موائد السعوديين في العيد: أكلات شعبية نكهتها «فرح» ودلالتها «كرم»

تتنوع بحسب المناطق وتوصف بأنها «حلاوة العيد»

TT

تباينت معظم المناطق السعودية عن بعضها بعضا في شكل الاحتفال بعيد الفطر المبارك من نواحٍ متعددة، مع محافظة أهاليها على عادات الاحتفال التقليدية المتعارف عليها منذ أجيال بعيدة، إلا أن هذه العادات لم تتغير على الرغم من التطور الزمني والاجتماعي الذي شهدته السعودية خلال العقود الماضية.

ومن أبرز تلك العادات التي حافظت على وجودها وتنوعها في عيد الفطر المأكولات الشعبية، التي تقدم للضيوف القادمين للتهنئة والمعايدة بعد أداء صلاة العيد.

وتعتبر شريحة كبيرة من المجتمع السعودي أن تقاليد وجبات العيد الشعبية مطلب أساسي للأعياد، سواءً في شمال المملكة أو جنوبها، ووصفها كثيرون بأنها «حلاوة العيد».

وعند الوقوف على نوعيات الأكلات الشعبية المقدمة في مناطق المملكة المختلفة، يظهر أن كل مدينة ومحافظة في تلك المناطق تمتاز بأكلة معينة عن غيرها.

وأكد الشيخ عبد الله بن شار آل حاسن، شيخ شمل قبيلة الجهاضمة، في محافظة تنومة (جنوب غربي السعودية)، أن عادات العيد تمتاز بالكرم، مؤكداً أن العيد يجدد روح التواصل بين الأقارب والأهالي، وهذا يحفظ للأجيال القادمة حقها في الاحتفاظ بالعادات والتقاليد، التي يتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد.

وأوضح شيخ شمل قبيلة الجهاضمة، أنه عند قدوم العيد يخرج الرجال من الصباح الباكر لأداء صلاة العيد في المصلى المخصص لها، تعلو وجوههم الابتسامة وعلامات الفرح بهذا اليوم، لما فيه من الطمأنينة الروحانية بأداء صيام شهر رمضان واستقبال العيد.

وأشار الشيخ آل حاسن إلى أن كل شيخ قبيلة يجتمع بأفراد قبيلته للسلام على صغارهم وكبارهم، كما يزورهم في منازلهم، منوهاً إلى أنه يتم تقديم وجبة فطور تختلف من منطقة لأخرى، مشيراً إلى أن أهالي المنطقة الجنوبية يقدمون لزوارهم في العيد مأكولات شعبية عدة، منها العريكة، والعصيدة، والمبثوث، وجميعها تكون ممزوجة بالسمن والعسل، إلى توفير القهوة والشاي؛ لتعطي صورة جمالية للسفرة المقدمة.

وأبان محمد عبد الرزاق الكريمي، عمدة حارة البلدية بحي المسفلة في مكة المكرمة، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أن للعيد فرحة خاصة يتمتع بها جميع سكان مكة المكرمة، سواءً المواطنين أو المقيمين، وقال «نتجه لأداء صلاة العيد في الفجر الباكر، ثم نتوجه إلى منازلنا للسلام على الأهل، ومن ثم زيارة الجيران والأقارب، وتتخلل هذه الزيارات تقديم أطباق متنوعة من المأكولات الشعبية التي توارثتها الأجيال من الماضي إلى الحاضر».

وأضاف «تشمل المأكولات الشعبية المقدمة أطباق الحلوى من الكنافة إلى البسبوسة، والطرمبة، واللقيمات، والزلابية»، مؤكداً أن من لا يستطيع توفير هذه الأنواع من الحلوى يعتبر فقيراً في بيته، سواءً في السابق أو في وقتنا الحاضر.

وأوضح عبد الرحمن الراشد، الذي يعمل معلماً في إحدى مدارس الرياض الأهلية، أن أجمل ما في العيد إحياء تلك العادات والتقاليد الموروثة من آبائنا وأجدادنا، كونها تركت بصمة واضحة جعلت الشعب السعودي يعانق التسامح، والألفة، وعمقت التقارب فيما بين أفراده.

وأشار الراشد إلى أن أيام العيد تعتبر من أجمل الأيام في حياته لما لها من ذكريات جميلة، كونها تحمل براءة الطفولة أيضاً، موضحاً أنه كان يذهب مع والده في الصباح لأداء صلاة العيد، ثم يتجهون لمعايدة الأقارب والأصدقاء.

وأشار إلى أنه ووالده كانا لا يعودان إلى المنزل إلا وتكون والدته قد جهزت الأكلات الشعبية، التي لا تزال موجودة على مائدة الاحتفال بالعيد حتى وقتنا الحاضر، كالحنيني، والمطازيز، والمرقوق، والجريش، وغيرها من الأكلات، مؤكداً أنها علامة بارزة على الاحتفال بالعيد.

وكشفت أم علي من سكان مدينة الدمام بالمنطقة الشرقية في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أن النساء في المنطقة اعتدن تقديم وجبة الأرز مع اللحم طوال الأيام الثلاثة الأولى من العيد، قبل أن يأتي الرجال لتناولها في وجبة الغداء، ويتبعهم في ذلك صغار السن، مشيرة إلى وجود أكلات شعبية أخرى تقدم في العيد، مثل الخنفروش، والشعيرية، والساقو، والقرص عقيلي.

وأوضحت أم علي، أن «القرص عقيلي» يعد من أبرز المأكولات الشعبية المقدمة في العيد، ومكوناته هي الأرز المطحون على الرحى، ويعمل بالبيض، والهيل، ويعجن، وبعدها يوضع على الجمر، ثم يقدم للزوار، ويعتبر مثل الكعك في الوقت الحاضر، وقالت «إن بعض هذه الأكلات انتقلت إلى أهالي المنطقة من الثقافة الكويتية».