عيد بلا فرح.. تعددت الأسباب والإحساس «واحد»

ضيع بهجته أحبة رحلوا عن الدنيا وآخرون تغربوا عن الأهل والأصحاب

تزداد حلاوة العيد مع الأحباب والأهل («الشرق الأوسط»)
TT

على رغم مرور نحو خمسة أشهر على وفاة والدة عبد الحميد زيد، ابن الـ25 ربيعا، إلا أن قدوم أول عيد فطر بدونها كان بمثابة تجديد لجرح أليم شعر به وعائلته عند فقدانها، لاسيما أنه يتيم الأب منذ أن كان في الثالثة من عمره، إلى جانب كونه يعول ثلاثا من أخواته، تبلغ أكبرهن الـ24 من عمرها. ويستهل حديثه لـ«الشرق الأوسط» بقوله «لا عيد من دون أمي»، مشيراً إلى أن شهر رمضان المبارك لم يختلف عن العيد سوى في انشغال أسرته قليلاً بأقاربهم، إلا أن موسم العيد شهد سفر معظم هؤلاء الأقارب لقضاء ما تبقى من الإجازة في مناطق متفرقة».

ويضيف «ذرفنا الكثير من الدموع بمجرد الإعلان عن دخول عيد الفطر المبارك، لاسيما أننا افتقدنا لحظات تقبيل والدتي والاستمتاع بدعواتها لنا»، مؤكداً أنه لن يشعر بلذة أي مناسبة قد تمر عليه بعد ذلك.

ومن منطلق «تعددت الأسباب والإحساس واحد»، يشعر أبو يزيد بالمعاناة ذاتها، كونه حديث العهد في الانفصال عن ابنه وزوجته التي تعيش حالياً في مدينة أخرى، ويقول «اضطررت إلى القدوم إلى جدة كي أقضي أول يوم من أيام العيد بالقرب من ابني، لذلك تخلفت عن المشاركة في إفطار العائلة الذي يجمع كافة أفرادها مع الأقارب»، لافتاً إلى أنه يأمل في العودة مجدداً لزوجته التي لم يطلقها حتى الآن.

وأوضح أنه إضافة إلى أفراد عائلته يعول أسرة أخيه المتوفى، الأمر الذي يرى بأنه يثقل كاهله أكثر، واصفاً ذاته بأنه «الأب الروحي» لهم، إضافة إلى كونه والداً فعليا لابنه الذي لم يتجاوز الست سنوات من عمره.

فيما تعيش آلاء أحمد حالة من الحزن الذي تحاول إخفاءه عمن حولها، بعد أن طلّقها زوجها منذ نحو شهر في اتصال هاتفي عبر هاتفها المحمول، من دون سابق إنذار «على حد قولها».

وتقول أحمد «أحاول التظاهر أمام والدتي بأنني لا أكترث لغيابه، إلا أنني أحترق في داخلي على أربع سنوات قضيناها معاً في جو يسوده الوئام»، مكتفية بتأكيدها على اشتياقها له.

وبشعور يشبه قليلاً ما تشعر به آلاء، تعيش أم راما ألم فراقها عن زوجها الذي غيبه الموت منذ نحو ستة أشهر، ليخلف وراءه ابنته التي لم تكمل عامها الأول بعد، وما يجعلها تزداد اشتياقاً له هي رؤيتها الدائمة لابنتها التي تشبه والدها إلى حد كبير.

وتضيف أم راما «توفي زوجي بين يدي بعد أن أصيب بسرطان في الدم، إذ عجزنا عن علاجه فاختار أن يفارق الحياة في المنزل أمامي»، موضحة أنها لا تنوي مطلقاً الارتباط بغيره، خاصة أنها مقتنعة بعدم وجود من يستطيع أن يمنحها الحب الذي شعرت به مع فقيدها.

وأفادت أنها قضت أول أيام عيدها مع والدها وإخوتها الذين يحاولون منحها بعضاً من الشعور بالسعادة، واصفة تلك المحاولات بـ«الفاشلة» نتيجة احتلال زوجها الراحل المكانة الكبرى في حياتها.

ولا يختلف حال فاطمة، إحدى العاملات المقيمات في السعودية عن من سبقها، لاسيما أنها قضت نحو ثلاث سنوات من عمرها بعيدة عن أبنائها الثلاثة الذين يعيشون على أرض بلدها الأم.

وتقول فاطمة «أحاول أن أشعر أبنائي بقربي لهم على رغم بعد المسافات، إذ إنني سنوياً أشتري لهم كسوة العيد لأبعث بها مع أي شخص من معارفي لتصلهم قبل العيد بأيام معدودة».

وتضيف «كلما أحادثهم هاتفياً يستقبلونني بالدموع، إلا أنني أحاول إخراجهم من ذلك الجو من طريق إخبارهم بما سأفعله أول أيام العيد، إذ إنني أجتمع مع أقاربي المقيمين في السعودية لنطهو معاً أشهر المأكولات لدينا ونتناولها معا، في محاولة منا لتخفيف الإحساس بالغربة».

وقد يعد العمل في أيام عيد الفطر المبارك نوعاً من البعد الاضطراري عن الأجواء العائلية المتعارف عليها في مثل هذه المناسبات، غير أنه قد يتم التغلب عليه بتسخير ما تبقى من الوقت لأفراد العائلة.

ويرى عبد الرحيم لنجاوي، أحد الموظفين في القطاع الخاص، أن أصعب ما يشعر به قبل ذهابه للدوام هو التخلي عن تجمع أقاربه أول أيام العيد حول مائدة الإفطار التي غالباً ما تحوي أصنافاً يحبها.

ويقول لنجاوي «ما يزيد غصتي قليلاً هو تعليقات أفراد عائلتي الساخرة أثناء نزولي للعمل، ما يجعلني أتظاهر أمامهم بحبي الشديد لوظيفتي»، موضحاً أنه يحدد جدول تنزهه منذ ليلة العيد كي لا ينسى نفسه في ساعات الدوام.

أما عبد العزيز سالم، الذي ينتظر انقضاء ما تبقى له من أشهر بعيداً عن أهله بغرض الدراسة، فقد اضطر إلى إرسال رسالة نصية موحدة لكل أصدقائه والمقربين له في الرياض مفادها أن يكونوا بخير من أجله.

وقال «طالبتهم بتقديم وعد يتمثل في تعويضي عن ستة أشهر قضيتها في إحدى الدول الأوروبية، إلى جانب الاحتفال بطريقتي الخاصة مع أصدقائي بعيد الفطر بعد العودة إلى بلدي».

وأضاف «ما يخفف عني بعض الشيء هو رؤية والديّ وإخوتي عبر الماسنجر، إضافة إلى امتناع شقيقي الأصغر عن الخروج أثناء تواجدي على جهاز الكمبيوتر ليقضي معي نحو أربع ساعات متواصلة، خاصة أن التوقيت بين البلدين يسهل علينا ذلك».