فترة العيد تعد أحد أنشط المواسم التي يزيد الإقبال فيها على مقاهي الانترنت، لاسيما من العمالة الوافدة والشباب من الصباح الباكر، بقصد تبادل التهاني بهذه المناسبة، من خلال استخدام البرامج الصوتية عبر الانترنت، إضافة إلى بطاقات المعايدة الالكترونية وإرسالها لذويهم عبر برامج المحادثة النصية والبريد الإلكتروني، وتعد هذه الطريقة الأسهل والأرخص ثمناً، إذا ما قورنت بمكالمات الجوال.

من جهتها، ترى ريم فهد، وهي إحدى الطالبات المبتعثات للخارج لاستكمال دراستها العليا، ترى في هذه الوسيلة احد مظاهر التقدم بالاحتفال بالعيد، مؤكدة أنها أسهمت في تقريب المسافات، وتقول «أفضل هذه الطريقة في المعايدة، إذ تمكنني من إرسال بطاقات معايدة تعبر عن فرحة العيد إلى جميع المسجلين في القائمة من الأصدقاء والزملاء عبر بريدي الإلكتروني، مع بعض من الكلمات التي تدل على التهاني والود».

وأضاف أحمد نايف (37 عاماً) «أجد في هذا التقنية وسيلة سهلة للبقاء على اتصال مع معارفي وأقاربي، إلى جانب أنها وسيلة ممتازة لتطوير علاقاتي العملية وإظهار نوع من الاهتمام بعملائي في العمل بمشاركتهم فرحة العيد، والذين يبادرون في الغالب إلى الرد برسائل ودية، وبعضهم يذكر هذه اللفتة اللطيفة في لقاءات العمل اللاحقة، وفي الوقت نفسه أجد أن هذه الوسيلة غير مكلفة». اللافت في الأمر أن الكثير من المواقع الإلكترونية وفرت خدمة بطاقات التهنئة صغيرة الحجم المتحركة، لتصبح وسيلة معايدة عبر رسائل الوسائط المتعددة بالجوال، وإرسالها إلى من ترغب في معايدة.

كما سارع العديد من المواقع الإلكترونية إلى تقديم نغمات العيد المألوفة قديماً والمبتكرة حديثاً، والأناشيد الدينية التي تحتفي بالعيد، متيحة إمكانية تحميلها وإرسالها للراغبين.

وتشمل مبادرات «العيد الإلكتروني» أيضاً تبادل التهاني والمعايدة عبر رسائل الجوال القصيرة، وساعد على ذلك اتساع استخدام الهواتف النقالة بين مختلف الشرائح والفئات الاجتماعية.

وانقسم الناس حول هذه الظاهرة إلى فريقين، أحدهما يرى أن المعايدة عبر الرسائل القصيرة نعمة وليست نقمة، وخصوصاً إذا ما اقتصر استخدامها على معايدة الأهل والأصدقاء والأقارب المقيمين في المناطق البعيدة أو خارج السعودية، فيما يرى الفريق الآخر أنها إحدى نقم تكنولوجيا الاتصال وثورة المعلومات، لأنها تأتي خصماً للقاءات الحميمة، وتحرم الناس من فرص استعادة دفء المشاعر والعلاقات الأسرية والاجتماعية التي تعد أبرز ملمح للأعياد خاصة الدينية منها.

وتعتقد هيا الفايزي أن المعايدة عبر رسائل الجوال القصيرة لا يمكن أن تكون بديلاً للزيارات واللقاءات الأسرية والاجتماعية الحميمة، والتي هي الأصل في الاحتفاء والفرحة بعيد الفطر المبارك،، وتصف هذه الظاهرة بأنها «نقمة تكنولوجية وطريقة جافة لتبادل المشاعر والأحاسيس، وتقطع صلة الرحم التي أوصى بها ديننا الإسلامي».

وتقول تهاني الشافع، وهي إحدى الحريصات على معايدة أقاربها وصديقاتها عن طريق رسائل الجوال ورسائل البريد الإلكتروني بحسب إلمام كل فئة ومعرفتها «إن هذا النمط من التواصل أمر طبيعي في سياق تطور أنماط الحياة الراهنة بكل تعقيداتها، والانشغالات التي لا تسمح بالزيارات والتلاقي، خصوصاً للذين يعيشون بأماكن بعيدة أو خارج السعودية، كما يعتبر الأسلوب الأمثل والأرخص مادياً للتهنئة بالعيد».

ويبتكر العديد من مواقع الإنترنت قبل حلول عيد الفطر وتخصص مواقع لصياغة رسائل المعايدة والتهنئة بحلول عيد الفطر تناسب مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية.

ويوضح فارس مغربي، وهو أحد الذين يفضلون استخدام هذه الطريقة في المعايدة في التواصل عبر الزيارات، أن توجيه هذه الرسائل يقتصر فقط على الأقارب المقربين والكبار في السن «أحرص على الابتعاد عن الصيغ التقليدية والمعتادة في مثل هذه المناسبات، مثل (كل عام وأنت بخير) و(عيدكم مبارك)، فالكثير من أصدقائي يفضلون زيارات مواقع الانترنت المختصة والبحث عن صيغ لرسائل قصيرة قد لا تكون بضرورة تمثل مشاعرهم بقدر ما يحرصون على اختيار صيغ مبتكرة ومتفردة، تجمع بين الدعابة والطرفة وتعبر عن روح المناسبة، فيما يحرص البعض الآخر على ابتكار وإيجاد صيغ جديدة يؤلفونها بأنفسهم».